المعلوماتية > اتصالات وشبكات
تقنية تشكيل الحزم في شبكات الجيل الخامس (Beamforming Technology in 5G)
مع التطور السريع والمتزايد في مجالات الاتصالات الخلوية وازدياد عدد المستخدمين حول العالم إلى حدود كبيرة تفوق قدرة الجيل الرابع (4G) على استيعابها، توجهت كل الجهود والتطلعات إلى الجيل الخامس (5G) والذي بدأ يبصر النور ويطبق فعليًا في العديد من الدول. ولطالما كانت هوائيات المحطات القاعدية الخلوية (Cellular Base Station) موضع اهتمام كبير لدى الشركات المختصة في مجال الاتصالات الخلوية حيث كانت تعمل دائمًا على تطوير عمليات البث اللاسلكي وانتشار الإشارات بطرائق تحقق أفضل أداء من ناحية أمان البيانات المرسلة والمستقبلة ومن ناحية وصول الإشارة بشكلها الصحيح إلى المستخدمين وبالسرعات التي تحقق متطلباتهم، فنجد أن الهوائيات متعددة الاتجاهات المستخدمة في محطات البث الخلوي الخاصة بالجيل الرابع (eNodeB) تواجه كثيرًا من العقبات من ناحية انتشار الإشارة اللاسلكية ووصولها إلى المستخدم، حيث تعتمد في مبدأها على قرب أو بعد المستخدم عن الهوائي ضمن نطاق منطقة تغطيته. لذلك استمر السعي والبحث لإيجاد حلول دائمة لهذه العقبات الموجودة حاليًا. ولتجنب الوقوع بها في الجيل الخامس (5G)، عمل الباحثون على تطوير هوائيات ذكية بتقنيات جديدة ستستخدم في محطات البث الخلوي الخاصة بالجيل الخامس (5G) (1,2).
تقنية تشكيل الحزم (Beamforming Technology)
ترسل الهوائيات الذكية في محطات (gNodeB) والتي تعتمد على هذه التقنية حزم مرّكزة من أشعة البث الخلوي باتجاه المستخدم المطلوب بطريقة يتم فيها اختيار المسار الأفضل الذي يؤمن للمستخدم استفادة عالية جداً من البيانات المطلوبة. مما يتيح للمستخدمين الوصول إلى سرعات عالية جداً بوثوقية أكبر من عملية البث اللاسلكي الخلوي التقليدية، ومما يقلل من التداخل بين إشارات البث الخلوي الصادرة عن هذه المحطة القاعدية مع الإشارات الأخرى الصادرة عن المحطات المجاورة، أي يشبه استخدام هذه التقنية إلى حد ما عمل إشارة المرور في تنظيم حركة إرسال واستقبال الإشارات ووصولها إلى المستخدمين بأفضل طريقة ممكنة (1).
إن استخدام هذه التقنية سوف يزيح الكثير من العقبات التي كانت موجودة في الجيل الخلوي السابق (4G).
من المكاسب المتوقعة عند تطبيق هذه التقنية:
1) الكفاءة المثلى لاستخدام الطاقة:
إن عملية تركيز حزم أشعة البث الخلوي باتجاه المستخدم المطلوب سيوفر من كمية الطاقة المستهلكة من قبل محطة (gNodeB)، حيث ستوزع طاقة البث بما يتناسب مع الأجهزة المحددة وبكمية طاقة لا تزيد عن حاجة المستخدم، مما سيحقق توفيرًا واضحًا في إجمالي الطاقة المستهلكة من قبل محطة البث، ويوفر أيضاً في تكاليف تركيب مصادر الطاقة الإضافية ضمن هذه المحطات على عكس الطريقة المتبعة في محطات (eNodeB)، حيث كانت عملية البث تتم في اتجاهات متعددة ضمن الوسط الهوائي لتحقق انتشارًا أكبر ولضمان استفادة المستخدمين، مما سبب استهلاكًا كبيرًا للطاقة بالإضافة إلى ضياع قسم منها دون تحقيق أية فائدة منه. علاوًة عن عمليات التداخل التي كانت تحدث بين الإشارات مع إشارات المحطات المجاورة (2).
2) الاستخدام الأمثل للطيف الترددي:
سنجد بأن هذه التقنية ستتحكم بطيف الإشارة المرسلة والمستقبلة من (gNodeB) حيث ستعالجها بطريقة تحقق لنا أفضل جودة للإشارة. بالإضافة إلى أن تخصيص هذه الحزم للمستخدمين سيؤمن لهم سعات كبيرة تساعد على استيعاب أعدادهم الضخمة، وإتاحة أفضل استخدام لهم من ناحية السرعات العالية المطلوبة من جهة ومن ناحية تحقيق متطلباتهم من جهة ثانية (2).
3) زيادة نسبة أمان الأنظمة التي ستستخدمها:
بما أن هذه التقنية تهدف إلى توجيه الإشارة المرسلة بالتحديد نحو المستخدم الذي طلبها، فبالتالي نجد أن هذا المستخدم سيكون هو الطرف الوحيد لاستقبال هذه الإشارة بشكل رئيسي، وإن احتمال استقبال أي جهاز آخر لهذه الإشارة سيكون قليلاً جداً. مما يحقق لنا زيادة في الأمان بالنسبة للبيانات المرسلة والمستقبلة أكثر مما هي عليه في هوائيات محطات (eNodeB) المستخدمة حاليًا والتي لا تعتمد على هذه التقنية (2).
4) إمكانية استخدامها ضمن نطاق الموجات الميلمترية:
إن الموجات الميلمترية التي ستستخدم في الجيل الخامس (5G) ستكون تردداتها من رتبة (24 – 100) غيغا هرتز، وبالتالي هي موجات قصيرة لأن تردداتها مرتفعة جدًا لذلك فإن استخدامها في الاتصالات الخلوية سيكون صعبًا لأن المسافات التي تقطعها تعتبر قصيرة جدًا، وبالتالي لن نجد استفادة كبيرة منها من ناحية الانتشار ضمن الوسط الهوائي، ولكن عند تطبيق (Beamforming Technology) عليها فإنها ستكون فعالة بشكل أكبر حيث ستوجه إلى وجهات محددة حسب الحالات التي تكون مطلوبة منها، وبالتالي تحقق فعالية كبيرة جدًا بالوصول إلى المستخدمين وبأقل ضياعات لها وخاصًة لقدرتها على نقل كميات كبيرة من البيانات (2).
ولم يتوقف الباحثون عند هذا الحد بل عمدوا لتطوير هذه التقنية بشكل أكبر، حيث بدأ الحديث حاليًا عن نمط جديد ومتطور من هذه التقنية يدعى بتشكيل الحزم ثلاثي الأبعاد (3D Beamforming Technology)، ستستخدم في الأماكن المزدحمة بشكل كبير والتي تحوي على كثير من الأبنية الطابقية العالية، حيث ستعمل محطات (gNodeB) على بث الإشارات الخلوية بنفس مبدأ (Beamforming Technology) ولكن هنا ستبث حزم الإشارات بشكل أفقي وعمودي بنفس الوقت، مما سيساعد على وصول الإشارات لكل المستخدمين سواء كانوا على مستوى الأرض أو كانوا في الطوابق العالية للأبنية (3).
وفي النهاية نجد أن الأبحاث ما زالت مستمرة لتطوير الجيل الخامس (5G)، لإيجاد تقنيات جديدة تعمل على تحقيق أفضل كفاءة وإنتاجية لكافة موارد الاتصالات الخلوية المتاحة مما يوفر بيئة مريحة وآمنة تحقق متطلبات كافة المستخدمين حول العالم.
المصادر:
2. Ali E, Ismail M, Nordin R, Abdulah NF. Beamforming techniques for massive MIMO systems in 5G: Overview, classification, and trends for Future Research. Frontiers of Information Technology & Electronic Engineering. 2017;18(6):753–772. هنا
3. Wang J, Deng W, Li X, Zhu H, Nair M, Chen T, et al. 3D beamforming technologies and field trials in 5G massive MIMO Systems. IEEE Open Journal of Vehicular Technology. 2020;1:362–371. هنا