علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
التكرار وتأثيره على نفسية الإنسان
قررت عالمة النفس والموسيقى إليزابيث مارغولس قبل بضعة سنوات إجراء بعض التعديلات على مؤلفات لوشيانو بيريو.يعتبر لوتشيانو أحد أشهر الموسيقيين الكلاسيكيين في القرن العشرين والمعروف عالميا بقدرته المثيرة على التأليف.لكن مارغولس لم تقلق كثيرا من تعديل موسيقى قد وضعت بدقة من قبل بيريو. فقامت بتحميل إحدى أشهر المقطوعات الموسيقية لديه على الكمبيوتر و بدأت بعملية إعداد لتلك الموسيقى بشكل عشوائي عن طريق برنامج التعديل.
تقول مارغولس:" عندما بدأتُ ،كنت أقوم بنسخ وإعادة لصق الفواصل الزمنية أو ما شابهها بغض النظر عن القيمة الجمالية " وأضافت مارغولس :" لم أجرب أن أصيغ الفواصل الزمنية بشكل مقنع" .
كانت الفكرة من وراء هذا التعديل بسيطة و هي معرفة فيما إذا كان الناس سيعجبون أكثر بموسيقى بيربو من خلال عملية التكرار. و إحدى أهم الأسباب لاخيتارها موسيقا بيربو أنه كان جزءا ً من المدرسة الموسيقية التي تهدف بشكل فعال لإبعاد الموسيقى عن حالة التكرار.
وأضافت مارغولس أن 90 % من الموسيقى التي نسمعها هي عبارة عن موسيقى قد سمعناها من قبل ونعيد على مسامعنا الأغاني ذاتها مراراً وتكراراً وتتكرر من خلالها( التقسيمات و المقامات) الموسيقية. وقد أصبحت مهووسة في محاولة فهم لماذا هذه العملية من التكرار مقنعة أكثر للمستمعين.
لقد تم تقييم المقطوعتين من قبل جميع شرائح المجتمع عن طريق المقارنة بين مقطوعة لأحد أهم المؤلفين الموسيقيين بالقرن العشرين وبين مقطوعة لطبيبة نفسية في جامعة أركنساس عن طريق برنامج للتعديل وكانت النتائج كالآتي :
أعلن الناس شعورهم بمتعة أكبر بالمقاطع التي كانت تحتوي على التكرار ولكن ما أثار دهشة مارغلوس أنه من خلال التقييم ذكر الناس الذين خضعوا للتجربة أنها من المرجح أن تكون قد تم تأليفها من قبل فنان وليس بشكل عشوائي عن طريق الكمبيوتر .
ما الذي يجعل هذا النوع من التكرار يستهوي الناس؟
تقول مارغولس أننا كبشر ننجذب لعملية التكرار لأنها تحيط بنا وأن هذه العملية لاتقتصر على موسيقا البوب الاميركية فقط بل أنها تتواجد في جميع أنماط الموسيقى. ظهرت الموسيقى في الغرب قبل مئات السنين ولم تكن عملية التكرار تتسم بصفة الغرابة. يبدو أن عملية التكرار موحدة إذ أن جميع الثقافات تجعل من التكرار عنصراً رئيساً في الموسيقى.لقد وجد علماء النفس أن البشر يخشون من الأشياء الجديدة التي يواجهونها ولكن بمجرد تعرضهم لذات الموقف عدة مرات فإن هذا الشعور يختفي.
تقول مارغولس: "دعنا نقول أنك سمعت مقطوعة موسيقية وبعد فترة من الزمن سمعتها مرة ثانية ولكن لم تدرك أنك قد سمعتها من قبل . في المرة الثانية تتوقع مكان وجود الفواصل الزمنية. ومن خلال ذلك فأنك ستعجب بهذه المقطوعة وتبدو أجمل بالنسبة لك. "
وتضيف مارغولس أن عملية التكرار تسمح لنا بتركيز أنتباهنا على مايحيط بنا إذ أن في حالة التكرار الموسيقي ننتقل من الشكل الخارجي للموسيقى لنغوص في أعماقها.ونستطيع أن نجرب هذا بأنفسنا، على سبيل المثال هناك شخص يردد على مسامعنا نفس الكلمة عدة مرات في نفس الوقت بعد دقائق من هذه العملية نلاحظ أن القيمة المعنوية للكلمة قد اختفت وبدأ تركيزنا حول المقاطع اللفظية والصوتية.
يستخدم السياسيون الكثير من الإعلانات قبل عملية الانتخاب كتطبيق عملي على قوة التكرار.
يقول عالم النفس في جامعة أدلفي روبرت بورنستاين: "ليس مهماً مايحتوي الإعلان من معلومات بل تكمن الأهمية في التكرار الذي يعتمد على رؤية وجه الناخب بشكل مستمر و يعتمد أيضا على تكرار أسم الناخب الذي يجذب الأنتباه.
هل تعتقد أن تكرار الجمل الموسيقية مثير للاهتمام ؟
المصدر: هنا