البيولوجيا والتطوّر > التطور
اكتشاف بكتيريا تستخدم الكهرباء كغذاء لها
• اكتشاف مذهل!
إن قاع المحيطات مكان يصعب فيه تأمين الغذاء أو الحصول على الأكسجين حيث الراوسب الرملية.. لكن استطاعت أنماط من البكتريا، وبشكل مذهل، التأقلم واستهلاك الطاقة بأنقى صورها من خلال التقاط الالكترونات مباشرةً من الوسط المحيط بها من المعادن والصخور معتمدةً على السياط الشعرية المميزة لسطحها الخلوي .
هذه السياط مكَنتها من تطوير ما يشبه الموصلات (بطريقة مماثلة للأسلاك النحاسية) المستخدمة في كابلات توليد الطاقة الكهربائية، كما أن تواجدها ضمن مجموعة تضم عشرات الآلاف منها، أكسبها المقدرة على حمل ونقل الإلكترونات لأكثر من عدة سنتيمترات وتوليد الكهرباء!
• نمط التغذية العجيب
ولتوضيح نمط التغذية الخاص بها و تفسيره، سنقارنه مع نمط التغذية الخاص ببقية الكائنات الحية التي تعتمد حياتها وأنشطتها الاستقلابية على توفر جزئيات الطاقة ATP، التي تتوفر بعد تفكيك الكربوهيدرات المعقدة (كالنشاء) وتحرير الطاقة منها، حيث أنه خلال عمليات تفكيك تلك الكربوهيدات ينطلق سيل من الالكترونات التي يشكل انتقالها ضمن ما يسمى (سلسلة النقل الإلكتروني) أساساً لتشكيل جزيئات الطاقة الـ ATP.
أما هذه البكتريا التي أطلق عليها العلماء اسم (البكتريا الكهربائية) فقد اختزلت المراحل التي توصلها لتشكيل الالكترونات الضرورية لتوليد جزيئات ATP، وذلك عبر استهلاك تلك الإلكترونات مباشرةً من المعادن الموجودة في الوسط المحيط دون الاعتماد على تواجد السكريات وغيرها من المواد المغذية!
• البكتريا الكهربائية وتجارب العلماء
تمكن العلماء من التعرف على عشرات الأنواع منها مثالها الجنسان "Shewanella" و "Geobacter"، وهي أنماط تعيش في قاع المحيطات، تمَ استنباتها لاختبار مقدرتها في وسط يخلو من أي مادة مغذية وغرس أقطاب كهربائية (الكترودات) ومراقبة مقدرتها على الحياة و التكاثر.
تم بدايةً قياس الجهد الكهربائي الطبيعي في الراسب المحتوي على البكتريا وتسجيل النتائج، ومن ثم غرس الأقطاب الكهربائية، فكانت النتائج مذهلة حقاً!
ففي بداية التجربة زُوِّد الوسط بجهد كهربائيٍ عالٍ فتمكنت البكتريا من استهلاك الإلكترونات مباشرة والتغذي عليها (الجهد العالي يشير لوجود فائض من الإلكترونات حرة في الوسط)، وعند تخفيض الجهد الكهربائي وبوساطة عملية التنفس استطاعت ان تحصل على الإلكترونات من الإلكترودات (عند وجود جهد منخفض تلتقط الإلكترودات جميع الإلكترونات الموجودة ومن أي مانح لها)، هذه العملية ولدت تياراً كهربائياً قام العلماء بقياس شدته وإثبات نمط التغذية العجيب لدى هذه الكائنات.
• ماذا يمكن أن يفيدنا هكذا نمط من التغذية؟
يعتقد العلماء بأنه يمكن الاستفادة منها في تصنيع أجهزة حيوية قادرة على توليد طاقتها الكهربائية ذاتياً لتنقية المياة العادمة والمياه الجوفية الملوثة.
واعتبارها أداةً تمكنهم لاحقاً من معرفة وتحديد الحد الأدنى المطلوب من الطاقة للبقاء على قيد الحياة من خلال تطوير طرق استنباتها واكتشاف أنواع جديدة منها.
يوماً ما قد تكون هذه البكتريا المدهشة أحد أشكال الطاقة المتجددة كالرياح والشمس، يمكن أن تخزن الطاقة وتحافظ عليها لاستخدامها لاحقاً.
حياتنا مليئة بما لم يتم إكتشافه بعد، تأتي بكل ما يدهشنا لتبرهن لنا يوماً بعد يوم بانها سلسلة مستمرة من عمليات تطورية وتكيفية معقدة.
المصادر: