الفيزياء والفلك > علم الفلك
هل يمكن لأجسام باردة كالكواكب أن تكون في الماضي حارةً كالنجوم؟
اكتشف الفلكيون جسماً فلكياً بارداً جداً قد يكون مر بعدة تغيرات عبر تاريخ تشكله. فعلى الرغم من كونه الآن بارد كبقية الكواكب فمن المرجح أنه أمضى فترة شبابه كنجم حار .
درجة الحرارة الحالية لهذا الجسم تقدر بـ 100 إلى 150 درجة سيلسيوس أي تقريبا مابين درجة حرارة الأرض و الزهرة. ولكن الأدلة تشير على أن تغيراً كبيراً في درجة الحرارة قد حصل.حيث كان هذا الجسم ساخناً كالنجوم لملايين السنين في الماضي .
ينتمي النجم المسمى WISE J0304-2705 إلى فئة حديثة من النجوم والمعروفة بـ "الأقزام من النوع Y" وهي أبرد الفئات ضمن تصنيف النجوم المعتمد. على الرغم من أن درجة الحرارة مشابهة لتلك الموجودة في الكواكب، إلا أن هذا الجسم مخالف للكواكب الصخرية المشابهة للأرض، فهو عبارة عن كرة عملاقة من الغاز ومشابهة للمشتري.
تمكن الفريق الدولي من اكتشاف هذا النجم وتحديد نوعه باستخدام مرصد WISE –وهو تلسكوب تابع لـ NASA قام بتصوير كامل السماء لمرتين بالاعتماد على الأشعة تحت الحمراء المتوسطة. قام الفريق أيضاً بقياس طيف الضوء الصادر عن النجم، ما سمح لهم بتحديد درجة حرارته الحالية وفهم ماضيه بشكل أفضل.
حتى يومنا هذا، تم اكتشاف 20 نجماً فقط من فئة الأقزامY ، من بينها WISE J0304-2705 الذي تم وصف بأنه " فريد من نوعه " نتيجة الخواص الاستثنائية الموجودة في الطيف الضوئي الخاص به.
يشرح أحد أعضاء الفريق ‘‘تظهر القياسات التي قمنا باجرائها أن تركيب هذا النجم أو عمره أو كليهما يتوافق مع خواص أقدم الأجسام في المجرة. وهذا سيعني أن تطور درجة حرارته ربما كان شديد التطرف ‘‘.
السبب الكامن وراء تعرض WISE J0304-2705 لمثل هذا التبريد الشديد هو كونه "دون-نجمي"، أي أن المناطق الداخلية من النجم ليست ساخنة بما فيه الكفاية لحصول عملية اندماج الهيدروجين (العملية التي حافظت على حرارة شمسنا لمليارات السنين) وبدون هذا المصدر للطاقة من اجل المحافظة على استقرار درجة الحرارة، يُصبح التبريد والتلاشي أمراً مؤكداً .
إذا كان WISE J0304-2705 نجماً قديما بحسب المقاييس الكونية فان درجة حرارته خضعت إلى سلسلة من المراحل المعروفة:
* خلال العشرين مليون سنة الأولى من حياته: تكون درجة حرارة النجم على الأقل2800 درجة سيلسيوس أي نفس درجة حرارة النجوم القزمة الحمراء، مثل بروكسيما سينتوري أو قنطور الأقرب وهو أقرب النجوم للشمس.
*بعد 100 مليون عام : يبرد النجم ليصل الى درجة حرارة حوالي 1500 درجة سيلسيوس مع وجود سحب من السيليكات تكاثفت في غلافه الجوي.
* عندما بلغ عمره حوالي مليار عام : انخفضت درجة حرارته الى حوالي 1000 درجة سيلسيوس أي أصبح بارداً لدرجة تسمح بهيمنة الميثان وبخار الماء على مظهره. بعد ذلك، استمرت درجة حرارة النجم بالانخفاض وصولاً إلى درجة الحرارة الحالية، والتي بالكاد تكفي لغلي الماء لإعداد كأس من الشاي.
يمتلك WISE J0304-2705 كتلة تقريبية تصل ما بين 20 إلى 30 ضعف كتلة المشتري، أي في المنطقة التي تقع ما بين الكواكب النموذجية والنجوم التي تتمتع بكتلٍ أكبر. و لكن من حيث درجة الحرارة فربما قطع هذا النجم شوطاً طويلاً جداً من جسم شبيه بالنجوم حتى أصبحت الظروف السائدة فيه أشبه بخواص الكواكب.
بعد أن تم تحديد نوع النجم أجرى فريق البحث عمليات رصد أساسية من الأرض باستخدام بعض أكبر التلسكوبات في العالم كتلسكوب جيميني الجنوبي بقطر 8 متر، تلسكوب ماجلان بقطر 6.5 متر والتلسكوب بقطر 3.6 متر التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي. تقع كل هذه التلسكوبات في جبال الإنديز التشيلية.
ويشرح أحد أعضاء الفريق ‘‘شكلت القياسات الأرضية تحدياً كبيراً حتى بوجود أكبر التلسكوبات. كان الامر مثيراً جداً عندما أوضحت النتائج مقدار برودة هذا الجسم، وقد كان ذاك أمراً استثنائياً". وتقول ماريا تيريزا رويز عضوة الفريق من جامعة تشيلي ‘‘يطرح اكتشاف WISE J0304-2705 مع طيفه الضوئي الغريب تحديات مستمرة بالنسبة لأكبر التلسكوبات في العالم وأكثرها تطوراً والتي تم استخدامها في هذه الدراسة التفصيلية‘‘.
ومن المفارقة أن النجم WISE J0304-2705 يقع في كوكبة الكور (Fornax) مكذباً بالتالي قصة اسمها الذي يُشير إلى درجات حرارة مرتفعة.
لا يُوجد حالياً حدٌ أدنى لدرجات حرارة النجوم من فئة الأقزام Y وبالتالي ربما يُوجد الكثير من هذه الأجسام، التي تمتلك درجات حرارة أقل وتنوعاً أكبر، ولم يتم اكتشافها بعد.
دخل تلسكوب WISE في طور السبات في فبراير 2011 بعد قيامه بمهمة المسح الرئيسية. ولكن لاحقاً تمت إعادة تفعيل التلسكوب في ديسمبر 2013 ويستمر هذا التلسكوب بعمليات الرصد ضمن مهمة موسعة وتمتد على ثلاث سنوات.
يقول ديفد ينفيلد قائد فريق البحث ‘‘أعطانا WISE حساسية فريدة من اجل رصد الأجسام الباردة. وبوجود فترة عمل تمتد على أكثر من ثلاث سنوات، سنكون قادرين على البحث في السماء عن أقزامٍ من النوع Y، وعن التنوع الأكبر الخاص بها‘‘.
المصدر: هنا
حقوق الصورة: ESO/L. Calçada