الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة
أخلاقيات الحرب
إنَّ أخلاقيات الحرب، مجرّد نظريات في الفلسفة، تم التطرق إليها وبحثها ومناقشتها في كثير من الكتب والقواميس، وعند ذكر النظريات المتعلّقة بالأخلاق في الحروب نجد أنفسنا أمام السؤال التالي: هل الحرب عادلة؟
ولكن، لمّا كانت الحرب عبارةً عن نشاط اجتماعيّ ينتج عن مساعي جماعة معينة، فإذا أردنا الإجابة عن السؤال المطروح أعلاه، فيما إذا كانت الحرب عادلة أم لا، نحتاج لإيجاد المسؤول عن الحرب بالدرجة الأولى: هل هم أصحاب النفوذ والسلطة؟ أم الأفراد الأقل شأناً منهم؟ هل من المنطقيّ أن يتحمّل أفراد المجتمع جرائم حربٍ ارتكبتها دولتهم؟ وهل هناك فعلاً ما يسمى جرائم حرب؟
يرى بعض النقاد أنَّ العدالة في الحروب مجرد افتراض نظريّ، صِيغَ ليقوم بتبرير قيام الحروب. أمّا داعموا السلام (Pacifist) فيرفضون أن يتم اعتبار الحروب أو أيَّ شكلٍ من أشكال العنف عملاً أخلاقياً.
بالطبع الآراء تختلف وتنقسم، فهناك من يرفض الحرب ولا يعترف بها تحت أي اسم كان (Absolutist Pacifists)، وهناك من يسوّغها في حالة الدفاع (الحروب الدفاعيّة)، أو في حال حفظ السلام.
وهناك فئات تدعم الحرب أيضاً لأسباب مختلفة غير السلام، فهي بنظرهم وسيلة لنشر ثقافاتٍ معيّنة ولزيادة سيطرة الدولة، كما أنّها تحقق رغباتهم في الحصول على ألقابٍ معينة كالمجد والشرف.
وبلغ الأمر من بعض الأشخاص والمفكرين نفيهم لكل مبادىء الإنسانيّة والأخلاق في إطار الحرب.. يقول، على سبيل المثال، Moltke ملك بروسيا في القرن التاسع عشر: " في الحرب تكون أساليب القتال العنيفة أكثر الأساليب إنسانيّة لأنها تعجل بوضع حدٍّ للنزاع. والنضال الذي يهدف لحفظ كيان شعبٍ من الشعوب ينتفي معه كل اعتبارٍ جماليّ"..
كما استوحى هتلر بعضاً من أفكار Moltke، ومن بعض ما ورد في كتابه "كفاحي" نقتبس التالي:
" عندما تناضل الشعوب من أجل كيانها لا يبقى محلٌ للاعتبارات الإنسانيّة والجماليّة، لأن هذه الإعتبارات ما كانت لتكون لولا مخيلة الإنسان، فمتى توارى هو تورات معه، لأنَّ الطبيعة لا تتعرف عليها، والشعوب التي تنزل إلى حلبة النضال للدفاع عن كيانها وحقّها في البقاء، لا تلبث أن تفقد القدرة على الدفاع عن نفسها إن هي أولت المبادىء الإنسانية والاعتبارات الجماليّة من اهتمامها وعناياتها أكثر مما تستحق"...
بين الداعين للسلم والمناهضين للحروب، وأولئك الذين أهدروا كل القيم الإنسانية في سبيل الحروب نعود إلى السؤال الذي سبق طرحه، من المسؤول في الحرب؟ أصحاب النفوذ والسلطة فحسب؟ أم أن جميع أفراد الدولة مسؤولون، بما فيهم الجنود وغير الجنود؟
وللإجابة على الأسئلة التي طرحناها لا بدً أن نبحث في ارتباط أخلاقيّات الحرب مع النظام الحاكم والمسؤول عن إعلان الحرب، فإذا كان هذا النظام ديكتاتورياً أو غير ديمقراطيّ، أو كان المسؤولون عن قرار الحرب غير خاضعين لسلطة ورأي الشعب تقع مسؤولية الحرب على كاهل القادة المسؤولين عن القرار فقط. أما إذا كان النظام ديمقراطياً، يخضع فيه القادة وممثلوا الشعب لرأي الأفراد في المجتمع فإنَّ الشعب ككلّ مسؤولٌ عن هذه الحرب.
لفهمِ الموضوع بشكلٍ أكبر لا بدَّ من فهم منشأ الحروب وذكر نوعيها:
1- الحرب المطلقة (Absolute war):
تتطلب تسخير جميع المصادر الموجودة في المجتمع، بالإضافة إلى تسخير المواطنين لصالح الحرب.
يرى أنصار الحرب المطلقة أن انتماء المرء إلى مجتمعٍ ما يحتم عليه حمايته، وعلى جميع الأشخاص الذين يستطيعون المحاربة من المواطنين القيام بواجبهم الحربيّ للدفاع عن دولتهم ومجتمعهم.
2- الحرب الشاملة (Total War):
هي غياب تام لأيِّ سيطرة أو حدود.
يرى أنصار الحروب الشاملة بأن التهديدات الخطيرة للجسد السياسيّ بإمكانها منع الضعف التدريجي للقيود الأخلاقية، ويشددون على أهمية الحروب في تقوية القيم المجتمعيّة.
يرفض بعض الفلاسفة الاعتراف بوجود منافع أو نواحي إيجابيّة للحرب من حيث أن طبيعتها لا تتلائم مع أدنى التصرفات الأخلاقيّة. ولكن وعلى الرغم من ذلك، يرى آخرون بعضاً من النواحي الإيجابيّة في العلاقات التي تبنى بين المحاربين. كما يرون بعض الإيجابيّات من الناحية الاجتماعيّة، فالظروف والأحداث التي يمر بها المحاربون في المعارك تكسبهم خبرات يستطيعون بها إغناء مجتمعهم. وكما ذكرنا سابقاً، ذهب البعض في تقديسه للحرب أنْ نافى كل القيم الإنسانيّة والجماليّة....
المصدر: www.iep.utm.edu/justwar/
مصدر الصورة: هنا