الفنون البصرية > فن وتراث
غوستاف كليمت صاحب القبلة الأشهر فنّياً
منذ حوالي عام 1900 وحتّى وفاته 1918، سيطر غوستاف كليمت على الساحة الفنّية في فيينا عاصمة النمسا والتي حضنت أسماءً لمشاهيرَ تركوا أثراً بارزاً أمثال سيغموند فرويد وغوستاف ماهلر...
ولد كليمت في 14تموز 1862 في بلدة صغيرة تُدعى بومغارتن، تقع قرب العاصمة فيينا، وكان الطفل الثاني لعائلة بسيطة.. درس مع شقيقه أرنست كليمت الفن الزخرفي في مدرسة فيينا للفنون التطبيقية، حيث تعلم في سن مبكرة (كان في سن الرابعة عشر) تقنيات متنوعة في الموزاييك وصنع اللوحات الجصّية. عمل في سنٍّ صغيرة مع والده الذي كان يعمل حدّاداً ونقّاشاً في بيوت الطبقة البروجوازية.
قام كليمت مع فنانين آخرين عام 1890 بتأسيس جمعية دُعيت بـ "حركة الانفصال الفنية في فيينا"، عُنيت بمجابهة المفاهيم الفنية التقليدية وقواعد الفن الكلاسيكي.
استطاع كليمت بلوحاته وأسلوبه ترسيخ نظريته التي طالما نادى بها: لا فرقَ بين سكان القصور وبين عامة الناس، وليس هناك من فن للنخبة وآخر للعامة.
في عام 1894 أوكل لكليمت رسم ثلاثية تشكيلية من المفترض أن تمثل ثلاثة كلّيات وهي "كلية الحقوق، كلية الفلسفة، كلية الطب"، ومن ثم وضعها كسقف قاعة ماغنا في جامعة فيينا..
إبداع كليمت المدهش وللأسف لم يصل إلى يومنا هذا بسبب احتراق الثلاثية جراء الهجوم النازي نهاية الحرب العالمية الثانية.
قُوبل عمل كليمت بالاستهجان والنقد القاسي وتم رفضه من إدارة الجامعة ومردّ ذلك إلى الرموز والإيحاءات الجنسية الفاضحة التي امتلأت بها اللوحة.
للأسف كان أسلوب كليمت الواقعي أمراً مستهجناً وغريباً لم يتماش مع تزمت ذوق المجتمعات آنذاك.
بحسب رأي النقاد، فإن غوستاف كليمت لم يعطِ العاريات في لوحاته شكل الآلهة كما اعتاد الفن الكلاسيكي تصوير العري، بل رسم نساء محيطه.. عاريات!
كان ذلك سبباً أساسياً في خسارته المادية التي رافقته طيلة حياته، لكنّه بقي وفياً لأسلوبه وفنّه.
تتميز أعماله التي اتسمت بكثرتها ب شخصياتها المضطّربة وألوانها الداكنة والمساحات الزخرفية الذهبية المشغولة كلوحة فسيفسائية بعناية واهتمام بالتفاصيل.
نستطيع القول أن كليمت هو خيرُ من أجاد تصوير جسم الأنثى بشكلٍ واقعيٍّ غارقٍ في الأنوثة والحلم، دامجاً بين روح الفن الكلاسيكي والحداثة التشكيلية.
عُرف عنه أنّه "زير نساء"، وفي متحف فيينا "فيين ميوزيم" توجد مجموعة من ممتلكات غوستاف الشخصية بينها أربعمئة رسالة تبادلها مع صديقته "إميلي فلوغي" تشير إلى أن مرسلها ما هو إلا شخصٌ هادئٌ متحرر.. ورقيق.
في صورة من الصور القلائل له، يظهر غوستاف بنظرةٍ ماكرة وشعرٍ أشعث وثيابٍ رثّة، يقف ممسكاً بقطّته وسط مرسمه. تلك هي واحدةٌ من الصور الأشهر للفنان النمساوي غوستاف كليمت الذي شغل العالم بـ "قبلته".. والتي كان يجب أن نبقي الحديث عنها حتى النهاية.. فتلك القبلة، وإن لم تكن لوحته الوحيدة، لكن قُدّر لها أن تحتل مكانتها ضمن أفضل خمس لوحات في تاريخ الفن التشكيلي العالمي.
فلنبحر معاً في هذهِ اللوحة :
يمعن في تقبيلها مبحِراً في وجهها، بينما تذوب هي عشقاً، فاقدةً ذاتها بين يديه في لحظة نشوة، سابحَيْن معاً في دوّامةٍ ذهبيّةٍ وأشكالٍ مرصَّعةٍ ملوّنةٍ كتعبيرٍ عن الانفجار العاطفيّ لحبّهما. بخلفيّةٍ غير محدّدةٍ تشير إلى الخلود واتّحاد الأنفس الّذي يمكن للقبلة أن تولّده.. عندها يتحوّل كلّ شيءٍ ليصبح مشرقاً جميلاً وذهبيّاً.
من أشهر لوحاته :
المصدر :