الطب > مقالات طبية
الـ ALS وتحدي سطل الماء المثلّج
في إطار حملة التوعية ضد مرض التصلب الجانبي الضموري ALS، انطلق قبل عدة أسابيع في الانترنيت "تحدي دلو الثلج Ice Bucket Challenge"، شارك فيه مئات من المشاهير من نجوم وسياسيين وأناس عاديين، حيث يقوم الشخص بملء دلوٍ من الماء المثلج ويسكبه على رأسه أو يتبرع بمبلغ من المال قدره 100 دولار على الأقل. وبعد ذلك يتحدى ثلاثةَ أشخاص آخرين، وإذا رفض أيٌّ منهم التحدي يتبرع بقدرٍ من المال لصالح جمعيات خيرية تموّل بحوثاً علمية واختراعاتٍ طبية لمعالجة مرض "التصلب الجانبي الضموري"، وهو أحد الأمراض التي تشل حركة الإنسان ولا يوجد له علاج حالياً.
يعتبر "كوري جريفين" (27 عاماً) هو صاحب فكرة هذا التحدي، حيث كان يسعى طوال حياته لابتكار حل لمرض التصلب هذا الذي أصيب به صديقه، إلا أنه وللأسف وبعد أن بدأ الحملة بفترة قصيرة لقي حتفه إثر حادث غرق في ولاية ماساتشوستس الأميركية، بعد أن قفز من على سطح مبنى مكوّن من طبقتين مخصّص للغطس في المياه وقفز منه إلى الماء ولم يخرج بعدها.
من أشهر الذين قاموا بهذا التحدي "مارك زوكربرج" مؤسس الفيسبوك، و"بيل غيتس" صاحب شركة مايكروسوفت، والرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش". وفضّل الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" التبرع بالمال.
أما أشهر المصابين بهذا المرض فهو "ستيفن هوكينغ" عالم الفيزياء النظرية البريطاني، حيث أُصيب بالمرض منذ كان عمره إحدى عشر عاماً. ويجلس هوكينغ منذ أعوام على كرسي متحرك ويتحدث بواسطة كومبيوتر خاص.
قد يتساءل البعض عن علاقة دلو الثلج بمرض التصلب الجانبي الضموري. في الحقيقة علّل البعض هذا الأمر بأنّ سكب الماء البارد على الرأس يجعلك تفقد الإحساس بعضلاتك لثوانٍ معدودة فيشعرالشخص بشعور هؤلاء المرضى الذين فقدوا السيطرة على حركتهم، في حين قال البعض الآخر بأنّ هذه الفكرة تسويقيةٌ فقط ولا علاقة لها بالمرض.
لكن ما هو هذا المرض (التصلب الجانبي الضموري) وما هي أسبابه وما هي أعراضه ؟ وهل من علاجات متوفرة له حالياً؟
التصلّب الجانبي الضموري أوAmyotrophic lateral sclerosis (ALS) : هو مرض عصبي مُمِيت، مُتَرَقٍّ بسرعة، يهاجم الخلايا العصبيّة في الدماغ والنُخَاع الشَّوْكي، وهذه الخلايا العصبيّة مسؤولة عن السيطرة والتحكم بالعضلات الإرادية مثل: عضلات الذراع والساق والوجه. وينتمي هذا المرض لمجموعة من الاضطرابات المعروفة ب "أمراض الأعصاب الحركية" والتي تتميّز بانحلال وتفسّخ تدريجي وبعدها موت الخلايا العصبية المُحَرِّكة.
كذلك يدعى هذا المرض أيضاً بداء "لو غيهريغ" Lou Gehrig's disease.
1- الأسباب:
1 من كل 10 حالات من الـ ALS هي نتيجة لخلل وراثي مثل: حدوث طفرة تُحدث تغيّراً في صناعة جزيئات الحمض النووي الرّيبي RNA، أما باقي الحالات فسببها مجهول.
في هذا المرض تتخرب الخلايا العصبيّة (العَصَبونات) أو تموت، ومن ثَمّ لا تستطيع هذه الخلايا أن تَنقل الرسائل (السيّالات العصبيّة) إلى العضلات، وهذا بدوره سيؤدي إلى ضعف عضلي ونَفَضان twitching (ارتعاشات شديدة)، وعدم القدرة على تحريك الذراعين والساقين وباقي أعضاء الجسم.
ستتطور هذه الحالة ببطء إلى الأسوأ إلى أن تَشمل الإصابة عضلات الصدر المسؤولة عن الحركات التنفسيّة، وعندها سوف تكون عملية التنفس صعبة أو مستحيلة عند المريض.
يُصيب الـ ALS خمسة أشخاص من بين كل 100.000 شخص في جميع أنحاء العالم. ولا توجد عوامل خطورة معروفة تؤهّب للإصابة بهذا المرض، باستثناء وجود أحد أفراد الأسرة ممن أصيبوا وراثيّاً به.
2- الأعراض:
يُمكن أن تَظهر الأعراض في الأعمار المُبكرة، إلا أنّها عادةً ما تتأخر بالظهور حتى سن الـ 50. ويعاني الأشخاص المصابون بهذا المرض من ضعف في قوة العضلات وفي قدرتها على التّنسيق؛ الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى جعل القيام بالمهام الروتينية - كصعود الدّرج والقيام من الكرسي والبلع - أمراً مستحيلاً.
قد تُصاب عضلات التّنفس أو البلع منذ البداية، ومع تطور المرض تصاب مجموعات عضلية أخرى مما يخلُق مشاكل أخرى حسب المجموعة العضلية المصابة.
من المهم أن نعلم أن هذا المرض لا يؤثّر على الحواس (البصر والشم والذوق والسمع واللمس)، كما أنه يؤثّر في حالات نادرة فقط على وظيفة المثانة أو الأمعاء أو حركة العين أو قدرة الشخص على التفكير والمحاكمة المنطقية.
تتضمّن الأعراض:
• صعوبة في التّنفس.
• صعوبة في البلع.
• الشردقة.
• سيلان اللعاب.
• التهوّع (المنعكس الذي يحرض على التقيؤ).
• انحناء الرأس بسبب ضعف عضلات الرقبة.
• تشنج العضلات.
• تقلص مجموعات من العضلات، والمُسمّى بالارتجافات الحزَمِيّة Fasciculations.
• ضعف عضلي يزداد سوءاً ببطء؛
في البداية، غالباً يُصاب جزء واحد من الجسم كالذراع أو اليد بالضعف العضلي.
وفي النهاية ؛ يؤدي ذلك إلى صعوبة في رفع الأشياء وصعود الدرج والمشي.
• الشلل.
• مشاكل في الكلام، كتغيّر نبرة الخطاب (تداخل الكلمات، كلام بطيء أو غير طبيعي).
• تغيّر أو بحّة في الصوت.
• نقص الوزن.
3- الاختبارات التي تساعد في التشخيص:
• التحاليل الدموية لاستبعاد الأمراض الأخرى.
• اختبار وظائف الرئة للتأكد من وجود إصابة رئوية.
• تصوير مقطعي مُحَوسب (طبقي محوري) CT للعمود الفقري في منطقة العنق، أو تصوير بالرنين المغناطيسي MRI للتأكد من عدم وجود أذيّة في منطقة العنق، والتي من الممكن أن تُشابه في أعراضها مرض التصلب الجانبي الضموري.
• التخطيط الكهربائي للعضلات Electromyography لتحديد العضلات أو الأعصاب التي لا تعمل بشكل سليم (أين توجد المشكلة تحديداً).
• اختبارات وراثيّة في حال وجود قصة عائلية للإصابة بـ ALS .
• تصوير طبقي محوري أو بالرنين المغناطيسي للدماغ، لنفي الأسباب الأخرى.
• دراسة منعكس البلع.
• بَزْل قَطَني (أي بزل أو سحب السائل الدماغي الشوكي بالإبرة، والقيام بفحصه وتحليله).
4- العلاج:
لا يوجد حتى الآن علاجٌ شافٍ معروف للـ ALS، وهناك دواء يدعى بـ "ريلوزول" Riluzole يساعد على إبطاء الأعراض ويتيح للمريض العيش لمدة أطول.
هناك علاجات أخرى للسيطرة على الأعراض الأخرى :
• الباكلوفين Baclofen أو Diazepam (المعروف بالفاليوم) للتخفيف من التشنج العضلي.
• تري هكسي فينيديل Trihexyphenidyl أو دواء الأميتريبتيلين amitriptyline؛ للمرضى الذين يواجهون صعوبة في بلع اللعاب.
• العلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل واستخدام الكرسي المتحرك قد تكون ضرورية لمساعدة العضلات في القيام بوظائفها.
• الشردقة شائعة (حيث يدخل الطعام أو الماء إلى الطرق التنفسيّة بدلاً من مروره إلى المريء)، ولذلك قد نضطر عند بعض المرضى إلى إجراء تفميم للمعدة (فَغْرُ المَعِدَة)، أي إدخال أنبوب إلى داخل المعدة عبر جدار البطن من أجل التغذية.
• التغذية مهمة جداً، إذ أن مرضى الـ ALS يميلون إلى خسارة وزنهم، كما أن المرض بحد ذاته يزيد من الحاجة للغذاء والسعرات الحرارية، وفي نفس الوقت مشاكل البلع تجعل من التغذية أمراً صعباً.
• يمكن استخدام الأجهزة التي تساعد على التنفس (إذ أن المرض يصيب العضلات التنفسية ويجعل التنفس أمراً صعباً أو مستحيلاً)، وهناك الأجهزة التي تستخدم في الليل فقط وهناك أجهزة التهوية الآلية التي تستخدم بشكل مستمر.
• يجب مناقشة موضوع وضع المريض على جهاز التهوية الآلية مع المريض وعائلته.
5- إنْذار المرض Prognosis:
المرضى المصابون بـ ALS سيفقدون بالتدريج قدرتهم على القيام بوظائفهم والعناية بأنفسهم، ويحدث الموت عادة خلال (3-5) سنوات من التشخيص. يعيش مريض واحد فقط من بين كل 4 مرضى لأكثر من خمس سنوات بعد التشخيص.
مصدر المقال:
مصدر الصورة:
Elise Amendola