البيولوجيا والتطوّر > التطور
الأسماك التي تمشي تكشف للعلماء عن أسرار انتقال الأنواع من الماء إلى اليابسة
قد يساعد هذا الاكتشاف الجديد على فهم كيفية انتقال الأسماك كأسلاف للبشر الحاليين إلى اليابسة، حيث يعتبر انتقال الأسماك الضخمة المسماة -Stem tetrapods- من المياه الى اليابسة، إحدى أهم المراحل في عمر المملكة الحيوانية، على اعتبار أن الزواحف والبرمائيات والثدييات نشأت عن هذه الأسماك..
فبحسب عالمة التطور وكاتبة الدراسة "Emily Standen" فإن الأعداد الكبيرة للأسماك في ذلك الوقت أدى الى نشوء منافسة كبيرة على الموارد المتاحة في المياه، الأمر الذي دفع بعضها الى الانتقال الى اليابسة و الاستفادة من الغذاء الذي كان متوافراً عليها.
لكن كيفية هذا الانتقال الى الحياة على اليابسة هو ما يبقى لغزاً يتحدى الباحثين، ولهذا، فهم يحاولون دراسة سمكة الـ - bichir- أو -Polypterus senegalus- والتي تملك رئتين لتنفس الهواء وزعانف قصيرة وثخينة تساعدها في الحركة على الأرض كما لديها العديد من الخواص المشتركة مع ال-Stem tetrapods-.
وعليه قام الباحثون بتربية مجموعات من أسماك الـ -bichir- على الأرض لمدة ثمانية أشهر لملاحظة التغيرات في البنى التشريحية لهذه الأسماك وكيف ستتحرك على الأرض بالمقارنة مع الأسماك التي بقيت في الماء.
و لكن المحافظة على هذه الأسماك الصغيرة تطلب منهم القيام ببعض التجهيزات، فقد بنوا أحواض مائية تؤمن عدة ميليمترات من الماء في الأسفل و أجهزة أخرى لأبقاء الأسماك رطبة كل الوقت لتبقيها حية.
وجد الباحثون أن الأسماك التي عاشت على اليابسة اختلفت بشكل واضح عن التي عاشت في الماء حيث أبقت رؤوسها أعلى، زعانفها أكثر قرباً الى أجسامها، مشت بخطوات أسرع، و تموجت أذيالها بوتيرة أقل بالإضافة الى أنّ زعانفها انزلقت بشكل أخف من نظيراتها التي عاشت في الماء، كما خضعت إلى تغيرات في هياكلها العظمية وعضلاتها فساعد ذلك في تغير تصرفاتها بالنسبة للحركة، هذه التغيرات أدت الى تحرك أسماك الـ -bichir- بفعالية أكبر على اليابسة بشكل إجمالي.
هذه الاكتشافات فاجأت الباحثين القائمين على التجارب وأظهرت أن هذه الأسماك ذات "مرونة" أكثر مما كان مُعتقداً في السابق، وهذه الصفة هي ما ساعدها على النمو بشكل مختلف اعتماداً على البيئة الموجودة.
وبالنظر الى التشابه بين بنية الـ -bichir- و بنية الـ -stem tetrapods- التشريحية فمن الممكن أن تكون أسماك الـ -stem tetrapods- قد امتلكت نفس مرونة أسماك الـ -bichir- الأمر الذي سهل انتقالها الى اليابسة.
كما تضيف "Emily" فالأسماك التي كان لها القدرة على التلاؤم مع اليابسة بسرعة وجدت أمامها بيئة غنية بالحشرات والنباتات بالإضافة الى خلوها من المفترسات أو المنافسة على الغذاء، كما أن هذه الخواص ساعدت على تحول الميزات المكتسبة من العيش على اليابسة إلى تركيبات دائمة في هذه الحيوانات.
يبقى اكتشاف هذه الميزة في أسماك الـ -stem tetrapods- صعباً فهو يتطلب العثور على أحافير تعود الى مجموعة منفردة من هذه الاسماك تمتلك تغيراً طبيعياً فيها حسب "Hans Larsson" المشارك في كتابة البحث وعالم في الحفريات الفقارية الذي أضاف بأنه باستطاعة الباحثين في المستقبل البحث عن الآليات الجينية والتطورية الكامنة خلف المرونة الموجودة في أسماك الـ -bichir- التي يعملون على تربية أجيال متعددة منها على اليابسة لرؤية المدى التي ستصل له قدرتها على التكيف وثبات هذه التغيّرات على المدى الطويل.
المصدر: