العلماء يتحكمون بقرارات القردة بإستخدام أقطاب كهربائية.

العلماء يتحكمون بقرارات القردة بإستخدام أقطاب كهربائية.

لطالما كان النقاش حول الإرادة الحرة مركز جدل بين العلماء والفلاسفة: فهل لدينا فعلاً السلطة على القرارات التي نتخذها أم أن الإرادة الحرة مجرد وهم كبير؟ أظهرت الدراسة التالية انه يمكن في الحقيقة ان ينطبق ذلك على القردة اذا ما تم زرع اقطاب كهربائية في دماغها، حيث يأمل العلماء أن يؤدي هكذا لاكتشاف مدخل إلى أنواع جديدة من علاجات الإدمان والاكتئاب. فقد تبين أن التنشيط الصنعي لأماكن محددة من الدماغ يمكنه أن يلعب دوراً رئيسياً في التأثير على المناطق المسؤولة عن التعلم، التحفيز، والمكافأة. هذا التنشيط دفع القرد في التجربة إلى تغيير خياره الأساسي بالنظر الى احدى صورتين كانتا قد عرضت عليه، وبالنتيجة مكن العلماء من إتخاذ القرارات عوضاُ عن القرد. أظهر علماء في مستشفى ماساشوستس العام (MGH) وجامعة لوفن (Leuven) في بلجيكا أن تنشيط المنطقة الغشائية البطنية (ventral tegmental area) -وهي عبارة عن مجموعة من الخلايا العصبية متمركزة في قاعدة الدماغ المتوسط- يؤدي إلى تغيير في السلوك عند القرد عبر تفعيل نظام المكافأة في الدماغ.

وكانت دراسات سابقة قد اظهرت إرتباطاً بين النشاط العالي في المنطقة الغشائية البطنية واستجابات إيجابية عند القرد، ولكن تلك الدراسات لم تتمكن من اثبات أن نشاط هذه المنطقة هو المسؤول الرئيسي عن التغيرات في السلوك. في بداية الدراسة، عرض الباحثون صورتين على كل من القرود المشاركة، ثم حددوا الصورة التي يفضلها كل منهم عبر متابعة حركة العيون. وبعد السماح للقرد بمشاهدة الصورتين بنفس الوقت و تحديد أفضلية كل قرد لصورة معينة، نشط الباحثون الدماغ بتفعيل الأقطاب الكهربائية في اللحظة التي نظر القرد فيها إلى الصورة الأقل تفضيلاً. بفضل هذا الإجراء، سرعان ما غير القرد خياره بالنظر من صورته المفضلة إلى الصورة التي كانت الأقل تفضيلاً لديه في البداية. وقد لاحظ العلماء أنه عندما يتزامن التنبيه الكهربائي للدماغ مع نظر القرد الى صورة معينة، فإن انتباهه وتفضيله يتحول لتلك الصورة. حيث كان بالامكان تحويل انتباهه من صورته المفضلة الى الصورة الأقل تفضيلا ومن ثم عكس العملية.

في مجموعة أخرى من التجارب، تم عرض فيديو على القرود حيث توالت صورتان فيه كل 5 ثواني، تبع احداهما فقط تنشيط كهربائي للدماغ. بعد تكرار هذه التجربة، تم التوصل إلى أن القرود تغير تفضيلها الى الصورة التي يتبعها التنشيط الكهربائي للدماغ، كما وأظهرت صور الأشعة أن تنبيه المنطقة الغشائية البطنية تود نفس الاستجابة الدماغية التي تحدث عند مكافأة القرد بعصير الفواكه اي عند تنبيه مركز التحفيز والمكافأة.

يقول الدكتور Wim Vanduffel من جامعة هارفرد ومشفى ماساشوستس: "إن الدراسة أظهرت أهمية توقيت التنبيه على الدماغ في احداث الاستجابة، حيث لاحظنا أن التنبيه الذي يحدث مباشرة بعد القيام بعمل ما فإن القرد اكثر ميل للقيام بذلك العمل مجددا، كما أن توقيت التنبيه مهم لأنه يعطي قيمة أكبر للمنبه المستخدم في تحقيز سلوكيات أخرى في المستقبل".

وبالرغم من أن تحفيز المناطق العميقة في الدماغ عند الانسان يتطلب عمليات جراحية ثقيلة، إلا أن الأمل يكمن في التقنيات المستقبلية مثل الموجات الفوق الصوتية أو التفعيل الضوئي التي قد تسمح بعلاج شتى الشوائب في نظام المكافأة في الدماغ، المسؤول عن الإدمان أو صعوبات التعلم.

البحث أجراه زميلنا Samy Rima العضو في مبادرة الباحثون السوريون.

البحث الأصلي: هنا

المصدر: هنا