علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
بعد كل ماعانيناه من الامتحانات...هل من فائدة؟
على الرّغم من سمعة الامتحانات السيئة اليوم في الأوساط العلميّة إلا أنها ما زالت الأسلوب الأهم المتبع للتقييم في مختلف المنشآت الأكاديمية والعلميّة في العالم!
وعلى الرّغم من الكم الهائل من الثغرات في هذا النظام التعليمي من مختلف النواحي، إلا أنّه ما زال الى هذا اليوم يمنح تقييماً لا بأس به عن خريجي الجامعات والمعاهد ومقدراتهم الاكاديمية.
اخترنا لكم في "الباحثون السوريون" مجموعة من الدراسات العلميّة الّتي بحثت في أهمية الامتحانات، والفوائد التي تعود بها على كل من ذاكرة الطالب وأدائه التعليمي.
ففي إحدى تلك الدراسات، جمع الباحثون 84 من طلاب الجامعات لتلقينهم مجموعتين من المعلومات في بيولوجيا ونمط حياة طيور الطوقان الاستوائية،
وقُسّم الطلّابُ في هذه التجربة إلى ثلاث مجموعات:
- اختُبرت الأولى منها مباشرةً بعد أخذِ المجموعة الأولى من المعلومات وقبل تلقينهم المجموعة الثانية.
- و أخذت الثانية مجموعتيّ المعلومات دفعةً واحدة.
- في حين اختيرت المجموعة الثالثة كمجموعة للمراقبة ولم تعطى إلا المجموعة الأولى من المعلومات.
في اليوم التالي، خضعت المجموعات الثلاث لاختبارٍ يتضمن أسئلةً من كافة المعلومات، تفوقت فيه المجموعة الأولى على الجميع بنتائج ملحوظة، ما دفع الباحثين إلى نصحِ الأكاديميات بزيادة تواتر الاختبارات لتحسين التخزين طويل الأمد للمعلومات الممتحنة وغير الممتحنة.
وفي تجربةٍ أخرى مشابهة تعود أصولها لحوالي ال 100 عام، قام باحثون بإجراءٍ مماثل على مجموعات من الطلاب يدرسون المقرّر ذاته تحضيراً لامتحانٍ نهائيّ.
وقد تبيّن أن المجموعة الّتي خضعت لفحص متوسط خلال فترات التلقين أدّت امتحاناً أفضل بكثير من غيرها؛ وأبسط التفسيرات لهذه النتيجة أن تلك المجموعة حظيت بفرص أكبر من غيرها لدراسة المقرر أكثر من مرّة قبل الامتحان، ولكن ذلك ليس السبب الحقيقي وراء تلك النتائج، بل يكمن السبب في أن الاختبار الذي تعرضت له هذه المجموعات زادت من ترسيخ المعلومات لدى الطلاب ومن تثبيتها في ذاكرتهم.
دراسةٌ أخرى نُشرت للباحثَين 'Henry L. Roediger III' و 'Jeffrey D. Karpicke' تثبت أن القيام بامتحانات بعد قراءة المادّة المطلوبة يعطي فائدةً أكبر من قراءتها عدّة مرّاتٍ، خصوصاً إذا كنت تحضر لامتحانٍ نهائي بعد أسبوع من التعلم مثلاً.
إذ لاحظ الباحثان أنّ المعلومات التي أُعيدت قراءتها، تذكر أصحابها 70% منها فقط عندما اُختبروا بها بعد يومين، بينما استطاعت المجموعة الّتي قامت باختبارٍ جزئيّ حال أخذها للمعلومات أن تتذكر 100% من المعلومات المطلوبة في الامتحان النهائي.
وقد أطلق الباحثون مفهوماً أسموه "التأثير الامتحاني" (The Testing Effect) أو "تأثير التدريب على الاسترجاع" (The Retrieval Practice Effect)، ويخلص هذا المفهوم إلى أنّ الطلاب الّذين يتعرّضون لامتحانات أكثر، يُطلب منهم استرجاع المعلومات والخبرات المكتسبة من ذاكرتهم بدل من أن يقوموا بإعادة دراستها بشكلٍ متواتر من المراجع والكتب؛ مما يرسّخ المعلومات في ذاكرتهم بقوة أكبر.
علاوةً على تحضير الطلاب ليتجاوزوا امتحانتهم بأداءٍ أعلى، فإن تعرض الطلاب لمهاراتٍ ومعلوماتٍ جديدة بشكلٍ دائم يساعدهم على تشكيل بنىً عقليّة معقّدة يمكنهم استخدمها في شتّى الظروف!
في النهاية، علينا أن نغيّر نظرتنا إلى الامتحانات، فهي ليست فقط وسيلة تقييمٍ في نهاية الفصل بل هي مجموع الوسائل الّتي تساعد على تطوير مهارات الطلاب منذ بداية الفصل حتى نهايته، بتقوية المعلومات المتعلمة وكشف مواطن الضعف لتطويرها، كما وتجدر الاشارة الى ضرورة العمل على تطوير هذه الانظمة الامتحانية بنفس الوقت واستبدال بعضها باختبارات دورية، وتقريبها من عقل الطالب كأداة لصقل معارفه ومساعدته، وليس كوسيلة للتخويف والحكم المطلق على مقدراته.
المصادر: هنا