أدلة تدعم ظاهرة الدماغ الكيميائي لدى بعض مرضى السرطان

هل استطاعت الأدلة الجديدة إثبات وجود تأثيرات سلبية للعلاج الكيميائي على الدماغ أو مايعرف بالدماغ الكيميائي "chemo brain"؟

ادّعت دراسة تم إجراؤها في اجتماع جمعية العلاج بالأشعة في شمال أمريكا عام 2012 وجود أدلة فيزيولوجية على مايسمى "الدماغ الكيميائي" "chemo brain" وهو عبارة عن "تشوش عقلي" يؤثر على التركيز والذاكرة تمت ملاحظته عند بعض مرضى السرطان بعد العلاج الكيميائي.

حيث لاحظ العلماء عند إجراء التصوير الطبقي لانبعاث البوزيترون (positron emission tomography)* بالمشاركة مع التصوير الطبقي المحوري وجود تغيرات واضحة في وظائف الدماغ بعد العلاج الكيميائي بما في ذلك انخفاض ملحوظ في الاستقلاب (تناقص في الطاقة المستخدمة) في مناطق معينة من الدماغ، وتبين أن هذه المناطق هي تلك المسؤولة عن التخطيط وتحديد الأولويات.

كما أوضحت النتائج البدئية لدراسة أخرى حديثة تم إجراؤها في جامعة Manchester في المملكة المتحدة انخفاض أداء مرضى السرطان في الاخبارات المعرفية* وذلك على الأقل في السنوات الخمس التالية لتلقي العلاج. حيث لوحظ أن أكثر من نصف المرضى المشاركين في الدراسة حصلوا على درجات متدنية قريبة من درجات السكان الذين يشكلون نسبة 10% الأقل قدرة في اختبار القدرات الفراغية spatial ability* بينما كان ربع هؤلاء المشاركين ضمن نسبة 10% الأقل قدرة في الذاكرة اللغوية طويلة الأمد.

هذا يعني أن العديد من المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين 16-50 سنة قد يعانون من صعوبات في التعلم، وهذا يدعم بكل تأكيد ظاهرة "الدماغ الكيميائي" التي يعاني منها العديد من مرضى السرطان.

يقوم الباحثون حالياً بالعمل على اختبارات إضافية لدراسة بعض العوامل الأخرى التي قد تنتج عن العلاج الكيميائي، كالاكتئاب أو التعب وذلك في محاولة لفهم آلية هذا العجز الحاصل. كما سيتم إجراء تحاليل أخرى في المستقبل لدراسة المدة التي قد تستمر بها هذه التأثيرات.

تعد الدراسة السابقة الأولى من نوعها في المملكة المتحدة لدراسة تأثير العلاج الكيميائي على الذاكرة والانتباه عند مرض مصابين بأنواع مختلفة من السرطان شملت، سرطان الثدي واللمفوما والساركوما وأورام الخلايا الإنتاشية*.

يقول Nigel Revell، مدير التعليم والدعم في أمانة سرطان المراهقين Teenage Cancer Trust أن نتائج الدراسة تؤكد شكوك خبراء السرطان بأن العلاج الكيميائي يؤثر في الشباب الخاضعين لعملية العلاج والذين عادوا إلى دراستهم ولكنهم يواجهون صعوبات في التكيف نتيجة ضعف الذاكرة وضعف القدرة على التركيز.

وقد كان الهدف من هذه الدراسة تحسين نوعية حياة مرضى السرطان الشباب الذي تتراوح أعمارهم 13-24 عام والذين لا يزال معظمهم في مرحلة التعليم ويرغبون في متابعة طريقهم بعد انتهائهم من العلاج الكيميائي. ويعد هذا الأمر ضرورياً نظراً لتزايد عدد الأشخاص الذين يعيشون مع السرطان أو بعد العلاج منه.

-------------------------------------------------

الهوامش:

* التصوير المقطعي لانبعاث البوزيترون (PET Scan)، وسيلة شعاعية استقصائية تستخدم لتشخيص بعض الأورام، أو لمتابعة سير علاج بعض الأورام، تقوم على تركيز الأشعة على المناطق المصابة بالمرض.

*الاختبارات المعرفية تجرى لاستقصاء الوظائف المعرفية عند بعض المرضى بعد العلاج، وهي تتضمن اختبارات عديدة لوظائف معرفية عديدة كالذاكرة والادراك والتفكير .. إلخ.

*القدرة الفراغية، هي قدرة المرء على تمييز الأشكال بأبعادها الثلاثة وتجسيمها.

*أورام الخلايا الإنتاشية (germ cell tumers): أورام تصيب خلايا معينة في الجسم تمتلك القدرة على التطور لخلايا وظيفية.

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا