الطب > مقالات طبية
اضطراب الهوية الجنسية
الخُنوثة (الخُنثى) Intersex:
هي مجموعة من الحالات التي يكون فيها تناقضًا بين الأعضاء التناسلية الخارجية والداخلية (الخُصيتان والمِبيضان).
والمصطلح القديم للخُنُوثة يُعرَف بـ (Hermaphroditism)، وجاءت هذه التسمية نتيجة ضمِّ اسمي الإله والإلهة اليونانيَين بعضهما مع بعض (هرمز وأفروديت)؛ فالإله هرمز Hermes: هو إله الجنس الذكري أمَّا الإلهة أفروديت Aphrodite فهي إلهة الجنس الأنثوي والحب والجمال.
ويُطلَق على هذه الحالة حاليًّا DSDs، والتي تعني اضطرابات التطور الجنسي.
1- الأسباب Causes:
يمكن تقسيم الخُنُوثة إلى أربع فئات هي:
1) خُنوثة مؤنثة (46XX،).
2) خُنوثة مذكرة (46XY،).
3) خُنوثة حقيقية الغدد التناسلية (خُنوثة حقيقية قُندِية).
4) خُنوثة مُعقدة أو غير مُحددة.
وعلى الرَّغم من طرائق التشخيص الحديثة؛ لكنَّ لا يُمكن تحديد السبب في معظم حالات الخُنوثة.
أمَّا الآن؛ فسوف نناقش بالتفصيل كل نوع من الأنواع الأربعة السابقة.
أولًا- الخُنوثة المؤنثة (46-XX).
إنَّ الشخص في هذه الحالة يكون لديه صِبغيات امرأة ومِبيض امرأة؛ لكنَّ الأعضاء التناسلية الخارجية مذكرة.
ولكن ما الآليّة لحدوث ذلك؟ هنا غالبًا يكون الجنين أنثى؛ لكنَّها تعرضت لكميات زائدة من هرمونات الذكورة قبل الولادة (أي في أثناء الحمل).
حسنًا إذن ما التغيرات الطارئة؟ في هذه الحالة يلتحم الشفران مع بعضهما ويتضخم البَظر ليصبح مشابهًا للقضيب، وعادةً يكون الرحم وقناتا فالوب لدى هذا الشخص طبيعية وتُدعَى هذه الحالة أيضًا بـ "التَراجُل" Virilization أو (الخُنوثة الأنثوية الكاذبة) Female Pseudohermaphroditism.
ويحدث هذا النمط من الخُنوثة نتيجة عدة أسباب هي:
• فرط تَنسُّج الغدة الكظرية الولادي أو الخلقي وهو السّبب الأكثر شيوعًا؛ إذ يزداد إفراز الهرمونات الذكرية (الأندروجينات).
•إعطاء هرمونات الذكورة مثل: التستوسترون للأم في أثناء الحمل.
• أورام منتجة للهرمونات الذكورية عند الأم الحامل خاصة أورام المبيض.
• عَوز (نقص) إنزيم الأروماتاز Aromatase؛ وهذا لا يُمكن ملاحظته حتى سن البلوغ.
الأروماتاز: هو إنزيم يُحوِّل الهرمونات الذكرية إلى هرمونات أنثوية، وإن زيادة نشاط الأروماتاز يُؤدِّي إلى تراكم كميات كبيرة من الإستروجين (هرمون أنثوي)، أما عَوز الإنزيم فيؤدي إلى خُنوثة مؤنثة.
ولأنَّ هذه الحالة قد لا نلاحظها حتى البلوغ؛ فإنَّ الأطفال ذوي الصيغة الصبغية المؤنثة XX الذين نَمَوا إناثًا من الممكن أن يبدؤوا بأخذ خصائص ذكرية.
ثانيًا- الخُنوثة المذكرة (46-XY):
وهنا يكون لدى الشخص صبغيات (كروموزومات) ذكرية؛ لكنَّ الأعضاء التناسلية الخارجية تكون مبهمة وغير واضحة أو قد تكون أنثوية بوضوح.
أما داخليًّا فقد تكون الخُصيتان طبيعيتين أو مشوهتين أو غائبتين، وتُدعَى هذه الحالة أيضًا (ما تحت التراجُل) Undervirilization أو "الخُنوثة المذكرة الكاذبة" Pseudohermaphroditism.
ويقتضي تشكل الأعضاء التناسلية الخارجية الذكرية توازنًا ما بين الهرمونات الأنثوية والهرمونات الذكرية، ولهذا السبب فإنَّ ذلك يقتضي وجود هرمونات ذكرية بكمية مناسبة وبوظيفة طبيعية.
- الأسباب التي تؤدِّي إلى مثل هذا النوع من الخُنوثة هي:
• مشاكل في الخُصيتين: تُنتِج الخصيتان طبيعيًّا الهرمونات المذكرة، وإن لم تنتجها فسوف يؤدِّي هذا إلى حدوث هذا النوع من الخُنوثة، وهناك عدة
أسباب تؤدِّي إلى قصور في عمل الخصيتين ومنها: خلل تَشكُّل الغدد التناسلية Gonadal Dysgenesis.
• اضطراب في تشكيل التستوستيرون (الهرمون الذكوري): يتكون التستوستيرون في عدة مراحل، وكل مرحلة تحتاج إنزيمًا مختلفًا ويمكن أن يؤدِّي عَوز أي من هذه الإنزيمات إلى تشكيل كميات غير كافية من التستوستيرون؛ ممَّا يؤدِّي إلى ظهور أشكال مختلفة من هذه الخنوثة، ويمكن أن يندرج فرط التنسُّج الولادي الذي يُصيب الغدة الكظرية تحت هذا النوع من الأسباب.
• مشكلات في استقلاب التستوستيرون: فبعض الأشخاص لديهم خُصَىً طبيعية وكميات كافية من التستوستيرون لكنَّهم مصابون بالخُنوثة؛ فكيف حدث ذلك؟
يحدث ذلك في حالتين:
1- عَوز إنزيم (5-alpha-reductase): يُحوِّل هذا الإنزيم التستوستيرون إلى ديهيدروتستوستيرون dihydrotestosterone (DHT)؛ لكنَّ عَوز هذا الإنزيم سيمنع من هذا التحول الضروري والمهم للاستفادة من التستوستيرون.
ولعَوز هذا الإنزيم خمسة أنماط على الأقل؛ لذلك فإنَّ بعض الأطفال لديهم أعضاء تناسلية ذكرية وبعضهم لديه أعضاء تناسلية أنثوية ويُوجد قسم يمتلك أعضاء تناسلية بين الذكرية والأنثوية، وتتحول الأعضاء التناسلية الخارجية إلى أعضاء مذكرة عادةً عند البلوغ.
2- متلازمة عدم الحساسية للأندروجين (متلازمة الاستئناث الخُصيوي)* Androgen insensitivity syndrome: فهذا السبب هو الأكثر شيوعًا ويؤدِّي إلى الخنوثة المذكرة، وهنا تكون الهرمونات طبيعية لكن المشكلة تكون على مستوى المستقبِلات إذ إنها لا تعمل عملًا صحيحًا.
ويُوجد لهذه المتلازمة أكثر من 150 شكلًا نظرًا لوجود أكثر من 150 عيبًا من العيوب التي تسبب هذه المتلازمة.
ثالثًا- الخُنوثة حقيقية الغدد التناسلية (خُنوثة حقيقية قُندِية).
في هذه الحالة يمتلك الشخص نسيجًا مِبيضيًّا ونسيجًا خُصيويًّا في آن معًا؛ إذ يُمكن أن يجتمع النسيجان في غُدة واحدة (القُنْد نفسه) أو ما يُسمَّى الخصمبيض ovotesis، أو أن يمتلك الشخص مبيضًا واحدًا وخصية واحدة.
وقد يمتلك الشخص صبغيات (XX) أو صبغيات (XY)، أو كليهما معًا.
وربما كانت الأعضاء التناسلية الخارجية مبهمة، وربما كانت أنثوية أو ذكرية وتُدعَى هذه الحالة بـ "الخنوثة الحقيقية True Hermaphroditism" ، ومعظم حالات هذا النوع من الخنوثة غير معروفة السبب على الرَّغم من أن بعض الدراسات على الحيوانات أظهرت دورًا للمبيدات الحشرية الزراعية في حدوثها.
رابعًا- الخُنوثة المعقدة أو غير المحددة:
إنَّ بعض الاضطرابات الصبغية قد تسبب اضطرابات في التطور الجنسي، وتتضمن هذه الاضطرابات:
•متلازمة تورنر (XO-45): في هذه الحالة يكون لدى المريضة صبغي X واحد فقط ويغيب الآخر.
• متلازمة كلاينفلتر (XXY-47) ومتلازمة تثلُّث الصبغي (XXX-47): وفي كلا الحالتين لدينا صبغي جنسي زائد؛ إمَّا X وإمَّا Y.
لا تتظاهر الاضطرابات السابقة بالخُنوثة، لكنَّها تترافق باضطرابات على مستوى الهرمونات الجنسية والتطور الجنسي وعدد الصبغيات الجنسية.
2- الأعراض Symptoms
ويعتمد ظهور الأعراض هنا على الحالة المسببة للخنوثة :
- أعضاء تناسلية مبهمة عند الولادة.
- صغر القَضيب.
- ضخامة البظر.
- عدم نزول الخُصيتين (والتي قد تتحول إلى مبايض) عند الذكور.
- كتل مِغبنية (إربية) قد تتحول إلى خُصى عند الإناث.
- إحليل تحتاني (مبال تحتاني) إذ تكون فتحة الإحليل في هذه الحالة أسفل القضيب عند الذكور، أما عند الإناث فقد تكون فتحة الإحليل مفتوحة ضمن المهبل.
- أعضاء تناسلية غريبة وغير عادية.
- اضطرابات شاردية .
- تأخر البلوغ أو عدم حدوثه بالأصل.
- تغيرات غير متوقعة عند البلوغ.
3- العلاج Treatment.
لقد كان الرأي السائد في الماضي أنَّه من الأفضل تعيين الجنس في أسرع وقت ممكن، وذلك بالاعتماد على الأعضاء التناسلية الخارجية أكثر من الاعتماد على الصبغيات، وإرشاد الآباء حتى لا يكون لديهم أي التباس أو غموض في أذهانهم عن جنس الطفل.
وغالبًا ما تجرى جراحة عاجلة؛ إذ تُزال أنسجة المِبيض أو الخُصية من الجنس الآخر (أي يُستَأصل المبيض من الذكر والخُصية من الأنثى).
فعمومًا كانوا يُعدُّون إعادة تصنيع الأعضاء التناسلية الأنثوية أسهل من تصنيع الأعضاء التناسلية الذكرية؛ لذا إن كان الخيار الصحيح غير واضح تمامًا؛ فغالبًا ما يُبرمَج الطفل ليكون فتاة.
وفي الآونة الأخيرة تغيّر رأي العديد من الخبراء؛ فالعديد منهم يحفّزون تأخير العمل الجراحي التصحيحي ما دام الطفل بصحة جيدة من أجل أخذ رأي الطفل في تحديد جنسه.
وفي النهاية لا بد من التنويه أن الخُنوثة هي مسألة معقدة، وعلاجها يترافق مع عواقب قصيرة الأمد وطويلة الأمد والعلاج الأفضل يعتمد على عدة عوامل من ضمنها السبب النوعي الذي أدَّى إلى الخُنوثة.
* معلومات أوفى عن هذه المتلازمة تجدونها في الرابط الآتي:
المصدر:
مصدر الصورة:
MS MR Photographed by Craig McDean for Interview Magazine