الكيمياء والصيدلة > صيدلة
هل من الممكن ألا يكون للسيروتونين دور في الاكتئاب؟
كتير سمعنا إنو السيروتونين ألو علاقة بالاكتئاب ولازم ناخد دواء معين لحتى يرتفع مستوى السيروتونين، بس يا ترى هل بالفعل انخفاض السيروتونين يؤدي إلى الاكتئاب؟! التفاصيل بالمقال..
السيروتونين...ناقلٌ عصبي لطالما اعتقد العلماء أنّ انخفاض تركيزه في الجملة العصبيّة المركزيّة يشكّل أحد أسباب الاكتئاب النفسي، وبناءً على هذه الفكرة فقد تمّ منذ الثمانينات طرح العديد من الأدوية التي تعمل بأليّة تثبيط عود التقاطه وبالتالي رفع مستواه في المشابك العصبية (مثل: فلوكسيتين المشهور ب Prozac، سيرترالين Zoloft ، باروكسيتين Paxil) وكانت ومازالت هذه الأدوية من العلاجات الرئيسيّة للمرض.
لكنّ أمراً مهماّ ظل دائماً يثير شكّ العلماء ويجعلهم يعيدون النظر في مدى صحّة هذه الفرضية، إذ أنّ المرضى الذين تناولوا هكذا نوع من الأدوية لم تتحسّن لديهم الأعراض إلّا بعد فترة طويلة، فمن البديهي أنّ تناول الدواء سيؤدي مباشرة إلى زيادة مستوى السيروتونين وبالتالي اختفاء الأعراض، لكنّ هذا لم يحدث..بالإضافة إلى ذلك فإن حوالي 60- 70% من المرضى لم يحدث لديهم أي تحسّن، لذا فكّر العلماء كيف يمكن إثبات أو نفي دور السيروتونين في ذلك؟
لقد لجؤوا إلى إحداث تعديلاتٍ وراثية تسمى knockout في الفئران أدّت إلى عوزٍ في المورثة المسؤولة عن اصطناع أنزيم يدعى تربتوفان هيدوكسيلاز2 فما دور هذا الأنزيم وما نتائج هذا التعديل؟
إن هذا الأنزيم يتواسط التفاعل الأول في مسلك اصطناع السيروتونين وبالتالي عدم تشكّل هذا الأنزيم سيؤدي بالنتيجة إلى عدم تشكّل السيروتونين، أي نظرياً يجب أن تعاني الفئران من أعراض الاكتئاب نتيجة انخفاض مستوى السيروتونين، فهل هذا ما حدث؟
للتأكّد فيما إذا كانت الفئران المعدّلة وراثياً تعاني من الاكتئاب قام العلماء بإجراء مجموعة من التجارب السلوكية وهنا كانت المفاجئة حيث وجدوا أن ردود فعل الفئران تحت الضغط كانت مماثلة لردود فعل الفئران الطبيعية ولم يكن هناك أي استجابة توحي بأن الفئران المعدّلة وراثياً تعاني من الاكتئاب وأنّها مختلفة عن الفئران الأخرى، حتى أنّ مجموعةً من الفئران المعدلّة قد استجابت لعلاج الاكتئاب بنفس الطريقة التي تستجيب لها الفئران غير المعدّلة.
هكذا تمكّن العلماء من نفي الدور التقليدي للسيروتونين في حدوث الاكتئاب على الأقل عند الفئران فماذا عن البشر؟ وهل من المعقول أن يتم نفي ذلك أيضاً؟ فلنترك هذا للأبحاث القادمة...
وبالتالي فإن المهمّة المقبلة تكمن في معرفة الأسباب الأخرى المؤثّّرة والعمل على إيجاد أدوية تتوافق معها.
المصادر: