البيولوجيا والتطوّر > التطور
كيف استطاعت الطيور القدامى الطيران
كيف استطاعت الطيور القدامى أن تطير؟ هل سقطت من الأشجار فتعلمت الرّفرفة بأجنحتها لتجنب الاصطدام بالأرض؟ أم أنها وببساطة قامت بالركض وتحريك أذرعها لتساعدها على الارتفاع والطيران؟
إنّ رفرفة صغار الطيور (الفِراخ) يقدّم لنا دليلاً على طريق معرفة أصل الطيران، حيث يكمن أصل هذا الموضوع قبل 150 مليون سنة الآن، ولكن الدراسة الحالية زوّدتنا بدليل جديد؛ لدى الطيور مقدرة غريزية للمناورة في الجو. ويمكن أن تكون هذه الموهبة قد ساعدت أسلافهم لتعلّم الطيران بدلاً من مجرد السقوط من الأعالي والاصطدام بالأرض.
وجَد الباحثون أنّ صغار الطيور يستطيعون رفرفة أجنحتهم بنجاح ليعدّلوا وضعيتهم عند السقوط من العش وذلك منذ اليوم الأول لهم من العمر، وتتطوّر هذه المهارة لديهم إلى أن يصبحوا محلّقِين رشيقين مع التّقدم بالعمر.
فانطلاقاً من أول يوم في حياتهم، يستطيع 25% من هذه الطيور أن يتمايلوا في الجو ويهبطوا على أقدامهم عندما سقوطهم. وهذا ما يرجّح فكرة أنّ حتى أجنحةً بدائيةً قد تؤدي وظائف هوائية مهمة.
يقوم الفراخ بتعديل وضعيتهم عبر رفع وخفض أجنحتهم بشكل غير متماثل ليقوموا باللف أو الدوران. ونلاحظ في هذه الدّراسة بأن 100% من الطيور قد تطوِّرت لديهم الرفرفة المتناسقة والمتماثلة بالإضافة إلى التحكم والسيطرة على الجسم من أجل البقاء على الوضعيّة السّليمة بعد تسعة أيام فقط من فقسهم من البيوض.
وهكذا نجد أنّ هذه المقدرات تتطور بسرعة كبيرة بعد الفَقْس، وتحدث قبل ظهور عملية رفرفة الأجنحة لحمل وزن الجسم عند صعود المنحدرات. وبالتالي تسلط هذه النتائج الضوء على أهمية المناورة والسّيطرة والتّحكم في تطوير وتنمية وتطوّر الطيران في الطيور.
كان أحد الباحثين في الدراسة واحداً من الداعمين لفكرة أنّ تطوّر المناورة في الجو يسبق تطوّر الطيران، وجاءت هذه التجربة لدعم أفكاره. ويوضح فكرته بأنّ لا أحد يريد أن يكون مقلوباً، وهذا خطر بشكل خاص عند السقوط في الهواء. فوجود هذه القدرة الغريزية على تصحيح الوضعية في الجو عند الحيوانات التي لا تمتلك الأجنحة، يجعل الأمر أسهل وأسرع وأكثر فعالية عند ظهور الأجنحة.
ولكنه يشير أيضاً إلى أنّ بعض العلماء يفترضون أنّ الطيران نشأ من رفرفة الأجنحة مع الركض عند صعود المنحدرات wing-asisted incline running، ويعتقدون بتطوره عند أحد أنواع الديناصورات والذي يدعى "قدم الوحش" theropod dinosaur والذي يعدّ سلف الطيور الحاليين.
ولكن مشكلة هذا الافتراض هو عدم ملاحظة هذا النوع من النشاطات في الطبيعة كثيراً، على عكس سلوك التصحيح الذي يمكن ملاحظته عند الكثير من أنواع الحيوانات وبكثير من الأشكال لتفادي الاصطدام بالأرض.
ويقترح الباحثون أنّ مثل هذا الافتراض ممكن ولكنه يشارك في العملية لاحقاً بعد الرفرفة غير المتناظرة، وأنّ هذه المناورة ضرورية جداً في كل مراحل تطور الطيران ومن الضروري ظهورها باكراً. ومشاهدة هذا الشيء يتطور أولاً في الفراخ الصغيرة جداً يدعم هذه الفكرة بشكل غير مباشر.