الفيزياء والفلك > علم الفلك

مالذي سيعنيه اكتشاف صفائح جليدية على سطح قمر يوروبا

إذا كانت لديك خطة لدراسة قمر المشتري "يوروبا" فإن وكالة الفضاء الأميركية NASA سترغب حتماً بالاستماع لما لديك. فمع أنه لا توجد حاليا خطة واضحة لدراسة هذا التابع الذي يحتمل نظرياً أن يحتوي على شكل أو عدة أشكال من الحياة في المحيطات الموجودة تحت طبقاته الجليدية، إلا أن هناك اهتماماً واسعاً بدراسته وفحص اعماقه.

ولابد أن هذه الحالة من الحماسة والاهتمام سوف تتضاعف الان بشكل هائل بسبب الأخبار الهامة التي ظهرت في السابع من أيلول الحالي عن احتمال وجود صفائح ضخمة من الجليد تتزاحم مع بعضها البعض في حركتها على سطح يوروبا تماما كالصفائح التكتونية الصخرية الموجودة على كوكبنا والتي تتزاحم مع بعضها اثناء حركتها مسببة نشاطاً جيولوجياً على سطح الكوكب. نشاطٌ جيولوجيٌ كهذا على سطح يوروبا سيعني أن سطحه متصل مع أعماقه مولداً منافذ تسمح بمرور الأملاح والمعادن وحتى الميكروبات أيضاً.

وقد حقق هذا الاكتشاف كل من سايمون كيتنهورن الجيولوجي من جامعة ايداهو في موسكو ولويز بروكتر المختصة بعلوم الكواكب في جامعة جون هوبكنز. تم ذلك بعد تفحصهما الدقيق للصور التي التقطها مركبة غاليلو التابعة لـ NASA والتي دارت حول المريخ بين أعوام 1995 و 2003. مع أن معظم صور المركبة للقمر يوروبا كانت غير واضحة كلياً ولكن كيتهورن و بروكتِر تفحصا بشكل دقيق جداً واحدة من المناطق على سطح قمر يوروبا والتي التقط لها صور عالية الدقة.

قام العالمان بتركيب الصور وفحصها لدراسة كيفية تطور سطح يوروبا بمرور الزمن. ولكنهما لاحظا وجود نقص كبير لدى محاولتهما اعادة تركيب سطح يوروبا. وقد استنتجا أن الجزء المفقود قد تهاوى بطريقة ما نحو باطن القمر.

اقترح العالمان لحل هذه المشكلة وجود منظومة من الصفائح التكتونية الجليدية بسماكة بضعة كيلومترات تنزلق فوق وسط أكثر دفئاً من الماء والجليد. عندما تصطدم صفيحة جليدية بأخرى وتبدأ بالغوص نحو الأسفل تذوب وتصبح جزءاً من الجليد والماء في الأسفل. ولكن بدون وجود صور عالية الدقة للمناطق الأخرى من يوروبا فالباحثان لا يمكنهما أن يحددا ما إذا كان الذوبان هذا يحدث في مواقع أخرى. وفي حال كان الأمر كذلك كما يشرح مايكل بلاند مختص علم الكواكب فإن ذلك سيعني وجود دورات مابين السطح والأعماق للمواد الداعمة لوجود حياة (تنقل هذه المواد من أملاح وعناصر معدنية ومايكروبات مابين السطح والأعماق) مما يؤدي لزيادة فرص وجود حياة في المحيطات تحت الطبقات الجليدية على سطح يوروبا.

يضيف هذا الاكتشاف (في حال التأكد منه بشكل أوسع) مزيداً من الحماس الذي أشعلته الأرصاد التي ذكرت مشاهدة أعمدة من بخار الماء المندفع من القطب الجنوب للقمر يوروبا وذلك في كانون الأول 2013. لم تشاهد هذه الاندفاعات منذ ذلك الوقت وقد لا تكون مرتبطة بنظام الصفائح الجليدية المقترح. وسيكون على NASA أن تضع مهمة قد تستطيع ان تستوضح حقيقة هذه الاكتشافات بشكل أدق.

خلال السنوات الماضية وضع المهندسون في مختبرات الدفع النفاث في NASA مخططات لمهمة قد تكلف ملياري دولار لإرسال مركبة محملة بمجموعة من الأدوات لاستكشاف يوروبا بشكل معمق. ولكن التكلفة العالية أوقفت التخطيط لها وقد طلبت NASA افكاراً واقتراحات لمهمة لا تزيد تكاليفها على المليار دولار. وقد ذكرت عدة تقارير أنهم بصدد تقييم عددٍ من الأفكار حالياً.

ومع أن NASA قلقة حيال التكلفة الكلية لمهمة استكشاف يوروبا، فالوكالة تملك التمويل اللازم على الأقل للمدى القصير. فعلى مدى العامين السابقين منح الكونغرس لأقسام العلوم الكوكبية التابعة لـ NASA أكثر مما طالبت هذه الأقسام به بعشرات الملايين من الدولارات وقد وجهت اللجان المعنية في الكونغرس لانفاق هذه المنح المالية على المهمات المصممة لاستكشاف يوروبا. وقد كان الباحثون المختصون بدراسة يوروبا سعيدين بذلك.

كيتنهورن كان من جهته متحمساً جدا لذلك. فبحسب رأيه من الواضح أن هناك المزيد مما يجب أن نتعلمه عن القمر يوروبا.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: Ted Stryk/Galileo Project/JPL/NASA