كتاب > مفكرون وكتّاب
هيلين كيلر وقصة حياتها العجيبة
وُلدت هيلين كيلر لأسرة من الطبقة المتوسطة تقطن بلدة "ترسكومبيا" بولاية "آلاباما" في الجنوب الأمريكي، وعاشت في بيت تتوافرُ فيه وسائل الراحة، وكان والدها يعمل محرراً صحفياً.
ابتداءً من الوقت الذي أُصيبت فيه هيلين بالمرض الذي أفقدها السمع والبصر، وهي في عمر 19 شهراً فقط وإلى أن بلغت العام السابع من عمرها، ظلت محلَّ رعاية أسرتها المحبة لها، والتي منحتها قدراً كبيراً من الحرية في نطاق المنزل دونَ أي ضوابط.
لذا كانت هيلين تتصرف بطريقة شاذَّة، وفي منتهى السوء كلما حاول أحدٌ أن يحولَ بينها وبين أن تفعل ما ترغب فيه، إذ كانت تدمِّر الدُّمى واللعب، وتمزق الملابس، وتخرب الكثير ممَّا حولها كلما أصابتها إحدى نوبات الغضب المتكررة. عرفت هيلين قُرابَةَ خمسين إشارة استخدمتها في التواصل المحدود مع الآخرين، واستطاعت والدتها أن تجعلها تفهم عدداً من الأشياء، ومع ذلك كانت صعوبة التعامل معها والسيطرة على تصرفاتها تتزايد أكثر فأكثر كلما كبرت.
إلى أن وصلت الآنسة "آن سوليفان" لتتولى مسؤولية تعليمها، وكانت سوليفان فتاة ذات 18 عاماً نشأت في ظروف صعبة من نوع آخر، إذ نشأت في منزل فقير كانت تُعامل فيه معاملة قاسية، وكادت تموت من سوء الحالة الصحية وفرط الإهمال، وقد فقدت بصرها تقريباً لولا أنَّ حالتها البصرية تحسنت بالقدر الذي مكَّنها من القراءة. ونظراً لكون آن سوليفان نصفَ عمياء فقد أرسلت وهي في الرابعة عشر من عمرها إلى مؤسسة "بركنز للمكفوفين" في بوسطن، إذ تعلمت استخدام أبجدية الأيدي وقراءة النصوص المكتوبة بطريقة برايل.
وكانت المشكلة الأولى الأساسية أمام الآنسة سوليفان أن تهذِّب سلوك هيلين، وتُحكِم سيطرتها على تلك الطفلة صعبة المراس، واقتضى ذلك أن تخوض صراعاً عنيفاً مع والدَيها اللذَين لم يكن بوسعِهما تحمل خضوع طفلتهما المسكينة لقيود الانضباط السلوكي وضغوطه النفسية، لكنَّ الوالدَين أيضًا كانا متعطشَين لرؤية ابنتهما تتعلم وتكتسب قدراً من الثقافة والتحضر؛ ممَّا جعلهما يتفهَّمان حقيقة استحالة أن تتمكن الآنسة سوليفان من البدء في تدريب هيلين قبل الهيمَنة على سلوكها وتعويدها الطاعة والالتزام، ومن ثمَّ اضطر الوالدان للإذعان، ومنحا المعلمة الشابة فرصة العمل دون أي تدخل منهما. وما إن اتُّفِقَ على ذلك حتى شرعت آن سوليفان في مهمتها، وبدأت تشتبك مع الطفلة الصغيرة المتوحشة في معاركَ حقيقية ومشاهدَ دامية، لكنَّ قدراتها الخلَّاقة وجهودها الدَّائبة وصبرها وطول أناتها وذكائها وحسن تصرفها أعطت ثمارها جميعاً بعد فترة غير طويلة، وتمكَّنت بالفعل من السيطرة على النفس حبيسة الظلام والصَّمت، وما إن أحكمت السيطرة على سلوكها وأجبرتها على احترامها وطاعتها حتى اتجهت إلى سياستها بالحب واللين والرفق بدلاً من الخوف والشدة، وهكذا تهيأت الفرصة للشروع في تعليمها وإطلاق مارد ذكائها الحبيس.
وقد روت هيلين كيلر كل ما سبق، وما تلاه من أحداث مشوِّقة بأسلوب طفولي رقيق في كتابها الرائع "قصة حياتي العجيبة" الذي يروي حكاية حياتها المليئة بالعِبر، التي تجعلنا ندرك معانيَ ودروساً مهمَّة في الحياة.
وندرك الفضل العظيم لصديقتها آن سوليفان التي رافقتها لمدة 46 عاماً، ومدَّت لها يد العون ونقلت لها العلوم المختلفة عبرَ لغة الإشارة باللمس، لتكون بذلك بصرها الذي تبصر به، وسمعها الذي تسمع به، وكان نتاجُ هاتَين الأنثيَين المعجزتَين، هو هذا الكتاب الذي اخترناه لكم اليوم.
إن الكتاب يُصنف ضمنَ أكثر الكتب تحفيزاً، ويضفي شعوراً حقيقياً بالأمل والتفاؤل على قارئه، وقد استشهد به ديل كارينجي في كتابه "دع القلق وابدأ الحياة".
وهو متوفر على شبكة الإنترنت مجانا.
نشرت هيلن كيلر ثمانيةَ عشرَ كتاباً، ومن أشهر مؤلفاتها: (أضواء في ظلامي، قصة حياتي العجيبة، العالم الذي أعيش فيه، أغنية الجدار الحجري، الخروج من الظلام، الحب والسلام، وهيلن كيلر في اسكتلندا)، وتُرجمت كتبها إلى خمسين لغة. وكانت وفاتها عام 1968م عن ثمانية وثمانين عاماً.
واحدة من عباراتها الشهيرة:
"عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظرُ طويلاً إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا".
معلومات الكتاب:
الكتاب: قصة حياتي العجيبة.
المؤلف: هيلين كيلر.
الترجمة: محمد وهدان.
دار النشر: مكتبة ابن سينا- القاهرة
نوعية الكتاب: ورقي 175 قطع متوسط.