الفيزياء والفلك > علم الفلك
مالذي يمكن أن تستفيده الهند من بعثة لاستكشاف المريخ؟
حققت الهند الأربعاء الماضي 24 سبتمبر، 2014 انتصاراً في أول مهمّة فضائية لها نحو المريخ، حيث تمكنت من وضع قمر صناعي في مدار حول المريخ مما جعل البلاد تنضم إلى نادي النخبة من مستكشفي الكواكب. آملين في أن انجازاً نادراً كهذا سيظهر للعالم انها منفتحة للعمل التجاري في مجال استكشاف الفضاء وإلهام جيل جديد من العلماء من أبناء الهند للمساهمة في دفع عجلة النمو.
لكن لماذا تنخرط الهند _ وهي بلد فقير مؤلف من 1.2 مليار نسمة_ في الاستثمار في مجال الفضاء بينما يرزح الكثير من سكانها تحت عتبة الفقر و يفتقرون إلى أبسط متطلبات الحياة المناسبة والكهرباء والرعاية الصحية؟
أحد الأسباب هو أن انخراط الهند في استكشاف الفضاء لطالما كان هدفاً أساسياً من اهداف البلاد من أجل دفع عجلة النمو. ففشل أكثر من نصف البعثات في العالم إلى المريخ حتى الآن عزز موقف الهند التي أثبتت أنه يمكنها إنجاز مهمة فضائية معقدة لتصبح الهند ناقلاً موثوقاً نحو النجوم. الأمر الذي سيجذب المستثمرين، و الطلبات التجارية والعملاء الذين سيصطفون لتوظيف الصواريخ والأقمار الصناعية الهندية في الأبحاث العلمية. ويعدّ هذا البرنامج أيضا مصدر فخر ودافعاً لصفوف المهنيين من الشباب في البلاد. لقد أثمرت قوة نظام التعليم العلمي والتقني بالفعل في الهند عن الملايين من المبرمجين والمهندسين والأطباء الذين ساهموا في تنمية الطبقة الوسطى في البلاد.
يعبر السيّد راغوندان عميد الهندسة في المعهد الهندي للعلوم في بانغالور، مركز التكنولوجيا في الهند عن أهمية هذا الهدف بقوله " يستحوذ المريخ طبعا على مخيلة العالم. فمالذي يمكن أن يكون هدفاً أفضل من الوصول إليه لإثبات أنن نستطيع تحقيق اهدافنا.في كل مرة تطلق الهند صاروخاً آخر، تقصدني أعداد كبيرة من الطلاب لتسأل كيف يمكن الانخراط في برنامج دراسة هندسة الطيران". وأضاف أنّ مصداقية الهند تعززت بفضل هذا الإنجاز وحصلت على دفعة قوية. "هذا النوع من النجاحات وضع الهند في وضع أفضل للمساومة، و طمأنت المستثمرين بأنه يمكننا القيام بهذه المهمة ."
انضمت الهند إلى نادي النخبة عندما اطلقت بنجاح بعثة مكوك المريخ ( Mars Orbiter Mission أو اختصاراً MOM) في مدار حول الكوكب الأحمر صباح يوم الاربعاء. الجدير بالذكر أن الاتحاد السوفييتي السابق ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الأميركية NASA فقط قد سبقوها إلى ذلك.
في بث مباشر على شاشة التلفزيون، اندلعت هتافات العلماء في مركز الفضاء الهندي ومركز قيادة منظمة أبحاث في بنغالور عندما أتمت محركات المكوك مناورة استغرقت 24 دقيقة وضعت المركبة الفضائية في مكانها الصحيح. بعد ان قطعت حوالي 666 مليون كيلومترا (414 مليون ميلا)، وقضت أكثر من 300 يوما في الرحلة منذ أن خرجت عن نطاق الجاذبية الأرضية.
تم تطوير هذه المهم المريخية بشكل محلي و بتكلفة نحو 75 مليون دولار،" وهي تكلفة أقل بكثير من ميزانيات العديد من أفلام هوليوود" يقول مودي. في حين كانت تكلفة مهمة ناسا، التي ذهبت في مدار حول المريخ يوم الأحد الماضي حوالي 671 مليون دولار أي تسعة أضعاف تقريباً.
وقال خبير الفضاء روجر فرانزين ، المدير الفني في جامعة أستراليا لبرنامج البحوث في علم الفلك والفيزياء الفلكية "إن نجاح الهند أظهرها كقوة من الإمكانيات ينبغي أخذها على محمل الجد". و أضاف أنّ الهند لديها قدرة صناعية متطورة للغاية تمكنها من صنع كل اي شيء من مكونات المركبات الفضائية حتى منصّات إطلاق المركبات الفضائية. و هي قادرةعلى أن تشارك قريبا في بعثات تعاونية مع وكالة ناسا أو وكالة الفضاء الأوروبية في مجال أبحاث الفضاء ".
لقد أطلقت الهند بالفعل العشرات من الأقمار الصناعية بنجاح، بما في ذلك ارسال المسبار القمري تشاندرايان 1 الذي اكتشف أدلة مهمة لوجود مياه على سطح القمر في عام 2008. وما زالت تخطط لبعثات علمية جديدة، بما في ذلك وضع مسبار على سطح القمر.
لكن الهدف الرئيسي لوكالة الفضاء التي تعمل وفق ميزانية سنوية بقيمة 1.1 مليار دولار، سوف يظل التركيز على تطوير تقنيات لتطبيقات الأقمار الصناعية التجارية والملاحية. تلك الخدمات يمكن أن تجلب عائدات كبيرة من الشركات أو الحكومات التي تسعى لوضع الأقمار الصناعية الخاصة بهم أو معدات البحث في الفضاء. حسبما قال رئيس الوكالة ك. راداكريشنان يوم الثلاثاء.
ونظراً لقلة ما تخصصه الهند للانفاق على الابحاث والمشاريع العلمية فالعلماء يرون أن هذا الحقل التطبيقي سيكون مستقبلا محور اهتمام الدعم المادي بدلاً من تخصيص جزء كبير من الانفاق على الأبحاث النظرية.
سوف يستمر مهمة MOM بالدوران حول كوكب المريخ لمدة ستة أشهر على الأقل حيث تقوم الأدوات التي تعمل اعتماداً على الطاقة الشمسية بجمع البيانات العلمية التي قد تلقي الضوء على طقس المريخ وكذلك ما حدث للمياه التي يعتقد أنها كانت موجودة على سطح المريخ. كما سيتم البحث عن غاز الميثان، والذي ينشأ عن العمليات الجيولوجية. ويأمل الخبراء بأن تساعدهم البيانات التي ستجمع على فهم كيفية تشكل الكواكب بشكل أفضل وكذلك الظروف التي قد تجعل الحياة ممكنة. يقول راغوندان من المعهد الهندي للعلوم " بالرغم من أنّ الهند يصارع العديد من المشاكل من الفقر إلى الجوع، لكن ذلك لا ينبغي أن يمنع البلاد من المضي قدما في مجال العلوم والفضاء ." أنا لا أعتقد أنه يمكننا أن نبقى متخلفين علميّاً، لا يمكن التضحية بالبحوث من أجل حل المشاكل العالمية القديمة، هذه التطورات التكنولوجية الهامة لها أهمية كبيرة ستجعلنا نتقدّم."
بالنسبة لمانشا خانا البالغة من العمر 12 عاما و الذي كان يزور قبة نهرو السماوية في نيودلهي لحضور حدث علمي للأطفال تحت عنوان "أنشطة التعلم والألعاب عن المريخ" ، أعطى نجاح البعثة لها شيئا لتحلم به ، أن تصبح "عالمة أو رائدة فضاء."و بالنسبة ل كاشيش وهو أيضا طالب بعمر 12 عاماً، يقول "أنا فخور بأن أولد في بلد يمكنه أن يفعل أي شيء وينجح".
المصدر: هنا
حقوق الصورة: Nesnad on Wikipedia