الفيزياء والفلك > فيزياء
انريكو فيرمي (1901-1954)
ولد انريكو فِرمي في روما، إيطاليا، 29 أيلول 1901. عمِلت والدته كمدرّسة وقد كان لها الفضل الكبير في التأثير على دراسة أبنائها. نشأ اهتمام انريكو بالفيزياء نتيجة لمأساة حدثت في عائلته. فعندما كان انريكو في الرابعة عشرة من عمره، توفي أخوه الأكبر جوليو المحبوب فجأة ما جعل انريكو في دوامة من الصدمة. لمساعدة انريكو في تخطي هذه المحنة شجعه أبواه على التركيز في دراسته. عثر خلال هذه الفترة على كتابيّ فيزياء كان مضى على تأليفها حوالي نصف قرنٍ آنذاك فاستهوته تماماً. خلال مراهقته، كان هو وأصدقائه يجرون التجارب الفيزيائية للمتعة بما في ذلك اختبار كثافة إمدادات مياه روما.
في عام 1918، ربِح فِرمي منحة في جامعة مرموقة هي جامعة Scuola Normale العليا في بيزا، إيطاليا. المقالة التي قدمها كشرط للدخول كانت مبهرةً جداً لدرجة أنّ فِرمي نقل بعدها بفترة إلى برنامج الدكتوراه، وتخرّج عام 1922 بدرجة شرف. في عام 1923، ربِح زمالة روكفيلر حيث قضى بضعة شهور برفقة الفيزيائي المعروف ماكس بورن في غوتينغن، ألمانيا. سرعان ما ازدَهرَت سيرة وحياة انريكو فِرمي الشخصية والمهنية في الأعوام التالية واستلم منصب كرسي أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة روما.
عام 1934، بدأ فِرمي أهمّ أعماله عن الذرّة، مكتشفاً إمكانية التحوّل النووي في أغلب المواد. أحد ذرات المواد التي شطرها كان ذرة اليورانيوم. هذا العمل قادَ لاكتشاف إبطاء النيوترونات والذي قاد بدوره إلى الإنشطار النووي وانتاج عناصر جديدة، لم تكن موجودة حينها ضمن الجدول الدوري للعناصر.
عام 1938، حصل فِرمي على جائزة نوبل في الفيزياء "لعمله في النشاط النووي الصناعي الناتج عن النيوترونات، والتفاعلات النووية المنتَجة عن طريق النيوترونات البطيئة". هذا التكريم كان ورَقة نجاة فِرمي وعائلته. حيث كانت الفاشية الإيطالية على مشارف سنِّ القوانين المعادية لليهودية. مراسم حفل تقليد الجائزة كان في ستوكهولم، السويد، مما أعطى لعائلة فِرمي فرصة السفر خارج إيطاليا والهروب إلى أمريكا.
بعد استقراره في الولايات المتحدة عيّن فِرمي أستاذً للفيزياء بجامعة نيويورك كولومبيا. حيث اكتشف أنه لو انطلقت النيوترونات الناتجة عن انشطار نواة يورانيوم متجهة نحو ذرات يورانيوم مجاورة فستولّد تفاعلاً متسلسلاً يمكن أن يحرر كميات هائلة من الطاقة. قادت تجاربه هذه لأول تفاعل نووي متسلسل متحكّمٌ به في شيكاغو، 2 ديسمبر 1942، في تجربة أجريت تحت ملعب جامعة شيكاغو. في وقت لاحق، أثناء الحرب العالمية الثانية، أصبح فِرمي أحد قادة مشروع منهاتن المهمين، التي ركّزت على صنع القنبلة النووية.
بعد الحرب، عيّن انريكوا فِرمي مستشاراً عاماً في اللجنة المسؤولة عن الطاقة النووية. في تشرين الأول 1949، عقدت اللجنة لقاءً لمناقشة تطوير القنبلة الهيدروجينية. فِرمي كان متخوفاً آنذاك جراء العواقب المترتبة عن ذلك. وقد شارك في تأليف تقرير للمؤسسة يُدين بها القنبلة الهيدروجينية بشدة. عندما أمَر الرئيس الأمريكي هاري ترومان بتطوير القنبلة الهيدروجينية -متجاهلاً تحذيرات فِرمي وآخرين- رجع فِرمي للوس ألاموس، نيو مكسيكو، للمساعدة في الحسابات، على أملِ أن يثبت أن إمكانية إنتاج القنبلة الخارقة غير موجودة.
تابع انريكو فِرمي عمله في معهد الدراسات النووية في جامعة شيكاغو، حيث بدّل توجهه إلى فيزياء الطاقة العالية، حيث قاد أبحاثاً حول منشأ الأشعة الكونية ووضع نظريات لتفسير الطاقة الهائلة للجسيمات في هذه الأشعة.
عام 1954، تبيّنت إصابة فِرمي بسرطان معدة غير قابلٍ للشفاء، حيث قضى شهوراً من حياته في شيكاغو خاضعاً لعدّة إجراءات طبيّة. ولكنه توفيّ بتاريخ 28 تشرين الثاني 1954، في بيته في شيكاغو، إلينوي.
لأنريكو فيرمي مساهمات عديدة في مجالي الفيزياء النظرية والتطبيقية على حد السواء فقد كان متميزاً في بقاءه على صلة مع المجالين الذاين اصبحا أكثر تبعاداً بمرور الوقت. وتكريماً لأهمية ما قدمه في المجالين النظري والتجريبي فقد سميت عدة مقادير فيزيائية وكيميائية تيمناً به.
المصدر: هنا