الطب > أمراض نسائية وتوليد
الحمل الهاجر:
يطلق المبيض في كل دورة شهرية بويضة ضمن قناة فالوب التي يحصل ضمنها الإلقاح عندما تتلاقى النطفة مع البويضة، لتسير البيضة الملقحة بعدها وتعشّش ضمن الرحم وتكمل مسيرتها في تشكيل الجنين خلال الأشهر التسع التالية. هذا ما يحصل في الحمل الطبيعي.
ولكن في 1 من كل 100 من الحمول، تبقى البيضة الملقحة ضمن البوق وتعشّش فيه وتُدعى حينها بـ "الحمل الهاجر" ectopic pregnancy أو في هذا الحالة "الحمل البوقي tubal pregnancy". وفي حالات نادرة من الحمل الهاجر تذهب البيضة الملقحة لتعشّش في المبيض أو قرن الرحم أو عنق الرحم Cervix، بل وحتى خارج الجهاز التناسلي كالبريتوان مثلاً "النسيج الذي يغلّف أحشاء البطن".
يحصل الحمل الهاجر في أسابيع الحمل الأولى، حيث غالباً لا تدري المريضة بأنها حبلى وغالباً ما يكشف عنه في الأسبوع الثامن من الحمل.
خارج الرحم لا تملك البيضة الملقحة أية فرصة في النجاة، ويمكن أن تشكل خطراً حقيقياً على صحة الأم إذا لم تعالج ويُنهى الحمل، فالعلاج الباكر يقي من مشاكل الخصوبة والحمل لاحقاً.
هناك العديد من الأسباب تقف وراء حالات الحمل الهاجر، وتتلخص فيما يلي:
- أي ضرر في البوقين قد يقف عائقاً أمام مسير البيضة الملقحة إلى الرحم ومن أهم الأسباب التي تؤذي البوقين: التدخين "حيث تزداد خطورة حدوث الحمل الهاجر عند النساء المدخنات"، الداء الالتهابي الحوضي (Pelvic Inflammatory Disease ”PID”) كالإنتان بالكلاميديا أو الـ Gonorrhea، وأية جراحة سابقة على البوقين قد تسبب التصاقات فيهما تعيق مسير البيضة الملقحة باتجاه الرحم.
- الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis).
- التعرض لمادة الDES "Diethylstibestrol" خلال الحياة الجنينية للأم.
- مانعات الحمل الإسعافية المأخوذة في صباح اليوم التالي للجماع والحاوية على البروجسيتين فقط (يؤثر البروجستين على حركية البوقين).
- اللولب (IUD): في حال حدوث حمل فوق اللولب من المرجح أن يكون هذا الحمل هاجراً.
- العلاج بالتقنيات المساعدة للإخصاب (Associated Reproductive Technology “ART”) مثل الإخصاب في الزجاج أو طفل الأنابيب (IVF).
للحمل الهاجر في مراحله المبكرة نفس أعراض الحمل الطبيعي المتمثلة في:
-انقطاع الدورة الشهرية.
- غثيان.
- ألم واحتقان في الثديين.
- زيادة عدد مرات التبول.
أولى أعراض الحمل الهاجر تكمن في النزف المهبلي الخفيف والألم البطني بين الأسبوعين السادس والثامن من انقطاع الطمث.
تتطور الأعراض لاحقاً مع تقدم عمر الحمل حيث تعاني المريضة من :
- ألم بطني يشتد على الحركة وعند فحص البطن والجماع.
- نزف مهبلي شديد.
- الغشي "فقد الوعي"، الدوار وعلامات الصدمة نتيجة النزف الداخلي.
- ألم في الكتف "بسبب النزف الداخلي وكتلة الدم التي تضغط على الحجاب الحاجز" .
يتم تشخيص الحمل الهاجر عبر فحص البول في البداية عن طريق عيار هرمون HCG، ومن ثم يتم تأكيد التشخيص بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو) وعيارات هرمون HCG المتتالية في الدم.
في كل الأحوال لا يمكن الحفاظ على الجنين في الحمل الهاجر، ويجب إنهاء الحمل إسعافياً، وهناك 3 خيارات للعلاج حسب حالة المريضة:
1- المراقبة Active monitoring: وذلك عندما تعاني المريضة من أعراض خفيفة، حيث يكون هناك فرصة كبيرة ليتم امتصاص الأنسجة الجنينة المتشكلة من قبل الجسم بعد موتها.
2- العلاج الدوائي بالميتوتركسات، وذلك بشروط أن يكون كيس الحمل أقل من 3،5 سم ولا توجد فعالية قلبية للجنين وألا يكون هناك ألم لدى الحامل، كما أن تكون العيارات المصلية لل HCG أقل من 1500IU/L ، وألا يوجد أي حمل مرافق داخل الرحم، بالإضافة لكون مناعة المريضة جيدة ولا تعاني من مشاكل دموية أو في الكبد أو الكلية.
3-الجراحة، وهي العلاج الأشيع والأكثر فعالية ولا يقلل فرصة حدوث الحمل الطبيعي لاحقاً، وعادة تتدرج الجراحة من إزالة كيس الحمل باللجوء للجراحة التنظيرية مع شق صغير، إلى استئصال كيس الحمل مع العضو الموجود فيه جزئياً أو كلياً.
فقدان الحمل قد يشكل صدمة عاطفية للأم، وقد تعاني من أعراض ومشاكل نفسية بعد إنهاء الحمل كالشعور بالحزن الشديد والذنب أو الغضب والشجار مع الشريك أو أحد أفراد العائلة أو صديقاتها اللاتي نجح حملهن، لذلك يجب الوقوف جنبها وإعلامها أن هذا الحمل يشكل خطراً على صحتها وكان لابد من استئصاله.
ماذا بعد الحمل الهاجر؟
حتى وإن تم استئصال إحدى قناتي فالوب لدى المريضة بعد الحمل الهاجر، فلا زالت قادرة على الولادة طبيعياً في المستقبل، طالما بقيت القناة الأخرى سليمة وقادرة على العمل بشكل سليم، وبالتالي لا خوف على المريضة من العقم! ذلك طالما كان تشخيص الحمل الهاجر مبكراً ولا زال تحت السيطرة.
لا يمكن دائماً الوقاية من الحمل الهاجر، ولكن يمكن تقليل خطر حدوثه عن طريق الوقاية من الالتهابات الحوضية والنسائية، والوقاية من الأمراض المنتقلة بالجنس، وذلك بالحرص على ارتداء الواقي الذكري وخاصة عند بدء علاقة مع شريك جديد، والأهم الإقلاع عن التدخين.
المصادر