البيولوجيا والتطوّر > علم الجينات
التنوع الوراثي عند قوارض البندكوت الذهبي الطافرة
بعض الطفرات قد يكون لها تأثير ضار أو حتى مميت على الكائن الحي، لكن من جهة أخرى قد تلعب الطفرة دوراً في التنوع الوراثي لهذا الكائن واستمراريته، في هذا المقال درس الباحثون أسباب قدرة حيوانات البندكوت الطافرة على الاستمرار، تعرّف عليها..
سنبدأ هذه المقالة بتوضيح بعض المفردات الوراثية باختصار شديد ليسهل فهمنا للبحث:
• الإزفاء Translocation: هو شذوذ صبغي (نوع من الطفرات) ينقل فيه جزء من الصبغيات لمنطقة أخرى في نفس الصبغي أو لصبغي آخر، مما يغير من ترتيب الجينات في الصبغيات، الأمر الذي قد يؤدي إلى العيوب الجينية.
• الميكروستالايت Microsatellite: هي قطع صغيرة من الDNA، تتضمن متتاليات نكليوتيدية قصيرة جداً ومكررة لعدة مرات، وعدد التكرارات يختلف بين أفراد الأنواع.
• الأليل Allele: هو سلسلة من الجينات التي تحتل موقعاً محدداً على الصبغي الأب أو الأم ويكون مسؤولاً عن الاختلاف الوراثي.
• تغاير الزيغوت Heterozygosity: هو اختلاف بين الأليلين الأبوين المكونين لصفة وراثية معينة (وذلك عند حدوث طفرة).
وسوف نستخدم كلمة طافرة للدلالة على الطفرة الناتجة عن الإزفاء تحديداً أي عند تغير مواقع الميكروستالايت، وإليكم المقالة..
لقد تم تقييم التنوع الوراثي للجماعات الطافرة عند حيوان البندكوت الذهبي Isoodon auratus –وهو نوع من القوارض- في شمال غرب أستراليا من قبل الباحثين لتحديد قدرتها على الأستمرار. حيث سلطت الدراسة الضوء على جماعة ذات طيف واسع من البندكوت في جزيرة بارو، والتي تم نقلها إلى موقعين من الجزيرة مع وجود حاجز مسوّر على الأرض بينهما.
وتقول كبيرة المؤلفين والباحثة في قسم المنتزهات والحياة البرية (DPaW) كيم أوتويل Kym Ottewell بأن الميكروستالايت Microsatellites كانت تستخدم كمعلم وراثي لحيوانات البندكوت الطافرة ولسلالاتهم البرية.
والميكروستالايت هي مناطق غير وظيفية وشديدة التباين في الDNA تنتشر في جينومات معظم الكائنات الحية.
وتقول الباحثة :"من خلال أخذ عينات لعدد من مناطق الميكروستالايت، استطعنا عمل بصمة وراثية مميزة لكل فرد، ثم استخدام هذه المعلومات لتوثيق فيما إذا كانت الأفراد تتشارك الحمض النووري DNA نفسه، أو أنه مختلف، وإلى أي درجة يصل هذا الاختلاف في حال وجوده".
لاحظ العلماء عدم وجود اختلاف في عدد الأليلات أو وجود لتغاير الزيغوت heterozygosity عند الحيوانات الطافرة في أي من المواقع التي وضعت فيها بالمقارنة مع الجماعة الأصلية.
يقترح العلماء احتمالين لبقاء التنوع الوراثي في جماعات البندكوت البري، حيث تقول أوتويل: قدّرنا أننا بحاجة إلى حجم عينات ل75 حيوان حتى نتمكن من التقاط 95% من التنوع الوراثي الموجود في مواقع الميكروساتلايت التي قمنا بتحليلها. لكن العدد الفعلي للحيوانات الطافرة في ثلاث مواقع كان أكبر (90، 160 و165 حيواناً)، مع توفير بعض الحماية ضد فقدان التنوع الوراثي بعد حدوث الطفرات فوراً عندما يرتفع معدل الوفيات.
كما أن حيوانات البندكوت الذهبي ذات معدل تكاثر عالٍ نسبياً في غياب الحيوانات المفترسة، ووجود الظروف البيئية الجيدة. وقد وجد الباحثون أن الجماعات الطافرة تنمو بسرعة كبيرة عقب الطفرة الأمر الذي يساعد أيضاً على الحفاظ على التنوع الوراثي.
من الضروري تعزيز وجود الجماعات العادية (غير الطافرة)، فقد وجد انخفاض في حجم الجماعة بين الأصل والجماعات البرية، فحيوانات البندكوت المتوطنة في جزيرة بارو ذات عدد مؤثر أقل من 1000 بالمقارنة مع الحيوانات البرية الطافرة والتي يصل عددها من 100 إلى 200.
وهذا يعكس الاضمحلال الوراثي الذي يعود سببه إلى عملية الإزفاء، حيث يتم اختيار مجموعة فرعية فقط من الأنماط الوراثية لعملية الإزفاء، ثم من هذه الأخيرة ينجو فقط مجموعة فرعية أخرى أصغر خلال مرحلة النشوء الأولية وعندها قد يكون معدل الوفيات عالياً.
ويقول الباحثون: عندما وجدنا أن عدد الأليلات الأولية لم يتغير ولا وجود للتغاير الزيغوتي في الجماعات، استطعنا أن نرصد الاختلاف في التركيب الوراثي للجماعات البرية الناتجة والذي يعكس عملية الاضمحلال هذه.
ولمواجهة فقدان هذا التنوع، يقترح الباحثون إضافة أفراد جديدة إلى الجماعات الموجودة خلال فترات منتظمة، لتجديد التنوع الوراثي ومنع تزاوج الأقارب.
المصدر: هنا