الطبيعة والعلوم البيئية > عمارة وأرض
كيريندا..و سكن ما بعد الكوارث
تبدو عبارة "سكن كوراث" أو "ما بعد الكوارث" معقدة جداً من أول نظرة, وأحيانا بتبين كتير قاسية وصعبة, وبترتبط غالبا بمواضيع العجز المادي والمعنويات المنخفضة والحاجة للمساعدة بكل أشكالها, لكن هالنظرة شوي متسرّعة وكتير عامة, لان "سكن ما بعد الكوارث" يمكن يحمل تجارب مفاجئة من حيث البساطة والعمل بالموارد المحلية, والتنظيم والاكتفاء الذاتي. وأهم من هادا كلله, الاعتماد على المجتمع نفسه لإنشاء سكنه وتركيبه العمراني. وهالشي كان كتير واضح وأساسي بالتجربة التالية.
كيريندا..و سكن ما بعد الكوارث:
يعرف الجميع مأساة تسونامي 2004 الذي ضرب العديد من سواحل البلدان المطلة على المحيط الهندي, ومن هذه المناطق كانت قرية كيريندا التي تقع على الساحل الجنوبي الشرقي لسيريلانكا. أصاب سكان هذه القرية الذين يعملون بالصيد حصتهم من المأساة وأجبروا على العيش بمساكن مؤقتة في ظل ظروف قاسية. لكنهم أصبحوا أيضا جزءا من تجربة مميزة في دراسات سكن الكوارث وجزءا من مشروع مهم من مشاريع إعادة الإعمار.
بعد أن ضرب التسونامي هذه القرية ساحباً معه أغلب بيوتها, اقترح أحد مطوّري السكن (فيليب بي) إنشاء مشروع سكني يتعدّى فكرة سكن الكوارث المؤقت ليكون جزءاً من عملية تطويرية مستدامة ومستقبلية لسكن هذه القرية, وعُيّن المعماري الياباني (شيجيرو بان) لتصميم ما يقارب الـ67 منزلاً مع مسجد للقرية ذات الطابع والثقافة الاسلامية.
ما يميّز هذه التجربة هو ما طرحة المعماري بأن السكن الخاص بالقرية يجب أن يعتمد ويتحرك ضمن الاقتصاد المتاح دون العودة لأي مورد خارجي. فاستخدمت المواد المحلية الخاصة بالمنطقة, وتم استخدام الخبرات واليد العاملة من سكان القرية نفسها. أما تصميم المنزل نفسه فقد تم وضعه بعد عدد من الاستشارات مع سكان القرية عما يرونه ملائما لحياتهم, وتم تطوير هذا التصميم معهم, فكانت النتيجة بيتاً مكوناً من غرفتين وصالة مفتوحة على فراغ خارجي مسقوف ومظلل يستخدم للتفاعل الاجتماعي اليومي وللنشاطات المتكررة كالأكل وتصليح شباك الصيد والاجتماعات العائلية, كما زود (بان) البيت بمجموعة من الستائر الخشبية المتحركة لتأمين الخصوصية المطلوبة في ثقافة هذا المجتمع.
استخدم (بان) الطوب المكوَّن من التربة المرصوصة كمادة أساسية لإنشاء المشروع, وصُمّمت القطع بحيث يمكن لأي شخص غير مدرّب أن يقوم بإنشائها كما هو الحال في لعبة ال LEGO الشهيرة, كما تم استخدام أشجار المطاط لصناعة الفرش والجدران الفاصلة, وهو نوع من الاشجار المنتشر بكثافة في غطاء سيريلانكا النباتي, ويستخدم غالبا لصناعة إطارات السيارات. وبذلك استطاع هذا التصميم ببساطته أن يتجاوز أغلب التعقيدات الخاصة بسكن ما بعد الكوارث ليصل لصيغة تربط الإنسان بمسكنه تصميماً وعملاً ومستقبلاً.
قد يكون من الصعب الحكم بشكل قاطع على تجربة (بان) المذكورة, وغالباً ما نحتاج الكثير من الوقت لمعرفة منعكسات التجارب العمرانية على البيئة والمجتمع. لكن نسطتيع أن نتعلّم ونحسب مجموعة من النقاط الإيجابية في هذه التجربة, كالاعتماد على الذات, والنقاش والحوار وتبادل الأفكار, وأهم شي..تبسيط الأمور وردها إلى أصلها.. وأهلها...
المصادر