الفنون البصرية > فن وتراث
"حديقة الملذات الأرضية"الجزء الثالث -جهنم كما عرفها"بوش"
حدّثنا فيما سبق عن القسمين الأول والثاني من لوحة "حديقة الملذات الأرضية"،
راجع المقال الأول هنا
راجع المقال الثاني هنا
نترككم اليوم مع الجزء الثالث والأخير، اللوح اليميني، حيث تظهر في هذا اللوح جهنّم، في مشهدٍ ليليٍّ لها يغيبُ عنهُ الكثيرُ من عناصرِ الجمال التي لاحظناها في اللوحين السابقين، إضافةً إلى وجود تباينٍ كبيرٍ في الألوان المستخدمة ناهيك عن عنصرِ البرودةِ المتجلّي في تجمّد المجاري المائية!
تظهرُ في خلفية المشهدِ مدنٌ تلتهمُها النيران، حروبٌ وغرفٌ للتعذيب وحاناتٌ جهنّمية وشياطينٌ في الوسط، أما العناصر الأمامية، فهي حيواناتٌ مشوّهة ومحوّرة تقتات بشراً وهم أحياء! ويظهر عريُّ الإنسان هنا أقلّ إثارة! حيث يحاولُ الكثيرون إخفاءَ مفاتنهم بأيديهم.
قد يقول أحدهم أن جهنّم كما يصوّرها "بوش" ليست تماماً كما كنا نتخيّلها، لكن لا يمكننا أن ننكر أنه استطاع تطوير مفهومٍ آخر للصورة النمطية لجهنّم، بالإضافة إلى طقسها الباردِ ومجاريها المائية المتجمّدة، تظهر الحيواناتُ على أنها هي من تعاقب البشر!
ولعلّه بذلك يقرّب للبشر صورةَ جهنّمَ بإدخالِ عناصر من حياتهم اليومية إليها، وجعلِ صورتِها أقرب إلى أذهانهم.
أما عن "بوش"، فالجدير بالذكر أن جزءاً كبيراً من شخصيته يظهر من خلال أعماله، فنلاحظُ أنه يميلُ إلى الخيال، إضافةً إلى ملامسته العميقة للمفاهيم الدينية، وتراهُ يبتعدُ عن تتريخ أعمالِه على عكس ما كان مُعتاداً في زمانه! وعلى عكس المعتاد أيضاً، كان يصرُّ على توقيع أغلبِ هذه الأعمال، ومع ذلك لا يمكن إهمال أنّ الكثيرَ من أعمالِه لا تزالُ محطَّ جدلٍ فيما إذا كانت من صنعِ يديه، نظراً لأثره الكبير على أتباع فنّه وتفرّد هذا الفن، ممّا جعل من الصعب تمييز أعماله عن أعمالهم!
المصدر: