الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء
اليارتسا
عادة ما يوصف اقتصاد الدول بالرافد الأكبر له. وهكذا تصبح البلدان التي تنتج النفط بلداناً نفطية والبلدان التي تنتج المحاصيل الوفيرة بلداناً زراعية. ولكن يا ترى ماذا نسمي البلدان الذي تنتج "ديداناً"؟؟
سنبدأ حديثنا أولاً عن فطر Ophiocordyceps sinensis. ينتشر هذا الفطر في هضبة التيبت على ارتفاع يترواح بين 3000 -5000 متر فوق سطح البحر. يتكاثر كما معظم الفطور الأخرى بالأبواغ, إلا أنه يتميّز عنها بأنه لا ينمو في التربة أو على بقايا الطعام, بل يتطفّل هذا الفطر على يسروع (يرقة) العثّ الشبحي.
تعيش هذه اليرقات تحت الأرض لفترة طويلة تتحول بعدها الى عثات كاملة. يحدث أن تصاب إحدى هذه اليرقات ببوغة من أبواغ الـ Ophiocordyceps sinensis . يبدأ الفطر بالنمو داخل اليرقة مع توجيهها أقرب ما يمكن من سطح التربة. عندما ينتهى الفطر من هضم كافة الموادة المغذية داخل اليرقة ويصبح جاهزاً للتكاثر، يصدر من رأس اليرقة امتدادٌ يبرز فوق سطح التربة (الصورة المرفقة) ناشراً عدداً هائلاً من الأبواغ.
يعزو الطب الصيني التقليدي فوائد كثيرة لتلك اليرقات المصابة (بالأحرى فطر بغلاف يرقة), وينسب إليها قدرات عجائبية, كمواد منشّطة ومقوّيات جنسية. ولا يتردد الصينيون في دفع أبهظ الأثمان في سبيل الحصول على هذه اليرقات (تسمى يارتسا غانبو التي تعني دود الشتاء - عشب الصيف).
على امتداد هضبة التيبت, حوّلت تجارة اليارتسا حياة الناس للأبد. و يقضي معظم أهل المنطقة البدو موسمَ جمعِ اليرقات في حفر الأرض بحثاً عنها. تشير الإحصاءات الى أن حوالي 60% من هؤلاء السكان قد غيروا أماكن سكنهم الى أماكن توافر اليرقات, فمداخيل بيعها في تلك المناطق تشكّل حوالي 70-90% من مدخول العائلات الريفية, وتمثّل حوالي 42% من الناتج المحلي لإقليم التيبت الذي يتمتع بحكم ذاتي ضمن جمهورية الصين الشعبية.
والآن لنتحدث عن الأسعار, يبلغ سعر كيلوغرام اليارتسا (نخب أوّل) حوالي 110 آلاف دولار أميركي. بينما يبلغ سعر كيلو غرام الذهب اليوم حوالي 43 ألف دولار أمريكي.لا يحتاج الأمر الى أكثر من حسبة بسيطة لندرك أن سعر هذه الدودة أكثر من سعر ضعف وزنها ذهباً... فقط!!
فما رأيكم يا سادة.. دون نقصان أو زيادة.. !!
عن المراجع: