الموسيقا > موسيقيون وفنانون سوريون وعرب
محمود عجان ... حياة عبقها الموسيقى
نحدثكم اليوم عن عازف ماهر وملحن مبدع وباحث مجتهد وأستاذ نشيط ومحاضر مقتدر، حرص على حفظ التراث الموسيقي العربي عن طريق التدوين الموسيقي وزاد عليه من إبداعه، وهو مع ذلك كله يعتبر من الناحية الأكاديمية هاوياً، فلم يتعلم الموسيقى على يد أحد، ولا يحمل أية شهادة فيها، هو محمود عجان.
ولد محمود عجان في مدينة اللاذقية عام 1916 في عائلة تضم عدداً كبيراً من هواة الموسيقى، وهام بهذا الفن منذ حداثته، وكان صغيراً جداً عندما بدأ يعزف على الكمان والعود، ويذكر الباحث جبرائيل سعادة أنّه في سن الرابعة عشرة عزف أمام سامي الشوا عازف الكمان المشهور جداً وقتها، وانتزع إعجابه.
كان عليه أن ينمي معلوماته الموسيقية بنفسه لعدم توافر مدارس ومعاهد تعلم الموسيقى في اللاذقية في زمانه، فعكف على المطالعة والاتصال بالموسيقيين المشهورين خارج اللاذقية، حتى صار متعمقاً في قواعد الموسيقى العربية والغربية وتاريخهما.
ساهم في تأسيس النادي الموسيقي في اللاذقية أواخر عام 1945، كما أسس فرقة موسيقية تراثية كان يقودها بنفسه وفي العام 1969 فازت بالجائزة الأولى في مباريات غناء الموشحات التي تجريها وزارة الثقافة السورية. عمل مدرّساً للموسيقى في دور المعلّمين والمعلّمات وفي معهد إعداد المدرّسين، وقام بإلقاء عشرات المحاضرات في مجال الموسيقى.
أوّل محاولاته للتأليف الموسيقي كانت قبل سن الخامسة عشرة. من ألحانه التي تم نشرها ألحان لفيلم "مرفأ اللاذقية"، وقطعة على الكمان بعنوان "من وحي علاء المعري" قدمها عام 1957 في مهرجان الشبيبة العالمي في موسكو نالت استحساناً كبيراً، حتى أن إدارة معهد الدراسات الشرقية في موسكو أقامت حفلة تكريم له ومنحته وساماً خاصاً عليها. وفي كتبه التي نشرها هناك قطع موسيقية كثيرة من تأليفه، منها "موسيقا استقبال" وسماعي من مقامات راحة الأرواح، وراست، ونهاوند، ونكريز، وحجاز كار، وحجاز كار كرد، وصبا، وصبا زمزمة، والأخير "سماعي من مقام صبا زمزمة" كتب فيه الباحث محمد كامل القدسي تحليل موسيقي مستفيض يظهر مقدرة محمود عجان التأليفية وبراعته، وتم نشر التحليل في كتاب من 100 صفحة في العام 2009. كما أن لمحمود عجان العديد من الأناشيد وألحان آلية لم تنشر بعد.
أول الكتب التي نشرها كان بعنوان "تراثنا الموسيقي – دراسة في الدّور والصيغ الآلية العربية قالباً ولحناً عام 1990، وقدم فيه دراسة متكاملة لقوالب الدّور، والتقاسيم، والبشرف، والسماعي، وهي ترقى لمستوى الدراسة الأكاديمية الدقيقة، وربما يعد هذا الكتاب المرجع الأبرز لدراسة هذه القوالب، وضمّن فيه أيضاً التدوين الموسيقي لعدد كبير جداً من الأدوار والسماعيات لكبار الموسيقيين لم تكن مدوّنة سابقاً. وأيضاً معجم عن الموسيقى العربية في كافة نواحيها، وكتاب "الليل والعين في التراث الموسيقي والشعري" عام ،2001 الذي تضمن بدوره تدوينات موسيقية كثيرة لأدوار وسماعيات شهيرة. وله أيضاً دراسات في فلسفة الإيقاع، والموسيقا النظرية، وغيرها من المواضيع لم تنشر بعد.
توفي محمود عجان عام 2006، وتم إطلاق اسمه على إحدى قاعات المركز الثقافي في اللاذقية وعلى معهد موسيقي تابع لمديرية الثقافة عام 2013.
صورة سماعي (قالب تأليف موسيقي) من مقام حجاز من تأليف محمود عجان
المصادر:
- محافظة اللاذقية، جبرائيل سعادة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق
- تراثنا الموسيقي – دراسة في الدور والصّيغ الآلية العربية لحناً وقالباً، محمود عجان، دار طلاس، 1990
- الليل والعين في التراث الموسيقي والشعري، محمود عجان، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 2001
- التحليل الموسيقي لسماعي صبا زمزمة – موسيقى محمود عجان، محمد كامل القدسي، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2009