البيولوجيا والتطوّر > علم الجينات
فيروس الإيدز هل اقتربنا من التغلَب عليه؟
في محاولةِ واعدةِ بالأمل لمرضى نقص المناعة(الإيدز) حاول العلماء الاستفادة من التقنية التي يعتمدها جهاز المناعة في محاربته للفيروسات في محاربة فيروس الايدز والقضاء عليه...
أصبح معروفاً أنّه عند مهاجمة فيروس عوز المناعة المكتسب HIV المسبب لمرض الإيدز للجسم فإنّه يهاجم الخلايا اللمفاوية التائية (T cells) من الجهاز المناعي مُبطِلاً من عملها في القضاء على الجراثيم والعوامل الممرضة الأخرى مما يؤدي إلى تدهور تدريجي ومتزايد للجهاز المناعي، وبالتالي يصبح الجسم أكثر عرضةً للمرض و الإصابة بأضعف أنواع الجراثيم و الأمراض الانتهازية كالسَل الرئوي والالتهابات الفطرية و الفيروسية التي لا يصاب بها عادةً الشخص السليم، وهي أكثر المشاكل التي يعاني منها المصابونK فحالما يُصيب هذا الفيروس الخلية، يقوم باختراق جدارها الخلوي ويبدأ سريعاً بعمل نسخ من مادته الوراثية في عملية ذات نسبة خطأ كبيرة، وهذا ما يجعل الفيروس يتحوّر بشكل مستمر وسريع ما يمكّنه من الإفلات من الجهاز المناعي ومن تأثير الأدوية المستهدفة له.
حاول العلماء الاستفادة من فكرة كانت قد طُرحت في عام 1990 بأنُهم لو تمكنوا من إجبار الفيروس على مضاعفة معدَل التحوّر (الطفرة) فإنه سيصبح مع الوقت غير قادرٍ على إنتاج البروتينات الوظيفية الهامة لعمله ما يؤدي إلى القضاء عليه.
بدأ العمل على تنفيذ هذه الفكرة عملياً عبر تصنيع بديل عن أحد قطع البناء الأولية للحموض الريبية النووية "النكليوتيدات" ويدعى الـ"سيتوزين"، هذا البديل يدعى 5-هيدروكسي سيتوزين 5-hydroxycytosine، حيث يحل محل السيتوزين ويرتبط بدلاً عنه مع نوع آخر من قطع البناء ويدعى أدينوزين. هذا الارتباط أدّى إلى مضاعفة معدل الطفرة التي تحدث في الفيروس بمعدل 25 مرة عن المعدل الذي تجري فيه عادةً.
ومع الوقت، طوّر العلماء مركباً آخر أُطلق عليه اسم KP1212 ووجدوا بأنّه قادر على مضاعفة معدل الطفرة في فيروس الايدز بمعدل 100 مرة عن سابقه (5-هيدروكسي سيتوزين).
فقد أظهرت التجارب السريرية التي أجريت على 32 مريضاً طوال أربعة أشهر أن هذا المركب ضاعف من معدل الطفرات بشكل كبير لكنه لم يقض على الفيروس نهائياً، ولكن من الناحية الإيجابية، فقد تبيّن أنّ استخدامه كان آمناً على المرضى حيث اقتصر تأثيره على المادة الوراثية الخاصة بالفيروس دون التأثير سلباً على المادة الوراثية لخلايا جسم الانسان.
تعتمد آلية عمل هذا المركب على أنه حال وصوله إلى المادة الوراثية للفيروس يعمل على تغيير الروابط الكيميائية في قوالب بناء الحموض الرئبية النووية، ما يسمح له أن يعطي في كل مرة أشكالاً مختلفةً من النيكليوتيدات وتغيير آلية ارتباطها معاً ما يؤدي بدوره إلى حدوث الطفرة.
تحدث هذه التغييرات بشكل سريع جداً خلال أجزاء صغيرة من الثانية، كما لوحظ أيضاً أنّ استخدام KP1212 زاد معدَل الطفرات لدى فيروس الإيدز 10 مرات قياساً على المعدل الطبيعي.
من هنا يعتقد العلماء بأنّه اذا استمر هذا المركب في زيادة معدل التطفر لدى الفيروس فإنه سيقضي عليه خلال سنة أو سنتين. ولكن هذا الوقت وسرعة تأثير الدواء يعتمد على عدد من المتغيرات منها تركيز المركب المطلوب وصوله لداخل الخلايا وقدرة الخلايا على تشكيل النكليوتيدات.
كما يعمل العلماء على تطوير الـ KP1212 لتمكينه من العمل لمدة أطول وبشكل أكثر سرعةً للقضاء على المرض بأقصر فترة ممكنة.
المصدر: هنا
مصدر الصورة: هنا