الفيزياء والفلك > فيزياء
الفيزيائيون يتعقبون الأخطاء الكمومية بشكل مباشر
تمكن علماء من جامعة Yale من تعقّب الأخطاء الكمومية أثناء حصولها، وهي خطوة مهمة جداً على طريق تطوير الحواسيب الكمومية الممكن استخدامها.
يُمكن للحواسيب الكمومية أن تُحسّن القدرة الحسابية للحواسيب الحديثة بشكل كبير،ولكن مشكلة رئيسية تقف عائقاً أمام ذلك: فقدان المعلومات أو الأخطاء الكمومية (quantum errors). ولمواجهة هذه الأخطاء، يجب أن يكون الفيزيائيون قادرين على معرفة أن خطأً ما قد حصل ويقوموا بتصحيحه بشكل مباشر. تُعرف هذه العملية بتصحيح الخطأ الكمومي(quantum error correction) .
يوضح Rob Schoelkopfبروفيسور الفيزياء التطبيقية من جامعة Yale، بأن تسعٌ وتسعون في المائة من الحساب الكمومي يتكون من تصحيح الأخطاء، وإيجاد طريقة فعالة لتصحيح الاخطاء لا تزال أكبر التحديات التي تواجه عملية بناء حاسب كمومي.
يتم تخزين البيانات في الحواسيب القياسية على شكل بِتّات تُعرف بالحالات الكلاسيكية: إما 0 أو 1 هذه الحالات غير حساسة لمحيطها بشكلٍ كبير. من ناحية أخرى، تعتمد الحواسيب الكمومية على البتات الكمومية، أو تدعى الكيوبتات (qubits)، التي تُخزن البيانات ضمن حالة ثالثة حساسة جداً تُعرف بالحالة الكمومية –نوعٌ من التراكب بين 0 و1 بشكلٍ متزامن وآني. لكن يُمكن لتغيير بيئة الكيوبتات أن تُجبرها على العودة مرة أخرى إلى إحدى الحالات الكلاسيكية: إما 0 أو 1، وعندما ينتقل كيوبِت الحالة الكمومية، يفقد أيضاً البيانات التي كان يحملها.
في البحث الجديد، توجهت مجموعة من الباحثين نحو الخطوة الأولى في مجال تصحيح الأخطاء الكمومية حيث حددوا وبنجاح الأخطاء أثناء حصولها وذلك عن طريق استخدام ما يمكن أن نسمّيه الذرة المُخبرة (reporter atom) .
يُعتبر تحديد الأخطاء في الحساب الكمومي أثناء حصولها تحدياً من نوعٍ خاص فالكيوبتات حساسة إلى درجة أن عملية البحث عن الأخطاء ربما تقود إلى المزيد من الأخطاء، وبالتالي من أجل تحديد حصول خطأ معين، اعتمد الباحثون على بِت مساعد (ancilla)، وهي ذرة مُخبرة أكثر استقراراً ويمكن لها أن تكشف عن الأخطاء دون أن تُدمر الحالة وتنقل تلك المعلومات إلى العلماء عن طريق الحاسب.
أثناء تجاربهم، استخدم العلماء صندوقاً فائق الناقلية يحتوي على البتات المساعدة وعلى عدد غير معروف من الفوتونات، أو جسيمات الضوء، التي تمَّ تبريدها إلى درجة حرارة تبلغ حوالي (272،7-) أي ما يعادل جزءاً من الدرجة فوق الصفر المطلق. يُخفض ذلك من الأخطاء الكمومية التي تُحفزها البيئة إلى أقل قدر ممكن. بعد ذلك، قام الفريق بتعقب الفوتونات الموجودة في الصندوق مع مرور الوقت من أجل معرفة فيما إذا أفلتت الفوتونات من الصندوق ومتى أفلتت حيث تدل خسارة الفوتونات من الصندوق على فقدانٍ في المعلومات، أو حصول خطأ كمومي.
كما أن الكشف عن الأخطاء يجب أن يتم دون معرفة الظروف الدقيقة الموجودة داخل الصندوق فائق الناقلية، بما في ذلك عدد الفوتونات، لأن تحديد الظروف الموجودة داخل الصندوق يُمكن أن يؤدي إلى الإخلال بالحالة الكمومية (الكيوبت) ويُنتج بالتالي أخطاءً أكثر. لذلك دلّت الذرات المساعدة (ancilla) على تكافؤ عدد الفوتونات –أي فيما إذا وُجد في الصندوق عددٌ فردي من الفوتونات الكمومية أم عدد زوجي – وذلك بشكل مباشر. يدل التغير في التكافؤ على سبيل المثال من زوجي إلى فردي على فقدانٍ لفوتونٍ وحيد دون الكشف فيما إذا تغير العدد الموجود في الصندوق من ستة فوتونات إلى خمسة أو من أربعة فوتونات إلى ثلاثة.
نجح الفريق خلال تجربته الأولى وأثبت، للمرة الأولى على الإطلاق، إمكانية تعقب الأخطاء الحاصلة طبيعياً بصورة مباشرة الأمر الذي سنحتاجه في الحواسيب الكمومية الحقيقية.
يقول Schoelkopf، هذا النجاح اعطانا المزيد من الثقة للمضي قُدماً. يقوم فريق Yale حالياً بدراسة كيفية إصلاح الأخطاء، وهي الخطوة التالية في تصحيح الأخطاء الكمومية وتُعتبر من المتطلبات الأساسية في الحواسيب الكمومية العملية.
وينهي البروفيسور Schoelkopf بأنه من الصعب تقدير كم يلزمنا من الوقت للحصول على الحواسيب الكمومية العملية، لكن هذه الحواسيب ستأتي خلال وقتٍ أقرب بكثير مما نعتقد.
المصدر: هنا