الطب > طب الأطفال
تلوث الهواء في بيوت المدخنين يعادل مستويات التلوث في أكثر المدن ازدحاماً...
يعتقد كثيرٌ من الناس أنَّ التلوث الخارجي في الزحمة أشدُّ خطراً من التدخين السلبي، ولكن أظهرت هذه الدراسة أن العيش مع مدخن يماثل تنفّس الهواء في أكثر مدن العالم تلوثاً، حيث يجعل التدخين في البيت الهواء مماثلاُ للهواء في المدن الكبرى كدلهي وبكين...
ينتج عن التدخين جسيمات صغيرة جداً لا تُرى بالعين المجردّة تدعى PM 2.5 (يبلغ قطر الجزيئة 2.5 ميكرومتر أو أقل). تنشأ هذه الجسيمات عادة نتيجة الاحتراق، وتعتبر عوادم السيارات ومحطات الطاقة والحرائق هي المصدر الأساسي لها في الخارج. أما داخل المنزل، فالمصادر الأساسية لها هي احتراق الخشب، وفحم الشواء، وغاز الطهي، ونيران التدفئة، ودخان التبغ... يعتبر وجود هذه الجسيمات في الهواء أمراً خطيراً، حيث بإمكانها التسلُّل إلى داخل الرئتين والدم، ويرتبط وجودها بأمراض القلب والسكتات الدماغية والسرطان. وتعتبر منظمة الصحة العالمية أنَّ المعدّل الآمن من الـPM 2.5 في الهواء الطلق هو 25 ميكروغرام- أي 25 جزء من مليون من الغرام- في المترالمكعب من الهواء خلال مدة 24 ساعة، أو بمعدّل 10 ميكروغرام في المتر المكعب في السنة. ويعتبر منع التدخين داخل البيوت من أهم عوامل الوقاية من التعرض للـPM2.5 . فبالنسبة لغير المدخنين الذين يسكنون مع المدخنين في نفس البيت، سيقلل منع التدخين في المنزل من المعدل اليومي الذي يستنشقونه من الPM2.5 بنسبة 70% أو أكثر.
شملت العديد من الدراسات السابقة درجة التلوث في الهواء الطلق أو معدل نقاوته في أماكن العمل، ولكن لم تقم أية دراسة بدراسة البيوت - حيث يقضي أكثر الناس معظم أوقاتهم وخاصة الأطفال الصغار وكبار السن. أما في هذه الدراسة فقد نظر فريق البحث في بيانات من دراسات مختلفة لمعدلات PM2.5 في 93 بيت يتم التدخين فيه في سكوتلاندا وفي17 بيت لا يتم التدخين فيه. فوجدوا أن معدلات الـPM2.5 في بيوت المدخنين حوالي 31 ميكروغرام في المترالمكعب وسطياً - أي أكثر بعشر مرات من بيوت غير المدخنين والتي كانت بمعدل 3 ميكروغرام في المترالمكعب.
ووجد الباحثون أنّ نسبة كبيرة من بيوت المدخنين كانت معدلات التلوث فيها تماثل أو تتجاوز حتى معدل الـPM2.5 السنوي الذي قِيس في بكين ذات معدل التلوث العالي جداً.. وقدّر الباحثون أنّ غير المدخن الذي يسكن مع مدخن سيستنشق اكثر بـ6 غرامات من هذه الجسيمات الصغيرة من الشخص غير المدخن الذي يسكن في بيت لا تدخين فيه. يقول الباحثون أنّ هذا المقدار الصغير له تأثيرٌ جوهري على احتمالية الإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي...
وقد سبق أن تحدثنا في مقال سابق عن خطر تعرض الأطفال للتدخين، والآثار البعيدة لهذا (هنا) .
إن قواعد منع التدخين في البيوت لا تساعد على تقليل نسبة PM2.5 فقط بل تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين أيضاً، إذ تظهر الأبحاث أن وجود قواعد تمنع التدخين في البيت تحفز المدخنين على زيادة محاولات إقلاعهم وتقلل من عدد السجائر التي يدخنونها.
يأمل الباحثون عبر مقارنة التلوث الداخلي في بيوت المدخنين وبيوت غير المدخنين ومن ثم مقارنتها بأكثر المدن تلوثاً، أن يتمكنوا من توضيح مخاطر التدخين داخل البيوت على حياة الإنسان...
المصادر: