البيولوجيا والتطوّر > علم الجينات
الموت أو الشفاء من الإيبولا إنما يعتمد على مورثاتك
تختلف خطورة الأعراض بين المصابين بالإيبولا اختلافاً كبيراً، حيث يموت معظمهم.. لكن بالمقابل فإن البعض تظهر عليهم أعراض خفيفة جداً، وفي حالات أخرى قد لا تظهر أية أعراض لديهم! تقترح دراسة حديثة على الفئران أن الوراثة قد تلعب دوراً في كيفية استجابة كل جسم لنفس الفيروس...
إن تفاعل فيروس الإيبولا مع العوامل الوراثية للجسم ليس شيئاً خاصاً بهذا المرض، وقد أُجريت سابقاً دراسات مشابهة ولكن على أمراض أخرى (كالانفلونزا والسرطان والسكري...)، وقد لاحظ الباحثون مجموعة كبيرة من الأعراض على الفئران المتنوعة وراثياً. لذلك فقد أفترض الباحثون بأن ذلك قد يكون صحيحاً أيضاٌ بالنسبة للإيبولا...
لدراسة العلاقة بين الجينات والفيروس، قام الباحثون باستخدام مجموعات من الفئران التي تم تهجينها لتعطي تنوعاً وراثياً كبيراً بدلاً من استخدام الفئران المخبرية العادية التي يتم إنتاجها من تزاوج عدة أجيال فيما بينها (الأمر الذي يجعلها متشابهة للغاية)، والتي لا تصاب عادةً بأعراض الإيبولا التي نشاهدها عند البشر إنما تموت عند الإصابة دون ظهور أعراض.
في هذه الدراسة، فقدت جميع الفئران جزءاً من وزنها بعد إصابتها بالمرض بعدة أيام، بعض الفئران كانت مقاومةً للمرض وتعافت تماماً، بينما أصيب بعضها الآخر بالتهاب في الكبد بدون ظهور الأعراض الكلاسيكية للإيبولا. والبعض كان مشابهاً لفئران المخبر العادية (أي مات دون أن تظهر عليه أعراض النزيف). ولكن نحو 40% من الحيوانات أصيبت بمشاكل في الدم والكبد مشابهة لأعراض الداء النزفي hemorrhagic disease المشاهد عند بعض مرضى الإيبولا، وأصبح تخثر الدم لديها يستغرق مدة طويلة (وهي السمة المميزة لحمى الإيبولا النزفية القاتلة عند البشر) فأصيبت هذه الفئران بالنزيف الداخلي وتورم الطحال وتغيرات في لون الكبد وقوامه.
وبشكل عام، فإن طيف أعراض المرض الذي شوهد عند الفئران كان مشابهاً للذي لوحظ في الإيبولا المتفشية في غرب أفريقيا، حيث يصاب 18% من المرضى بالداء النزفي. ولكن من الصعب معرفة نسبة الناس المقاومين للإيبولا، لأن هؤلاء تظهر عليهم أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أيّة أعراض وبالتالي لا يتم توثيق إصابتهم.
وجد الباحثون اختلافاتٍ جينية يبدو أنها مرتبطة بنتائج المرض على الحيوانات، كما وجدوا أن أعراض المرض التي ظهرت، كانت نتيجةً لتفعيل أو تثبيط جينات معينة. فعلى سبيل المثال.. توقفت الجينات المسؤولة عن صحة الأوعية الدموية في الجسم عن العمل عند الفئران التي إصيبت بالداء النزفي.
تشير هذه النتائج إلى أن الخلفية الوراثية للفرد المصاب قد تلعب دوراً في تحديد مدى الخطورة التي قد يصل إليها مرض الإيبولا عنده...
يخطط العلماء في المراحل المقبلة إلى العمل على تحديدٍ أفضل للجينات التي قد تكون ذات أهمية مؤثرة على نتائج المرض عند الفئران، ودراسة - فيما بعد - إذا ما كانت تلك الجينات هي نفسها التي تعمل عند البشر المصابين بالإيبولا.. يصعب حالياً دراسة الاختلافات الجينية بين مرضى الإيبولا، خاصة دون معرفة أين يجب أن نبحث في الجينوم، ولهذا فسيحتاج الأمر عدداً كبيراً من الناس للحصول نتائج عملية عن الجينات التي قد تلعب دوراً أم لا.
قد يتبين بأن للجينات أهمية في تحديد مصير مرضى الإيبولا، لكنها ستكون عاملاً واحدا من العوامل المؤثرة، فالفئران في هذه الدراسة قد أعطيت نفس الجرعة من الفيروس، وبطريقة العدوى نفسها، كما أنها لم تتلق أي علاج. أما في المجتمع البشري، فيصاب الناس بجرعات مختلفة من الفيروس، تبعاً لكيفية الإصابة، كما يختلفون أيضاً بالرعاية الصحية والعلاجات الأخرى التي يتلقونها، وبالتالي فأن اجتماع هذه الأشياء سيؤثر في نهاية المطاف على مصير المصاب...
وللمزيد عن انتشار الإيبولا وأعراضه وطرق العدوى: هنا
المصادر: