الفيزياء والفلك > فيزياء
فيزياء فيلم Interstellar كما يشرحها الفيزيائي نيل ديغراس تايسون: ثقوب سوداء، تباطؤ زمني و أمواج هائلة الضخامة
تدور أحداث الفيلم في المستقبل على الارض حيث هلكت المحاصيل بسبب وباء زراعي غامض،فتقوم ناسا بتكليف مزارع و رائد فضاء سابق (كوبر) والذي يلعب دوره (ماثيو ماكونهي)،لقيادة مهمة للذهاب عبر ثقب دوديّ إلى مجرة أخرى للبحث ضمن 3 كواكب يحتمل انها قابلة للعيش فيها لكي يستوطنها البشر. أول كوكب قاموا بزيارته قريب من ثقب أسود هائل تُسبب قوة جذبه الهائلة أمواجا كبيرة تتسبب في قذف مركبتهم في كل الاتجاهات. وبسبب قربه الشديد من الثقب الأسود وبالتالي حقل الجاذبية الشديد يمر الوقت بشكل بطيء على سطح الكوكب حيث أن ساعة واحدة يقضونها هناك تساوي ما يقارب 7 سنين على الأرض،على الكوكب الثاني يصادفون رائد فضاء تائه يدعى السيد مان. أما بالنسبة لبقية أحداث الفيلم فنترك لكم متابعتها
فلم نولانInterstellar يدعو النقاد العلمي بمشاركة المختص بالفيزياء النظرية (كيب ثورن) و الذي لم يقم فقط بلعب دور كمستشار في كتابة النص و كمنتج تنفيذي في الفيلم،بل و أطلق كتابا مرافقا أسماه the science of Interstellarيشرح فيه المبادئ المربكة التي تم توظيفها في صنع الفيلم.
لنستطيع فهم الأفكار العلمية وراء الأحداث بشكل جيد أجرت صحيفة The Daily Beast مقابلة مع الفيزيائي و عالم الفلك المعروف نيل ديغراس تايسون،و هو مدير قبة هايدن الفلكية في المتحف الوطني الأمريكي للتاريخ الطبيعي و مقدم البرنامج التابع لشبكة فوكس (الكون:الملحمة الزمكانية)،و الذي سيساعد على تبسيط الكثير من المشاهد المثيرة للجدل في الفيلم.
-على تويتر أشدت بالطريقة التي تعامل بها الفلم مع نظرية النسبية لأينشتاين و فكرة تقوس الزمكان.
لم يقم أي فيلم آخر بتقديم الاهتمام اللازم لهذه المواضيع،وقام بإتمامها بشكل متقن.
ما يجب أن أذكره أنه في فيلم planet of the apes هناك طرح لفكرة اينشتاين حول التحول الزمني حيث تقدم رواد الفضاء بشكل كبير في المستقبل لدرجة أن عهد البشر على الأرض كان قد انقضى بينما هم كانوا لا يزالون على حالهم،لكن هذه لم تكن المقدمة المتداولة عن الفيلم،بينما في Interstellar هناك تذكير دائم أن نسبية الزمن هي ظاهرة يجب أن يحسب حسابها،و التفكير بها و تقديم حل لها.
و الواح الطباشير التي تظهر في الفيلم و عليها معادلات الحقول صحيحة تماما،لقد فكر أحدهم بالموضوع مليّاً،يشبه ذلك المسلسل التلفزيوني The Big Bang Theory عندما يظهر لوح ما فإنه دائما مرتبط بفكرة الحلقة المعينة.
-في صحيفة الغارديان أشار الدكتور روبيرتو تروتا و هو المحاضر الأكبر في الفيزياء النظرية في الجامعة الملكية في لندن إلى أن الصواريخ الرجعية على المركبة الفضائية في الفيلم كانت صغيرة جدا للقيام برحلتهم عبر المجرة.
حسنا،أنا من المعجبين بمارك توين (مؤلف أمريكي كتب عدة قصص من ضمنها توم سوير) لأسباب كثيرة، و أولها هو قوله "أولا احصل على الحقائق،ثم غيرها براحتك"،إذا كان لديهم مركبة، و هي بشكل مركبة ليس لدينا مثلها اليوم،و هي كما هو واضح متقدمة أكثر من أي شيء لدينا اليوم أو أي شيء حلمنا به،و هم سيذهبون عبر ثقب دودي فالأمر ليس و كأنهم سيقومون باستخدام المحركات لعبور المجرة،أنا أوافقهم في هذا الشيء إنهم في مركبة،و هم في المستقبل، لذا علينا أن نتخطى الموضوع ببساطة.
و يجب أيضا أن أشير إلى أنه إذا كنت تريد الذهاب إلى مكان ما و تعرف الاتجاه الذي تريد أن تسلكه فإنك لا تستخدم الوقود طوال الوقت،إنك تستخدم الوقود لتعطي نفسك السرعة اللازمة والتوجه المطلوب ثم تغلق الوقود و تطفئ المحركات و تتحرك،هكذا وصلنا إلى القمر،لقد كان هناك الإطلاق للوصول إلى المدار،ثم كان هناك (نظام الضخ القمري) و الذي أخرجنا من المدار و أوصلنا إلى القمر.
-و يبدو أنك مأخوذ بالطريقة التي تعامل بها الفيلم مع الجاذبية خلافا لتحفظاتك على الفيلم Gravity.
من الواضح أنهم كانو مدركين للظروف عندما كانت الجاذبية منعدمة،ثم عندما انتقلو منها إلى جاذبية تساوي الجاذبية الأرضية عن طريق المنصة الفضائية الدوارة التي استخدموها،ان ذلك لم يكن مختلفا عن الفيلم 2001 حيث قاموا بإيلاء انتباههم لكيفية الانتقال من الجاذبية المنعدمة إلى جاذبية تساوي الجاذبية الأرضية،ولأنهم كانوا قد أولوا الكثير من الانتباه للموضوع فإنه يحق لنا الإشارة الى الاماكن التي أخطأ فيها المنتجون حيث كان كان هناك نقطة في الفيلم عندم كانت الجاذبية منعدمة و كان الممثل يشرب سائلا خلال قشة و أبعد شفاهه عن القشة فانسكب السائل،وهذا ما لن يحدث في الجاذبية المنعدمة. في الفيلم Gravity كانوا قد قاموا بالكثير من الأمور بشكل صحيح مما جعلنا نوضح ما أغفلوه و هو برأيي إطراء كبير.
-هل يمكن ان يكون هناك فعلا أمواج مد هائلة كالتي نراها في الفيلم على الكوكب الأول الذي زاروه؟
في البدية كنت قد فكرت:"حسنا هل كان عليهم أن يظهروا موجة،هذا سخيف" لكن بعد ان فكرت مرة ثانية قلت"حسنا إن كانت موجة تسونامي فإن الموجة سوف تحتاج إلى الماء لتتشكل و سيرون الماء تنسحب من تحت أقدامهم لتشكل هذه الموجة" و هكذا سيعرفون متى عليهم أن يهربوا،ثم لاحقا عرفت أن كلا من ملاحظاتي لم يكن لها أصل عندما عرفت أن الكوكب عالق بشكل عميق داخل قوة الجذب لثقب أسود و للثقب الأسود بشكل أكيد قوى مدية و جزرية هائلة،لكن أيضا فإن اسم "موجة مدية" هو اسم خاطئ،انها في الواقع نتوء من الماء مثبت في الفضاء.
و النتوء سيكون دائما موجها بهيئة واحدة في الفضاء،لذا فأنت على الكوكب الصلب تدور باتجاه داخل و خارج الموجة تماما كما تلاحظ الموجة تتقدم باتجاهك و تبتعد عنك لكنك في الواقع تتوجه من الجانب العالي من المد في الماء إلى الجانب المنخفض،و واقع أن الأمواج كانت تأتي كل ساعة فإن ذلك كان يعني أن الكوكب كان يدور مرة ساعتين-لأنه يكون لدينا مدين عاليين لكل دوران-إذا كان هناك أي شيء غير واقعي في هذه الموضوع فإنه كون النتوء المدي مدببا اكثر مما يجب إذ أن النتوء يجب أن يكون أكثر إنسيابية،أي كانوا سيرتفعون إلى الأعلى ثم فوق القمة ثم إلى الأسفل،تماما كما تطفو بطة و هي تسبح فوق موجة تصادفها،و قد كانوا قد أخذوا بعض الحريات الدرامية في هذا الجزء لتحويل الموجة إلى شيء أكثر تهديدا،و ليس لدي أي مشكلة مع ذلك.
-إن تمدد الزمن عند الثقب الأسود حاد جدا-ساعة لكل 7 سنوات على الأرض- يجب أن تكون عند افق الحدث للثقب الأسود لتحصل على ذلك.
أجل،يمكنك أن تحسب أين يجب أن تكون لتصل إلى هذه المرحلة من التمدد الزمني،و في هذه الحالة هو حاد،و لكن هذه قضية أخرى،هنا يطبق قول مارك توين،إنك في منطقة مجاورة لثقب أسود،و الزمن يمر بشكل أبطأ،ثم تعبث بهذه الحقائق لتخلق عناصر درامية من أجل القصة،و أيضا ليس لدي أي مشكلة.
في فيلم التايتانيك انتقدت منظر السماء في الليل و لكن لم يكن ذلك إلا أنهم لم يظهروا سماء ليل حقيقية،فقد فشلوا في معيار مارك توين خاصتي.
-هل كانت المركبة خاصتهم لتتمكن من الاقتراب بشدة من ثقب أسود دون أن تتفكك بفعل قوته؟
هناك الثقوب السوداء العادية و هي الحالة النهائية لنجم عظيم الكتلة و هو ثقب أسود صغير نسبياً بحجم كوكب تقريباً.
وهناك الثقوب السوداء الهائلة و التي توجد في مراكز المجرات و التي تكون عادة بحجم مجموعات شمسية،فإذا لم تكن تريد أن يتم تدميرك من قبل القوى المدية للثقب الأسود فإنه يجب عليك أن تتحرك حول الثقب الأسود الهائل لأنه كلما كبر الثقب الأسود كلما أصبحت قواه المدية ضحلة،فالثقب الأسود الهائل سيكون ذو قوى مدّية خفيفة فلن يؤدي غالباّ إلى أن تتمزق عندما تقترب منه أو عندما تتحرك عبر أفق الحدث الخاص به. بينما الثقوب السوداء ذات الكتلة التي تساوي كتلة النجوم هي ما سيدمرك و في هذه الحالة فهذه الثقوب السوداء ستسبب المد العالي على الكوكب.فهنا تستطيع أن تأخذ بعض الحريات السينمائية ،حيث تريد أن تحصل على الدراما المتولدة عن الموجة و تستطيع الحصول عليها من ثقب أسود أصغر لكنك أيضا تريد أن تنجو من تجربة كونك قربه لذلك فقد أخذوا بعض الحريات المسموحة في هذا الموضوع.
-ربما لم يكونو بحاجة إلى إرسال بشر إلى الكواكب أليس كذلك؟ ألم يكن بإمكانهم إرسال مراصد أو روبوتات؟.
حسنا،لقد فكرت في أنهم على الأغلب قد أرسلوا روبوتات في البداية،و أنهم كانوا قد ناقشوا هذا الموضوع،أنا لا أحاول الحصول على مبررات للفيلم لكن حسبما فهمت فإنهم لم يعرفوا أي كوكب يذهبون إليه أولا إلا عندما خرجوا من الجانب الآخر من الثقب الدودي و هذا ليس خياراً يستطيع روبوت إتخاذه خصوصا أنك لا تستطيع التواصل مع الروبوت عبر الثقب الدودي،لذا كان وجود البشر لازما لاتخاذ القرار عندما يخرجون على الطرف الآخر و للحصول على بيانات أكثر.
-هل يستطيع كوبر فعلا أن يطفو عبر ثقب أسود في بزته الفضائية كما يظهر في الفيلم؟ألم تكن أشعة غاما ستدمره؟.
من المرجح أن معظم الثقوب السوداء لا تصدر عنها الوسط المحيط بها أي أشعة . إن الثقوب السوداء التي نراها توجد حولها دوامة رهيبة من الغاز تتجه صوب مركز الثقب و نرى ذلك عند وجود نجم مرافق للثقب الأسود والذي يتم "امتصاص" المواد منه بسبب جاذبية الثقب الأسود و بشكل معتاد فإنه عندما ينتفخ النجم المرافق و يصبح عملاقا احمر ويتجاوز حداً معينا و هو حد محيط بالنجم إذا تخطته أي مادة من النجم نحو الخارج فهي معرضة للانجذاب نحو مكان آخر داخل هذا النظام الدوار وهذا ما يسبب هذه الاندفاعات الهائلة من الأشعة والمادة الصادرة عن المنطقة المحيطة بالثقوب السوداء.
بينما في حالة نجم يتحول إلى ثقب أسود بمفرده فإني لا أرى سبب وجود أي شيء مؤذي في المنطقة المجاورة له،لذا أجل سيكون بإمكانه أن يطفو ببساطة. لكن الخدعة هي الذهاب عبر ثقب أسود ثم الخروج عبر ثقب دودي لا نعرف حتى اليوم كيفية تأسيس أحدها أو الحفاظ عليها و هنا يأتي دور "الخيال" العلمي.
-ماذا عن طريقة الفيلم في التعامل مع البعد الخامس؟.
اه لقد كان رائعا،اذا ذهبنا الى مكان عدد أبعاده أعلى من أبعاد كوننا فإنه سيكون مسموحا بشكل كامل أن نفترض أن يمكننا استعراض "البعد الزماني".
نحن الآن لدينا امكانية الوصول إلى ثلاثة أبعاد مكانية بحيث يمكننا احتلال أي وضعية في هذه الابعاد الثلاثة في اي وقت. في الزمان فإننا محتجزون دائما في الحاضر و ليس لدينا امكانية الدخول الى ماضينا او مستقبلنا،إذا ذهبنا الى بعد أعلى فليس من المستحيل أن يكون خطك الزماني كاملا معروضا امامك تماما كما هي الحالة مع الابعاد المكانية المعروضة حولنا الآن،لذا يمكننا احتلال أي نقطة نريدها منذ لحظة ولادتنا حتى موتنا. لذا كان لديه امكانية رؤية خطه الزمني كاملاً وكان الأمر عائداً للناظر أن ينظر في "اتجاه" زمني ما ليرى الخط الزمني يمتد فيه إلى مالانهاية.
-لكن سيستغرق الامر وقتا طويلا لإرسال معادلة كمومية لإنقاذ الكوكب عن طريق شيفرة مورس أليس كذلك.
أجل في الواقع كان لدي مشكلة مع ذلك،لابد أنه كان يعرف مكتبته بشكل جيد جدا و كان يحفظ مكان كل كتاب فيها ليكون قادرا على تحديد الحرف الأول من اسم كل كتاب ليكون قادرا على تحديد الكتاب و اعطاء الشيفرة. لقد اظهر بذلك ذاكرة خارقة لا اعرف شخصيا اي شخص يتمتع بها،اذا كان بامكانه التحكم بالمادة عبر هذا البعد الزماني فكان بإمكانه ان يكتب ببساطة"مرحبا انا والدك لقد سافرت في الزمان،قولي لي أن لا اذهب على هذه الرحلة بحق الجحيم" أفضل من ان يحرك الكتب على الرّف. بل كان بإمكانه أن يكتب كتاباً كاملا ويضعه على الرف.
وفي النهاية عزيزي القارئ ما رأيك أنت ؟
المصدر: هنا