الطب > طب الأسنان
انتبه ! الجراثيم تتكاثر في فمك الآن!
طبقة البليك .. خطرٌ نهمله
تكون معظم السطوح الحية في أجسامنا وأجسام الكائنات الحية مغطّاةً بطبقة من الجراثيم (الفلورا) المتعايشة مع أنسجتنا الحية، ولا تسبب آفات إلا في حال زاد تعدادها عن المعدل الطبيعي.
الحالة الشائعة في وسط طب الأسنان هي طبقة اللويحة السنية ( البلاك). وهي في الحقيقة طبقة من الجراثيم الملتصقة بالطبقة السطحية للأسنان، وليست بقايا طعام كما يظن البعض.
الجراثيم المشكّلة لطبقة البلاك هي السبب الرئيسي للآفات الفموية كالنخور السنّية وأمراض النسج الداعمة والتهابات اللثة، علماً بأنها من الفلورا الطبيعية (أو النّبيت الجرثومي الطبيعي) في الفم. وكما تقوم خلايا جسمنا باستهلاك السكاكر لإنتاج الطاقة، تقوم البكتيريا أيضاً باستقلاب السكاكر من بقايا الطعام وإنتاج الحمض الذي يسبب النخور. دعونا نتعرف على طبقة اللويحة أكثر:
اللويحة السنّية (تاريخياً):
اللويحة السنية (البلاك ) هي مصطلح أطلقه العالم بلاك عام 1898 م و سميت باسمه و استخدمه لتعريف كتلة الجراثيم أي العضويات الدقيقة الملتصقة بنخور الأسنان في ذلك الوقت.
و في العام 1965 قام العالم ليو بدراسة تأثير تراكم اللويحة السنية في تطور الالتهاب اللثوي، و أصبحت أهمية اللويحة الجرثومية كبيرة وواضحة في إحداث المرض حول السني و اللثوي، وتطورت نظريات النوعية الجرثومية وتصانيف أمراض اللثة و النسج حول السنية بعد ذلك.
كيف تتشكل اللويحة الجرثومية (طبقة البلاك ) ؟
تتشكل طبقة البلاك من خلال ثلاث مراحل:
1- المرحلة الأولى (مرحلة القشيرة السنية المكتسبة) و هي المرحلة التي يبدأ فيها ترسب الغليكوبروتينات اللعابية على سطوح الأسنان، وبعده بعدة ساعات ستأتي الخلايا البشرية المتوسّفة و متعددات النوى و ستزداد مع الالتهاب.
2-المرحلة الثانية (مرحلة الاستعمار الجرثومي): و تبدأ هذه المرحلة خلال 24 ساعة حيث تأتي الجراثيم و ذيفاناتها (bacterial toxins)، وتوجد مادة غليكوبروتين وماء بنسبة 80%، و تكون الجراثيم المشاهدة ( العقديات الطافرة Streptococcus mutans و النايسريات و عصيّات الفطر الشعاعي Actinomyces).
3- المرحلة الثالثة (مرحلة النضج):في اليوم التالي لمرحلة الاستعمار الجرثومي و بحال استمرار الإهمال لنظافة الفم والأسنان ستقوم الجراثيم بصناعة بيوت مثبّتة لها و مستعمرات قوية صعبة الإزالة على سطح السنّ، و تصبح اللويحة حينها ناضجة وقوية وقادرة على إصابة الأسنان واللثّة معاً. و بعد نهاية مرحلة النضج للويحة السنية لن يتوقف الخطر عند هذا الحد بل سوف يتمدد لتتحول اللويحة إلى قلح calculus، و هنا لن يتمكن المريض من إزالتها دون زيارة طبيب أسنان.
عمد الباحثون في طب الأسنان إلى تصنيف اللويحة الفموية حسب موقعها إلى عدة أصناف:
1- اللويحة فوق اللثوية: تلك التي تتوضع على أعناق الأسنان، و يُتّهم هذا النوع بأنه المحرض على حصول التهاب اللثة الحفافي.
2- اللويحة تحت اللثوية: تتوضع في الميزاب اللثوي أو الجيب اللثوي و تسبب التهابات في النسج حول السنية و يحتوي هذا النوع من اللويحة على جراثيم فقد الارتباط و التي تتهم بحدوث الانحسار اللثوي.
3- اللويحة السنية (التاجية) : تتوضع على السطوح الخارجية للأسنان و تسبب النخر السني غالباً.
تحمل طبقة البلاك أخطاراً أكثر مما يعتقده البعض، فالأمر ليس مرتبطاً بالنخور السنية والأمراض الفموية فحسب، حيث أثبتت دراسات وجود علاقة بين طبقة البلاك وبين أمراض القلب والخرف والولادة المبكرة والتهاب المفاصل. لم تتم معرفة علاقة جراثيم طبقة البلاك بالأمراض السابقة ولكن يعتقد بأن الجراثيم لديها القدرة على الهجرة عبر الأوعية الدموية الى أعضاء أخرى.
تزول البكتيريا بحوادث المضغ وحركة اللسان وتفريش الأسنان والأنشطة المختلفة التي تحافظ على الصحة الفموية. لذلك تعمد الجراثيم للالتصاق بطبقة الميناء بروابط فيزيوكيميائية وروابط أخرى والالتصاق مع بعضها أيضاً مشكلةً ما يدعى بالفيلم أو الغلاف الحيوي biofilm. يقوم الفيلم الحيوي بحماية الجراثيم من الحرارة والحموضة ونقص الأوكسجين والصادّات الحيوية (الانتي بيوتيك) وغيرها من العوامل التي تعيق نمو الجراثيم، وهذا سبب تنظيف أسناننا بطريقة ميكانيكية حصراً حيث أن استخدام الغسولات (المضامض) الفموية لوحدها مثلاً لا يزيل الطبقات العميقة من الجراثيم.
يختلف تعداد الجراثيم المكوّنة لطبقة اللويحة (البلاك ) من وقت لآخر ومن مكان لآخر. وبالأخصّ بين البلاك تحت اللثة وبين البلاك الموجود أعلى اللثة (على تيجان الأسنان). ومع حموضة عالية في الفم وإهمال طويل يتشكل " القلح "، حيث تصبح طبقة اللويحة متكلّسة وقاسية ولا يمكن إزالتها بفرشاة الأسنان العادية.
ما هو تركيب اللويحة الجرثومية ( طبقة البلاك ) :
تتكون كل لويحة من جزئين أو قالبين متماسكين ومندمجين مع بعضهما، هما: قالب عضوي و قالب معدني.
يحتوي القالب العضوي على:
1- السكاكر اللعابية بنسبة 50%
2- الشحوم بنسبة 30% باختلاف أنواعها كالكوليسترول و الغليسيرول الأحادي و الثنائي و الثلاثي .
القالب المعدني: يحتوي على شوارد الكالسيوم و الفوسفات و الفضة و المغنزيوم و الصوديوم و الفلور. و هنا يتساءل البعض لماذا اللويحة السنية مضرّة و هي تحتوي بداخلها على الفلور؟ و نقول لكم بأن الفلور موجود ضمن اللويحة بنسب ضئيلة جداً. لكن ولاءه لا يزال مرتبطاً بصحة الأسنان، حيث يعمل كل ما يستطيع لتثبيط النمو الجرثومي المجاور له. ولكن في حال إهمال المريض لصحته الفموية لن يتمكن الفلور من تلبية المريض دائماً.
تكون الوقاية باستخدام فرشاة الأسنان والخيوط السنية والغسولات (المضامض) الفموية. مع العلم أن وقاية الأسنان تكمن بطريقة التنظيف وبعدد مرات التنظيف، حيث يجب تفريش جميع السطوح مرتين يومياً وبطريقة صحيحة، واستخدام الخيوط بين السنية لإزالة اللويحة (البلاك) من بين الأسنان حيث لا تستطيع فرشاة الأسنان الوصول لتلك المناطق. كما أن بقاء طبقة البلاك في منطقة غير منظّفة سيحدث آفات رغم التفريش اليومي. من المهم أيضاً معرفة أن تفريش الأسنان قادرٌ على حماية الأسنان من طبقة البلاك ما لم تتحول هذه الطبقة الى قلح؛ حينها سوف يحتاج المريض إلى زيارة طبيب أسنان حتماً. ومن المحتمل وجود طبقات من القلح و اللويحة في بعض المناطق الفموية دون أن يشعر بها المريض و من هنا تأتي أهمية الزيارة الدورية الى عيادة طبيب الأسنان مرة كل ستة أشهر .
المصادر:
مصدر الصورة: