البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
عثُّ الوجه هم أصدقاؤك الجدد!
في الواقع يا صديقي سيعيش عث الوجه على بشرتك مهما نظفت وجهك، وفي الوقت الذي تقرأ فيه هذا المقال فإن أعداداً من العث تسرح وتمرح على وجهك وتنعم بوليمة رائعة من قطرات عَرَقك الزيتية وتأكل من مساماتك كما لو كانت تسبح في برك من حلوى البودنغ.
اكتشف باحثون من جامعة ولاية كارولاينا الشمالية حقيقة مخيفة ومدهشة وهي أنك مهما قمت بفرك وتقشير جلدك، فإن هناك كائناتٍ مجهرية تعيش وتزحف على وجهك بكامل الحريّة. إذ يوجد أكثر من 48000 نوع من العث، يعيش نوعان منها على بشرة الإنسان دافناً رأسه في الجلد آكلاً من الزيوت التي نفرزها ،متجولاً على سطح وجناتنا وأنوفنا وذقوننا وجباهنا عندما ننام. أحد الأنواع الموجودة على الوجه و المسمى بـ Demodex brevis هو نوع من العث يشبه ذلك الموجود عند الكلاب والذي يمكن أن يسبب لهم الجرب.
وقد عرف العلماء عن وجود عث Demodex المحب للجلد منذ أكثر من 100 عام لكن لم تتم دراسة هذه المخلوقات بشكل كامل حتى الآن. فعندما قام الباحثون "بكشط" جوانب الأنف عند الناس وجدوا أن كل شخص بالغ (18 سنة وما فوق) كان يملك DNA هذه العثة على بشرته. وتقول الباحثة المساعدة في الدراسة Megan Thoemmes: "في أول مرة وجدت هذه العثة على وجهي لم أستطع النوم لأربع ليالي، ولكنها لطيفة حقاً بأرجلها الثمانية الصغيرة إذ تبدو وكأنها تسبح في الزيت، ووجودها دائماً على وجهك أشبه بوجود أصدقاء معك طوال الوقت. وإنه لشيء مطمئن بالفعل إدراك أننا جميعاً نملك هذا النوع من العث وأنه لا يسبب لنا أي مشاكل على ما يبدو".
لم يعرف الباحثون بعد كيف تنتشر هذه الكائنات، ولكن إحدى النظريات تقول أنها تنتقل من الأم إلى طفلها خلال عملية الرضاعة حيث الأطفال أقل عرضة للإصابة بها و حتى في حال وجودها فإن أعدادها أقل بكثير مما هي عند البالغين. ويبقى أن نعرف كيف تحصل الأم بدورها على هؤلاء الأصدقاء.
وبكونِ الباحثين قد وجدوا هذا العث في 100% من الأشخاص الذين خضعوا للتجربة فهم راغبون بإجراء المزيد من الأبحاث عن تاريخ وأصل عثة الـ Demodex ومعرفة ما إذا كانت تسبب أية مشكلاتٍ أو مخاطر مثيرة للقلق أو مهددة للصحة. حيث يريد الباحثون جمع الكثير من العينات من أشخاص حول العالم لمعرفة سببِ اختلاف تنوعها الوراثي وللحصول على صورة أكثر شمولية لما يحدث.
يبدو أننا جميعاً سنعيد التفكير بحقيقة شعورنا بالوحدة أحياناً بعد قراءة هذا المقال فقد تعرفنا لتوّنا على أصدقاء جدد يشاركوننا جسدنا ليلاً ونهاراً، وإن كانوا لا يفيدوننا فهم على الأقل لا يسببون لنا الأذى.
المصادر: