علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
الألعاب, و مستقبل اهتمامات الأطفال.
كونكِ حبيسة المطبخ، هل هذا الشيء له علاقة بلعبة المطبخ الصغير التي اخترتيها في طفولتك؟ أو ربما يتعلق إدمانك للتسوق وحيرتك في اختيار طلاء الأظافر المناسب بلعب الباربي التي كنت تجمعينها؟ وهل كان المهندسون -في طفولتهم- يستمتعون بلعب الليغو وتفكيك السيارات وإعادة تركيبها؟
هل تعكس اهتمامات الطفولة حقا ما سيبدو عليه مستقبل أطفالنا؟
"إن الألعاب المخصصة لأحد الجنسين (ذكراً كان أم أنثى)، تخاطر بتحويل اهتمام الفتيات بعيداً عن العلوم والرياضيات، وهذا سيؤثر على قرارتهنّ في اختيار مهنة المستقبل." هذا ما قلته وزيرة التعليم البريطانية السابقة Elizabeth Truss. كما وتنصح الآباء بشراء الليغو لبناتهنّ لتحفيز اهتمامهنّ بالهندسة.
هل الموضوع بهذه الأهمية حقاً؟
وفقاً لـONS figures، فإن أكثر من 80% من الباحثين والمهندسين والعاملين في مجال العلوم وخبراء التكنولوجيا هم ذكور، و82% من العاملين في مجال التربية والرعاية و78% من العاملين في مجال السكرتاريا والإدارة إناث.إنّ الأنماط المختلفة من الألعاب تحمل رسائلاً حول ما يناسب الذكور والإناث، وهي ذات محتوى تعليمي مختلف، وكلا الأمرين هامان وقد يعملان على توجيه الدراسة واختيار المهنة فيما بعد. ووجدت دراسة أخرى، إنّ الألعاب المخصصة للذكور غالباً ما ترتبط بالآلات والعمل والبناء، في حين تحمل الألعاب الخاصة بالفتيات صفات "أنثوية" كتصفيف الشعر والتبرج. أما الرسالة الموجهة هنا، فهي تلمح إلى أنّ الذكور معنيون بصناعة الأشياء وحل المشاكل، وأن على الإناث القيام بمهمة الرعاية والتربية. تتميّز ألعاب الذكور بطابع تعليمي؛ كما في ألعاب LEGO وMECCANO، فيما تميل ألعاب الفتيات لتحمل طبيعة اللعب التخيّلي والإبداعي، وهذا ينمي مهارات مختلفة.
في هذا السياق؛ يشير بحث لمستودعات ARGOS لبيع الألعاب إلى أن 60% من العاملين في مهن التصميم والعمارة كانوا يلعبون بمكعبات البناء في طفولتهم، وأنّ أكثر من 66% من العاملين في مجال المحاسبة والبنوك كانوا يفضلون لعب البازلز Puzzles.
إنّ الأطفال وبطبيعتهم يفضلون نوعاً معيّناً من اللعب على سواه، وكل طفل يختلف عن الآخر، بل إن كل طفل يختلف عن ذاته باختلاف الأيام.
تقول عالمة الفضاء Maggie Aderin-Pocock أنها لطالما أحبّت الليغو والقطارات، وكانت تجد أن الألعاب المخصصة للذكور كانت أكثر مرحا وإثارة، ولكن حين أخبرت معلمتها في المدرسة أنها توّد أن تُصبح رائدة فضاء بالمستقبل فعندها نصحتها المعلمة أن التمريض سيُناسبها أكثر. ترى Maggie أن الأمر يَتعدى كونه محصوراً بالألعاب، إنّها وجهة نظر المجتمع، بل أن الأمر في كل مكان حولنا، وإنه من المهم أنْ نرى مزيداً من النساء العالمات في المجتمع.
وتوافقها Margaret McAllister-عالمة نفس مختصة بالطفل والأسرة- الرأي بأن هناك ما هو أكثر أهمية من الألعاب في اختيار مهنة المستقبل، وتقول: "هذه المقاربة سطحية، من السهل تشجيع الفتيات على اللعب بالشاحنات والسيارات، لكن هل سيكبرْنَ ليصبحْنَ مهندسات؟ لا دليل على ذلك"، وترى بأن تشجيع الطفل على الاستكشاف والتساؤل والتفاعل مع الآخرين هو ذو أهمية أكبر بالتأكيد.
ترى الدكتورة Amanda Gummer -عالمة نفس مختصة بتطور الطفل- أن المفتاح هو "حمية لعب صحية" على حد قولها، وتتابع: "إنّ دور اللعب هو تقديم أوسع مدى ممكن من التجارب، المشكلة هي أن الأهل يسعون خلف الحل الأسهل، لكن من المفيد اختيار الألعاب التي تحسن من أداء أطفالهم، على مستوى المهارات الحركية، مثلاً: في تحسين خط اليد، ولابد للمتاجر أن ترفع رؤوسها أعلى من السياج، ليس عليهم التخلص من كل ما هو أزرق أو زهري، بل عليهم إيجاد المزيد من الخيارات التي تلائم كلا الجنسين سويّاً". وفيما يخص المهن؛ ترى Gummer أن الألعاب تقوم بتعزيز الأفكار والخيارت فقط، فلعب الليغو لنْ يعلّم الطفل كيف يبني منزلاً، الأمر ذو علاقة بتعزيز الألفة مع الفكرة والثقة بالنفس وليس بإنشاء مهارة معينة.
وأخيراً، يقترح بحث أُجري في جامعة Washington and Lee القيام بإنتاج دُمى خاصة بالإناث -مثل باربي- بلباس إطفائية أو رائدة فضاء، ويرى أن ذلك يؤثر في رؤية الفتيات في أنفسهنّ القدرة على الخوض في هذه المجالات.
قد يمتلك الطفل مهارات رياضية، وقد يهوى في الوقت ذاته ارتداء ثياب الراقصين كما يهوى لعب الليغو، ولكن هل سيكبر ليصبح لاعب كرة؟ أو مهندسا؟ أو ربما راقص باليه؟! من يدري.
المصادر: