الكيمياء والصيدلة > كيمياء غذائية

هل تفيد الصّويا في تخفيف أعراض سنّ الإياس؟

عند الدخول في سنّ الإياس، ونتيجةً لانخفاض مستويات الإستروجين، تعاني المرأة من أعراضٍ متنوعةٍ متفاوتة الشدّة، تشمل الهبّات الساخنة وتقلّب المزاج وارتفاع احتمال الإصابة بترقّق العظام.

وبالرّغم من أنّ سنّ الإياس لا يُعدّ حالةً مرضيّةً بحدّ ذاته، وإنّما مرحلةً طبيعيّةً تمرّ بها المرأة، إلّا أنّه قد تمّ البحث عن علاجاتٍ لتخفيف الأعراض الناتجة عنه، ولا سيّما البحث عن وسيلةٍ للمحافظة على الكثافة العظميّة. ومن هنا جاءت فكرة استخدام المعالجة الهرمونيّة المعاوضة HRT، ولكنّها ترافقت مع ارتفاع خطورة الإصابة بسرطان الثّدي. ومن ثمّ جاءت فكرة استخدام الصّويا، نظراً لغناها بالإيزوفلافونات الّتي تُعدّ من الإستروجينات النّباتيّة Phyto- estrogens ، وعزّز هذه الفكرة ملاحظة المستويات المنخفضة نسبيّاً للإصابة بترقّق العظام في آسيا، حيث تنتشر الصّويا كغذاءٍ رئيسيٍّ.

ولكن حدث انقسامٌ في الرّأي بين الباحثين حول الفائدة من استخدام الصّويا لهذا الغرض. حيث رأى البعض أنّ استخدام الصويا لمدّة 6 - 12 أسبوعاً عند النساء اللّواتي يعانين من أعراض سنّ الإياس والتحقّق من الحصول على فائدةٍ نتيجة استخدامها يُعتبَر خطّاً أوّلاً في العلاج، مع التأكيد على أنّ الحصول على الصويا من الطعام يبقى الخيار الأفضل.

وقد اعتمد أصحاب هذا الرّأي على عدّة دراساتٍ أجريت على أكثر من 200 امرأةٍ من 10 دولٍ مختلفةٍ، وتراوحت مدّة الدراسة بين ستة أسابيع وسنةٍ، وجرى فيها مقارنة منتجات الصّويا مع Placebo البلاسيبو، وأظهرت النتائج أنّ منتجات الصّويا التي تحوي كمياتٍ كبيرةً من الإيزوفلافون genistein كانت أفضل بمرّتين في تخفيف الإصابة بالهبّات السّاخنة مقارنةً مع تلك الّتي تحوي كمياتٍ قليلةً منه. وبشكلٍ عام كان استخدام الصويا على المدى الطويل أكثر نجاعةً من استخدامها لفتراتٍ قصيرةٍ، ولكن تمّت الإشارة إلى أنّ هذه الدراسة شملت نساءً من العرق الأبيض فقط، وبالتالي من غير الواضح إذا كان هناك اختلافٌ بالتّأثير تبعاً للأعراق.

وأُشير أيضاً إلى احتواء الصويا على موادٍ مثبِّطةٍ للدّرق ومضادّات تغذيةٍ مختلفةٍ، منها السّابونينات والأوكسالات والفيتات phytate -الّتي ترتبط بالمعادن وتمنع امتصاصها- ومثبّطات إنزيمات البروتياز التي تتداخل مع هضم البروتينات، وقد ربط سوء استخدام الصويا مع مجموعةٍ من الأمراض منها الحصيّات الكلويّة واضطرابات الغدّة الدرقيّة والحساسيّة تجاه الطعام، التي قد تكون قاتلةً في بعض الحالات. لذلك أكّد العديد من الباحثين على ضرورة أن تكون الصّويا مُخمَّرةً، حيث تقلّل عمليّة التخمير من كميّات الفيتات ومضادّات التغذية الأخرى. وأكّدوا أيضاً على ضرورة أن تكون الصويا غير مُعدَّلةٍ وراثيّاً، وأن يتمّ استهلاكها بكمياتٍ معتدِلةٍ.

بالمقابل يرى البعض الآخر أنّ الصويا غير مفيدةٍ في علاج أعراض سنّ الإياس، حيث أجريت دراساتٌ قارنت تناول إيزوفلافون الصّويا مع البلاسيبو، ولُوحِظ عدم وجود اختلافٍ في الكثافة العظميّة في العمود الفقري والرقبة أو الركبة، بينما لوحظ ارتفاعٌ في معدَّل النوبات الحارّة لدى النّساء اللاتي تناولن الصّويا!

في النهاية، ومع عدم الوصول إلى نتيجةٍ دقيقةٍ حول فائدة الصّويا في تخفيف أعراض سنّ الإياس، يمكن تقديم مجموعةٍ من النصائح للنساء لتساهم في الحدّ من هذه الأعراض وتخفيفها بشكلٍ طبيعيٍّ، وأهمّها ممارسة التمارين بانتظامٍ والحصول على كمياتٍ كافيةٍ من الكالسيوم وفيتامين D، وكمياتٍ كافيةٍ من أوميغا-3 حيوانيّ المنشأ، مع ضرورة التقليل من تناول السكريّات المُكرّرة، وتخفيف التوتّر والقلق.

المصدر:

هنا