علم النفس > القاعدة المعرفية
الانتحار..
*الانتحار:
يَندرج موضوع تدبير الانتحار طبياً ونفسياً في إطار ما يسمى بـ "الطب النفسي الإسعافي" والذي يُدعى باللغة الانكليزية بالـEmergency in psychiatry.
ونُعرّف المريض الذي يقع في هذه المعضلة بـ "المريض الإسعافي"؛ أي ذلك الشخص الذي وَجَد نفسه في لحظة ما أمام موقف يتجاوز قدراته الفردية والتلاؤمية، وانعكس ذلك على سلوكه أو عائلته ممّا يتوجب التدخل الفوري تجاه المريض أو عائلته.
إن ما يدل على الإسعاف ليس الحالة السريرية التي تعتمد على شخصية المريض فقط، وإنما على الوضع الاجتماعي والبيئة المحيطة أيضاً. يجب استبعاد أي سبب عضوي للحالة.
الانتحار: هو الذهاب في طريق الموت قصداً. أما محاولة الانتحار: فهي القيام بعملٍ مؤذٍ دون الوفاة، وهي من أكثر الحالات الإسعافية خطورةً وشيوعاً، ويجب عدم تجاهلها.
ووفقاً للإحصائيات العالمية؛
- يكثر الانتحار عند الذكور أكثر من الإناث.
- تكثر محاولات الانتحار عند الإناث أكثر من الذكور.
- يكثر الانتحار مع التقدم في العمر.
- يكثر الانتحار عند العازبين مقارنة بالمتزوجين.
- يكثر حالات الانتحار أيضاً عند الطبقات الفقيرة جداً والطبقات الراقية جداً.
- وكذلك عند أصحاب بعض المهن: الأطباء أو المحامون أو ضباط الشرطة أو الموسيقيون.
- يكثر في المدن أكثر من الأرياف.
ومن العوامل الدالة على أهمية المحاولة:
1- وجود رسالة مكتوبة عن النية في الانتحار.
2- التستر على محاولة الانتحار وعدم الكشف عنها.
3- شكل المحاولة : هل تناول كل الأدوية أو عدداً من الحبوب فقط.
4- المرض المستبطن : اكتئاب مع توهمات اضطهادية أو العدم أو الشعور بالذنب وفقد الأمل والفصام.
5- العمر: المسنين.
6- العزلة.
أشكال الانتحار :
1- الانتحار كموقف انتقام وثأر عقب هجران أو ترك الحبيب .
2- الانتحار كجريمة انعكاسية عند شخص عنيف كتعبير عن الصراع الداخلي.
3- الانتحار من أجل الالتحاق بشخص مفقود أو غائب.
4- الانتحار بناءً على فكرة أن الموت من أجل إعادة الحياة الأفضل.
5- الانتحار كعقاب ضد الإثم و الذنب في الاكتئاب.
6- الانتحار في متلازمة كوتار؛ حيث يعتقد المريض المكتئب بشدة بأنه ميت.
أسباب محاولة الانتحار:
1- الاكتئاب وخاصة النفاسي وهو الأكثر شيوعاً.
2- النفاسات : الفصام وخاصة التوهمات والاهلاسات والنوب النفاسية الحادة والنفاسات الزورية المزمة أقل الحالات شيوعاً.
3- الانتحار في الاضطرابات العصابية -خاصةً إذا لم يحقق المجتمع رغباتهم أو تأخرت النجدة المطلوبة- واضطراب الوسواس القهري.
4- الشخصيات المرضية : خاصة اضطراب الشخصية الحدي واضطراب الشخصية المضادة للمجتمع بشكل نادر.
5- الكحوليون : حيث 10 % من المنتحرين كحوليون و20% حاولو الانتحار.
6- الأطفال و المراهقين : نادراً الاطفال دون العشر سنوات، و يكثر عند المراهقين بسبب الصدمات العاطفية و رفض قبول صورة الجسم (مثلا رفض طول القامة أو اللون القاتم).
*تدبير الانتحار :
يُكمن تدبير الانتحار من خلال أمرين؛ أولهما الاستشفاء الدوائي: وذلك ما يقدمه كل طبيب نفسي مختص ولا يجوز لغيره أن يصف أدوية لأي مريض، لأنها مسؤولية كبيرة. فالمنتحرون ومحاولو الانتحار ليسوا صنفاً واحداً بل أصناف متعددة متنوعة تبعاً للسبب الدافع، ممّا يؤدي بالنهاية إلى تغير الخطة الدوائية المخصصة لكل مريض.
و الأمر الثاني من العلاج هو علاج نفسي تربوي لسبب الانتحار: الذي هو سبب ممّا ذُكِر أعلاه، حيث يجب على أهل أو أصدقاء كل مريض مساعدته للتخلص من حالات الضغط النفسي والتوتر وإتاحة المجال له لتلقي العلاج النفسي المناسب، ولا نخفي عليكم الأمر بضرورة مراقبة هؤلاء المرضى على الدوام حتى نتأكد من شفائهم، لأنهم في خطر حقيقي.
الوقاية من الانتحار :
90% من الناس الذين يموتون منتحرين هم حقاً يعانون من مشكلة عقلية في لحظة قتلهم لأنفسهم، و من أهم طرق الوقاية من الانتحار هي فهم و معالجة هذه المشاكل العقلية والنفسية، فهناك معالجات حيوية دوائية و معالجات نفسية لابد من أن تكون مفيدة في تخفيف السبب الصحي المبطن الذي يقود الناس لظاهرة الانتحار .
و من الأدوية المستخدمة لمعالجة الانتحار عند المرضى الفصاميين (كلوزبيين) كدواء ينصح به من منظمة الغذاء والدواء الأمريكية.
ومُضادات الاكتئاب أيضا لها أثر كبير في التخفيف من حالات الاكتئاب والإحباط المؤدية لحالات الانتحار .
و يوجد طريقتين للعلاج السلوكي لمرضى الانتحار :
الطريقة الأولى: وهي (العلاج السلوكي الادراكي ) CBT؛ وتقدم هذه الطريقة لمحاولي الانتحار وتَنطوي على المعالجة النفسية للسبب.
الطريقة الثانية: وهي ( العلاج السلوكي الجدلي ) DBT؛ وتقدم هذه الطريقة لمحاولي الانتحار الذين يعانون من اضطرابات بالشخصية.
وتُعتبر هذه الطرق أشواط قصيرة في المعالجة وغالباً ما تعطي نتيجة جيدة.
ومِن أجل نقل نتائج المعالجة إلى أرض الواقع لابد من التعاون مع الأسرة المحيطة بالشخص المصاب المريض ونُحدد معهم مدى تحسن المريض بعد المعالجات السابقة عن قبلها، وهل خفف من محاولات الانتحار أم لا، وهذه الخطوة من التنسيق وفق الكثير من الدراسات باتت مهمة جداً قبل نقل المريض الذي بدا يتعافى إلى العيش في بيئة ومحيط اجتماعي أوسع.
*تدبير الأسباب الرئيسية للانتحار؛
1- تدبير الاكتئاب:
من المهم جداً تدريب طاقم العناية الصحية بشكل جيد لتمييز و معالجة الاكتئاب، و هذا ما يحقق تقليل لمعدلات الانتحار بشكل واضح. ومن المحبذ أيضاً تناول الأدوية المضادة للاكتئاب ضمن الوصفة الطبية، و تحت إشراف الأخصائي النفسي ذلك بحال لم تتحسن الأعراض في المستقبل.
2- تدبير ثنائية القطب :
هم أشخاص يتميزون بتكرار نوبتين على الأقل؛ إحداهما ارتفاع في المزاج و الأخرى انخفاض في المزاج. وهؤلاء المرضى هم عرضة لخطر الانتحار بشكل كبير خصوصاً عند اصابتهم بنوبة الهوس، وغالباً ما يخضعون لأدوية التهدئة النفسية مثل "اللثيوم".
3- تدبير متناولي الكحول و المخدرات:
مقارنة مع كل ماسبق فإن تناول الكحول والمخدرات يمكن له أن يزيد من خطر الانتحار، وعند المعالجة لهؤلاء يجب التحقق من مقدار الجرعات المأخوذة كي يتم اقناعهم بخفضها على التدريج وتأهيلهم من جديد للخوض مرة جديدة في المجتمع كأشخاص أصحاء.
المصادر :
1- الهيئة الأمريكية للوقاية من خطر الانتحار:
2- منشورات جامعة دمشق- كلية الطب 2006-2007 كتاب الطب النفسي - الدكتور يوسف لطيفة
3- منشورات جامعة دمشق – كلية التربية -دراسة في سيكولوجية التكيف - الطبعة الرابعة عشر الدكتور نعيم الرفاعي