البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
اكتشاف جديد في داء باركنسون
قام فريقٌ من العلماء بقيادة مؤسسة نيويورك للخلايا الجذعيّة (NYSCF) بزراعة خلايا جذعيّة بشريّة لنموذج مرضي من داء باركنسون بنجاح. فقد تمّت دراسة زوج من التوائم المتطابقة (بويضة ملقّحة واحدة )؛ أحدها كان متأثراً وآخرٌ غير متأثر بداء باركنسون، ومصاب آخر بداء باركنسون ليس ذا قرابة معهم، إضافةً لأربعةٍ من الأصحاء. حيث كان العلماء قادرين على مراقبة السمات الأساسيّة للمرض في المختبر، وعملوا بشكلٍ خاص على تحديد الاختلاف في قدرة الخلايا العصبيّة لدى المرضى على إنتاج الدوبامين (الجزيء الناقص في داء باركنسون)، إضافةً إلى ذلك قاموا بوضع إستراتيجيّة محتملة لتطوير علاجات جديدة لداء باركنسون.
داء باركنسون (الشلل الرعاشي) هو مرض مترقّي للجهاز العصبي، عادة ما تبدأ أعراضه تدريجياً بداية بارتعاشات في إحدى اليدين. تعتبر ارتعاشات اليدين من أشهر أعراض هذا المرض، ولكن من باقي الأعراض بطء وصعوبة بدء الحركة وزوال تعابير الوجه، وقد تؤدي لتغيّر وتلعثم في الكلام. حيث تزداد شدة هذه الأعراض مع التقدم في الزمن. ولكن ومع الأسف لايوجد لداء باركنسون علاج فعّال بشكل كامل أو ربما شفاء منه.
يعود هذا المرض لأسباب وراثية وغير وراثية، ولكن لم تُفهم آلية توريثه حتى الآن، فعلى الرغم من وجود نماذج وراثية من المرض إلا أنّ هنالك نماذج فرديّة متفرّقة شائعةُ بشكلٍ أكبر.
تقول Susan L. Solomon الرئيسة التنفيذية ل(NYSCF): "السيناريو الفريد من نوعه من التوائم المتماثلة أحدها مصاب والآخر غير مصاب؛ سمح للعلماء بأخذ نظرة غير مسبوقة عن آليات حدوث داء باركنسون، حيث تسمح لنا التقنيات المتطوّرة في أبحاث الخلايا الجذعيّة بتوسيع حدود العلم ومعرفة الخلل على المستوى الخلوي خطوة بخطوة خلال فترة المرض".
فقد أشير سابقاً إلى ارتباط طفرات في الـDNA مسؤولة عن إنتاج أنزيم معيّن يُدعى "غلوكوسيريبروزيدايز glucocerebrosidase" GBA بارتفاع خطر الإصابة بداء باركنسون بخمسة أضعاف؛ ولكن تبيّن أنّ 30% فقط من الأفراد الذين يعانون من هذه الطفرة يتطوّر لديهم داء باركنسون لدى بلوغهم الـ80 من العمر.
يوحي هذا التباين إلى وجود عدّة عوامل تتحكّم في تطور داء باركنسون، منها العوامل الوراثيّة وغير الوراثيّة، ولكن لم يتوفر حتى الآن نموذج مناسب لتحديد واختبار العديد من المسبّبات التي تؤدي لظهور المرض.
في هذه الدراسة التي نشرت في مجلة Cell Reports، قدّم التوأمان المتماثلان فرصة فريدة لتقييم وتحديد المؤثرات الوراثية وغير الوراثية التي أدّت لظهور المرض عند أحدهما مع غيابه عن الآخر، علماً أن لدى كليهما الطفرة في GBA. حيث قام العلماء بإستحداث خلايا جذعية محفزة iPS من عيّنات جلدية من كلا التوأمين لإنشاء نموذج خلوي من داء الباركنسون وذلك لتحديد السمات الرئيسيّة للمرض، وخاصة تراكم بروتين يدعى α-synuclein و عوز الدوبامين.
فوفقاً لتحليل النماذج الخلوية التي درسوها؛ وجد العلماء في كلا التوأمين انخفاضاً في النشاط الأنزيمي لـGBA في الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين، إضافةً إلى نسبٍ مرتفعةٍ من بروتين α-synuclein وانخفاض القدرة على تركيب الدوبامين و إفرازه. ومقارنةً بالشقيق الآخر غير المصاب بالمرض، أنتجت الخلايا العصبية لدى التوأم المصاب نسبة أقل من الدوبامين، ومستويات مرتفعة من أنزيم الأوكسيداز أحادي الأمين-ب (MAO-B)، إضافةً إلى ضعف قدرة هذه الخلايا في التواصل مع بعضها.
وقد تبيّن أنّ علاج الخلايا العصبيّة المصابة بجزيئات قادرة على خفض نشاط أنزيم الأوكسيداز أحادي الأمين-ب (MAO-B) مع زيادة نشاط أنزيم GBA أدّى إلى إعادة المستويات الطبيعية للـα -synuclein و للدوبامين في النماذج الخلوية. هذا يدلُّ على أنّ استخدام العلاج المركّب للتوأم المصاب قد يكون ممكناً من خلال استهداف هذين الأنزيمين في نفس الوقت.
يقول الدكتور Scott Noggle: "إنّ دراسة داء باركنسون لدى التوائم غير المتوافقة قدّم لنا فرصة رائعة للإستفادة من نماذج الخلايا الجذعية المرضية المزروعة، إضافةً إلى إطلاق الآليات البيولوجية للمرض"، وأضاف " نأمل أن تكون نتائجنا ذات قابلية تطبيقية على مرضى الباركنسون الآخرين والأمراض العصبية التنكسية الأخرى".
في هذا السيناريو تحديداً، أظهر التحليل الوراثي وتحليل الخلايا الجذعية إمكانية استخدام العلاج المزدوج لدى التوأم المصاب بداء باركنسون، وربما يكون هذا العلاج قابلاً للتطبيق على نطاق واسع لدى المرضى الآخرين بداء باركنسون. في حين أنّ هذه الدراسة فريدة من نوعها "بكون أحد التوأمين مصاباً عكس شقيقه"، إلّا أنّ هذا النوع من البحوث والتحاليل الخلوية قد يخلّف لنا
الكثير من الأدلة لجميع الحالات المرضية الوراثية والمتفرّقة لداء باركنسون وغيره من الإضطرابات العصبيّة ذات الصلة.
المصادر: