الكيمياء والصيدلة > صيدلة
جسيمات الذهب النانوية العلاجية
جسيمات الذهب النانوية: هي نوع خاص من أجزاء الذهب الدقيقة والتي تكون أبعادها من رتبة النانو متر (جزء من بليون جزء من المتر)، بإمكانها أن تَعبُر أغشية الخلايا بسهولة، مما يجعلها كمرشح جيد لإيصال المركبات الدوائية إلى الخلايا الهدف.
أوضحت دراسة جديدة لعلماء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، أن هذه الأجزاء النانوية قادرة على الدخول للخلايا بشكل متفوق على الطرق العادية، والتي تتم من خلال اندماج الحويصلات مع الغشاء، وهي العملية الأساسية التي تسمح بنقل الإشارة بين الخلايا العصبية.
قدمت نتائج الدراسة عدة خطط إستراتيجية ممكنة لتصميم الأجزاء النانوية المصنوعة من الذهب أو أي عنصر آخر والتي تستطيع الدخول للخلايا بسهولة أكبر، وقد تمكن القائمون عليها من تحديد آلية لدخول هذه الجسيمات إلى داخل الخلية والتي قد تكون أكثر انتشاراً من الآلية المعروفة حالياً.
تَدخُل معظم الجسيمات النانوية إلى داخل الخلايا من خلال عملية الابتلاع الخلوي "Endocytosis"، حيث يتم احتجاز هذه الجسيمات داخل الحجرة الخلوية، وهذه العملية قد تؤدي إلى ضرر في الغشاء الخلوي وخروج مكونات الخلية إلى خارجها.
في عام 2008 وجد أحد الباحثين أن نوعاً خاصاً من جسيمات الذهب النانوية المغلفة بمزيج من الجزيئات القادرة على دخول الخلية من دون إحداث أي تمزق في الغشاء الخلوي، وذلك من خلال دمج هذه الجسيمات مع الغشاء الخلوي وبالتالي امتصاصها إلى داخل الخلية.
وفي دراسة جديدة تم تصميم محاكاة دقيقة لمعرفة كيفية حصول عملية الدمج، وقاموا بإجراء عدة تجارب أكدت ما تم التنبؤ به في نموذج المحاكاة.
*الدخول بشكلٍ متخفٍّ:
إن جسيمات الذهب النانوية المستعملة في عملية توصيل الدواء غالباً ما تكون مغلفة بطبقة رقيقة من الجزيئات والتي تساعد في ضبط الخصائص الكيميائية، بعض هذه الجزيئات أو الروابط تكون مشحونة بشحنة سلبية ومحبة للماء، بينما يكون بعضها الآخر كاره للماء، وقد وجد الباحثون أن قدرة الجسيمات على دخول الخلية يعتمد على التفاعل بين الروابط الكارهة للماء مع الليبيدات الموجودة في الغشاء الخلوي.
"يتألف الغشاء الخلوي من طبقة مضاعفة من جزيئات الفوسفوليبيد، والتي تمتلك رؤوس محبه للماء وذيول كاره للماء، تتوجه الذيول الكارهه للماء بشكل متقابل نحو الداخل، في حين تكون الرؤوس المحبة للماء متوجهة نحو الخارج، وتحتوي أيضاُ على بروتنيات غشائية".
في تصميم المحاكاة الحاسوبية وضع الباحثون نموذج مثالي للغشاء الخلوي حيث تحافظ جميع الذيول الشحمية الكارهة للماء الموجودة في الغشاء على مكانها، فوجدوا في هذه الحالة أن جسيمات الذهب تكون غير قادرة على الاندماج والعبور بسبب عدم وجود جزيئات كارهة للماء تستطيع الارتباط بها، أما في حال وجود عيب أو انفتاخ ضمن الغشاء يسمح للذيول الكارهة للماء أن تتجه نحو الخارج، عندها تستطيع هذه الجسيمات الدخول، وهذا بسبب تشكل نتوءات شحمية ضمن الغشاء تسمح لجسيمات الذهب بالالتصاق بها لأنها أيضاً من طبيعة كارهة للماء، وبعدها يحصل اللإبتلاع الخلوي من قبل الخلية دون حدوث ضرر في الغشاء الخلوي.
وفي الأغشية الخلوية الحقيقية فإن هذه النتوءات الشحمية تحدث بشكل عشوائي ضمن الغشاء، وخاصة قرب المناطق البروتينية في الغشاء، كما تحدث بشكل أكبر في أجزاء الغشاء المتعرجة حيث يصعب على الرؤوس المحبة للماء أن تغطيها، وبالتالي تترك فراغات بإمكان الذيول الكارهة للماء أن تخرج من خلالها وتتعرض للوسط المائي خارج الخلايا.
*عملية محاكاة للحالة الطبيعية:
يبدو أن هذه الظاهرة محاكاة للعملية التي تحدث بشكل طبيعي في الخلايا (اندماج الحويصلات مع غشاء الخلية).
الحويصلات هي كرات صغيرة من مادة مشابهة لغشاء الخلية وتحمل ضمنها مواد مختلفة كالنواقل العصبية أو الهرمونات.
إن التشابه بين عملية امتصاص الحويصلات ودخول الجسيمات النانوية يشير إلى أن الخلايا التي يحدث فيها اندماج حويصلات طبيعياً بشكل كبير قد تكون أهدافاً جيدة للأدوية المعطاة من خلال الجسيمات النانوية الذهبية.
يخطط الباحثون لإجراء المزيد من الأبحاث حول تأثير تركيب الغشاء الخلوي والبروتينات الموجودة فيه على امتصاص هذه الجسيمات من قبل الخلايا المختلفة.
كما أن نتائج هذا البحث قد تفيد في تطوير الجسيمات النانوية الناقلة للأدوية وإجراء تعديلات على تصميمها لزيادة ألفتها لأغشية الخلايا.
يوضح الفيديو التالي محاكاة دخول جسيمات الذهب النانوية واختراق أغشية الخلايا:
المصدر:
مصدر الصورة: