البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
عشرة أشياء قد لا تعرفها عن دماغك - الجزء الثاني
للاطلاع على الجزء الأول من المقال هنا
6- الدماغ هو نادٍ خاص ليس متوفّراً للجميع
هناك مجموعة من الخلايا في الجملة الوعائيّة للدماغ تعمل كالحرّاس الشخصيين، وتسمّى بالحاجز الدموي الدماغي blood-brain barrier، والذي يسمح لعدد قليل من الجزيئات بالدخول إلى الدماغ، حيث تكون الشعيرات الدموية التي تغذي الدماغ مبطنّة بخلايا مرتصة بإحكام، وهذا ما يمنع دخول الجزيئات الكبيرة. بينما تقوم بروتينات خاصّة في الحاجز بنقل المغذيات الضرورية والمواد اللازمة إلى الدماغ، حيث تسمح "للنخبة فقط" بالدخول.
يحمي الحاجز الدموي الدماغي الدماغ، إلا أنّه قد يمنع دخول الأدوية المنقذة للحياة. حيث يحاول الباحثون علاج الأورام الدماغية باستخدام أدوية تعمل على فتح الوصلات الضيقة بين الخلايا، لكن ذلك يترك الدماغ عرضة للإصابات بشكل مؤقت. قد تكون تكنولوجيا النانو طريقة جديدة لتمرير الأدوية من خلال الحاجز الدموي الدماغي، حيث أشارت دراسة جرت عام 2009 إلى جسيمات نانوية مهندسة خصيصاً لهذا الغرض تستطيع أن تخترق الحاجز وتلتصق بنسيج الورم. وفي المستقبل، قد يكون دمج الجسيمات النانوية مع أدوية العلاج الكيميائي طريقة جديدة لاستهداف الأورام.
7- يبدأ الدماغ كأنبوب..
تتشكّل أساسات الدماغ في وقت مبكّر، فبعد 3 أسابيع من الحمل، تشكل صفيحة من الخلايا الجنينية ما ما يعرف باللويحة العصبية ثم تنطوي على بعضها فيتشكل ما يسمى بالأنبوب العصبي، وهذا النسيج سيصبح الجهاز العصبي المركزي فيما بعد. ينمو الأنبوب العصبي ويتمايز خلال الأشهر الثلاث الأولى (عندما تتمايز الخلايا فإنها تتخصص إلى خلايا معينة وذلك في مختلف الأنسجة اللازمة لتشكيل أجزاء الجسم)، بينما يبدأ الدبق العصبي والعصبونات بالتشكّل في الثلث الثاني من الحمل، ولكنّ الدماغ لا يتجعّد حتى مرحلة لاحقة. بعد 24 أسبوع، يظهر بالرنين المغناطيسي عدد قليل من الأخاديد الناشئة على السطح الأملس لدماغ الجنين، ووفقاً لدراسة جرت عام 2000: في بداية الثلث الثالث من الحمل أي بعد 26 أسبوعاً، تبدأ الأخاديد بالتعمّق ويبدو الدماغ أشبه بدماغ الأطفال حديثي الولادة.
8- أدمغة المراهقين لم يكتمل نموها بعد
إذا كان لديك مراهقون عنيدون لا داعي للغضب بل استرخِ، فتصرفاتهم تعود جزئياً إلى تقلبات نمو الدماغ. إذ أن نمو المادة الرمادية يبلغ ذروته قبل البلوغ بفترة قصيرة فقط، ليعود الدماغ "ويشذبها" لتتناقص خلال فترة المراهقة مع بعضٍ من التطورات الواضحة في الفص الجبهي، وهو مركز صنع القرارات.
وجدت دراسة جرت عام 2005 بأن بعض أجزاء الدماغ والمسؤولة عن تعدّد المهام لا يكتمل نضجها تماماً حتى يبلغ الإنسان 16 أو 17 عاماً، وكشفت الأبحاث أن المراهقين لديهم عذر عصبي في تركيزهم على ذاتهم. فعند التفكير في إمكانية تأثير عمل ما على الآخرين، فإن المراهقين أقل استخداماً من البالغين لقشرة الفص الجبهي الوسطي، وهي منطقة مرتبطة مع التعاطف والشعور بالذنب. فالمراهقون يتعلمون التعاطف من خلال تنشئتهم الاجتماعية وتأسيسهم حتى بلوغ 20 عاماً.
9- الدماغ لا يتوقف عن التغير
بمجرد وصولك لمرحلة البلوغ، فإن دماغك يفقد قدرته تماماً على تشكيل وصلات عصبية جديدة، هذه القدرة والتي تسمى المرونة العصبية plasticity، كان يُعتقد سابقاُ بأنها تقتصر على مرحلة الرضاعة والطفولة. وهذا خاطئ، ففي دراسة أجريت عام 2007 على مصابة بسكتة دماغية، وجدوا أن دماغها قد تكيّف مع الضرر الذي أصاب الأعصاب الحاملة للمعلومات البصرية عن طريق سحب المعلومات المشابهة من أعصاب أخرى. تبع ذلك العديد من الدراسات التي تبيّن أن الفئران البالغة يمكن أن تشكل خلايا عصبية جديدة. ووجدت دراسات لاحقة أخرى المزيد من الأدلة على أن العصبونات البشرية تُشكل روابط جديدة حتى مرحلة البلوغ، وفي الوقت نفسه، أظهرت الأبحاث المتعلّقة بمجال التأمل بأن التدريب العقلي المكثف يمكن أن يغير كلاً من بنية ووظيفة الدماغ.
10- النساء لَسن من كوكب آخر
تسود في الثقافة الشعبية فكرة أن أدمغة النساء تختلف عن أدمغة الرجال. صحيح أن الهرمونات الذكرية والأنثوية تؤثر على نمو الدماغ بشكل مختلف، حيث وُجِد أن الاختلافات في الدماغ تكمن في الطرق التي يشعر بها الرجال والنساء بالألم، كذلك في اتخاذ القرارات الاجتماعية وفي التعامل مع الإجهاد والتوتر. ولكن لم يُعرف حتى الآن أيّهما أكثر تأثيراً على هذه الاختلافات، العامل الوراثي أم الخبرة.
في معظم الأحيان، تكون أدمغة النساء والرجال (والقدرات العقلية لكليهما) متشابهة. ففي دراسة أجريت عام 2005 على الفروقات بين الجنسين، وجد أن 78% من هذه الفروق والتي ذُكرت في دراسات أخرى، تقول بأن تأثير الجنس على السلوك كان معدّله صغيراً جداً أو حتى معدوم أحياناً. وقد كشفت الدراسات الأخيرة الخرافات حول القدرات المتباينة للجنسين. جرت دراسة عام 2010 بينت أن ما يقرب نصف مليون من الأولاد والبنات من 69 بلداً تم اختبارهن ،لم يكن هناك أي فرق أو نقص في القدرة الرياضية (الحسابية). فالتركيز على الاختلافات بين الجنسين قد تكون عنواناً مثيراً لكتاب، لكن في علم الأعصاب، فالأمر ليس بهذه البساطة أبداً.
المصدر: