هل يخفّض الاستخدام المفرط للحشيش حاصل الذكاء (IQ)؟

تقدّم بعض المواقع الالكترونية وغيرها الفرصة لقياس حاصل الذكاء (Intelligence Quotient (IQ، وهو رقمٌ يمثّل قدرة الفرد على المحاكمة المنطقية، يتم قياسه من خلال اختبارات حل القضايا المُعتمدة على المنطق والفطنة والانتباه بالمقارنة مع المتوسط الإحصائي لمن هم في نفس سنّه. ولا شكّ أنّ هذا الرقم يتغير وفقاً لمؤثرات عديدة... لكن هل يشكّل التناول المفرط للحشيش إحدى هذه المؤثرات؟!

أفاد علماء من جامعة Duke في الولايات المتحدة في دراسةٍ نشرت في مجلة PNAS عام 2012، أنّ للقنّب تأثيراً سامّاً عصبياً على أدمغة المراهقين، ممّا يسبب وفقاً للدراسة خسارة ثماني نقاط من حاصل الذكاء الكلي (IQ)، حيث وجدوا أنّ حاصل الذكاء والتعلم والذاكرة والوظائف التنفيذية قد تراجعت جميعها عند أولئك الذين بدؤوا بتدخين الحشيش (Marijuana) باستمرار وواظبوا عليه قبل بلوغهم سن الثامنة عشرة.

وقد كان هذا البحث جزءاً من دراسةٍ شملت 1037 طفلاً نيوزيلندياً ولدوا بين عامي 1972 و1973. اعتمدت هذه الدراسة عدّة مقاييس تتعلق بالصحة والذكاء والسلوك طُبّقت على كل المشاركين عند بلوغهم سنّ الـ38 وسطياً.

هذا وقد أشار العلماء إلى احتمال وجود تفسيراتٍ أخرى لنتائجهم، وأنّهم لم يستطيعوا بشكلٍ حاسمٍ "إثبات فيما إذا كان الرابط بين التناول المستمر للقنب وتراجع حاصل الذكاء أمراً عرضيّاً"، إلّا أنّ الدراسة لم تُغفل بعض العوامل مثل: سنوات التعليم، الفُصام، تناول الكحول، بعض الأدوية النفسية، ولكنّها أهملت في المقابل عواملَ أخرى ذات صلة مثل الصدمات النفسية في مرحلة الطفولة.

وبعد ستة أشهر من نشر البحث الأوّل، نُشرت دراسةٌ أخرى في مجلة PNAS شكّكت بالمنهجيات المستخدمة في هذا البحث، وأوضحت أنّه خاطئ وأنّ الاستدلال السببي المستخلص من النتائج سابقٌ لأوانه، كما ناقشت الدراسة أنه إذا ما أخذنا بالحُسبان تأثير الحالة الاجتماعية والاقتصادية على حاصل الذّكاء IQ فإنّ تراجع مستوى هذا الأخير بسبب استخدام القنّب أمرٌ مبالغٌ فيه من قبل البحث السابق، ويمكن في الحقيقة أن يكون معدوماً.

وقد سلّطت دراسةٌ جديدةٌ في (University College London (UCL مزيداً من الأضواء على نتائج جامعة Duke، لكنها شملت عينةً أكبر من المراهقين (2612 طفلاً بريطانياً ممن ولدوا بين عامي 1991 و1992)، حيث وجدت أنّ الاستخدام المستمر للقنّب لا يرتبط بتاتاً بتراجع حاصل الذكاء IQ، وذلك رغم وجود ارتباط وثيق بين تناول الكحول وتراجع حاصل الذكاء عند المشاركين بين ثمانية عشر وخمسة عشر عاماً.

من ناحيةٍ أخرى ثمّة دليلٌ يفي بأنّ استعمال القنّب قد أثّر على نتائج الامتحانات المدرسية عند مستخدميه، حيث انخفض تحصيل أولئك الذين يتناولون القنب بشكل حادّ بنسبة 3%، وهو ما يعكس نتائج بحثٍ آخر ربط بين الاستخدام الكثيف للحشيش وبين ضعف الأداء الأكاديمي وتدنّي معدّلات إتمام الدراسة عند المراهقين.

وفي كاليفورنيا حيث تم تشريع القنّب مؤخّراً، نُشرت دراسةٌ جديدةٌ تظهر أنّ جعل هذا العقار قانونياً أمرٌ لا يسبّب زيادة السلوك المضطرب عند المراهقين كالجريمة أو تناول جرعات مفرطة من الأدوية أو القيادة تحت تأثير العقاقير أو تدني التحصيل الدراسي.

ربما يشير هذا إلى أنّه رغم الآثار الصحية السلبية الناتجة عن تدخين القنّب فإنّ حظره قد لا يكون الحل الأمثل.

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا