علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
اتخاذ القرارات خلال النوم.
أصبح من الواضح أنّ الاعتقاد القديم بأنّ الدماغ يتوقف عن العمل بشكل كامل أثناء النوم عارٍ عن الصحّة, فنحن وبالإضافة لرؤيتنا للأحلام نقوم بتصفية الأصوات الخارجية غير المهمة التي نسمعها ونحن نيام ولا نستيقظ إلا عندما يكون الأمر مهماً فعلاً ومما لاشكّ فيه أنّ بعضنا يتفوق على الآخر في هذا المجال.
كما يعتبر النّوم وسيلة جيدة للتخزين المحكم للمعلومات التي قمنا بتعلمها سابقاً، حيث أظهرت دراسة جديدة نشرت في مجلة 'Current Biology' أنه عندما يتعلق الأمر بتشرّب المعلومات, فالنوم هو اليقظة الجديدة.
كيف قام الطبيب 'Sid Kouider' وزملاؤه باكتشاف ذلك؟
قام الطبيب Sid وزملاؤه بإجراء تجربة على عدة متطوعين, تضمنت هذه التجربة استلقاء المتطوعين في غرفة مظلمة واستجابتهم لمجموعة من الكلمات عن طريق تصنيفها إلى فئتين بالضغط على مفتاح من اثنين. قام العديد منهم بالنوم عندما أعطيوا الأذن لذلك وبشكل طبيعي توقف عندها الضغط على المفاتيح, ولكن لم ينطبق هذا الأمر على أدمغتهم أيضاً.
فقد وجد الباحثون عند إجرائهم مخططات لكهربائية الدماغ 'EEG' (والذي يقوم بتخطيط النشاطات الكهربائية ويسمح بمعرفة التبدلات الكهربائية التي تحصل فيه) أنّ مناطق الدماغ المسؤولة عن الضغط على المفتاح الأيمن أوالأيسر استمرت بالإضاءة عند سماعها لهذا الكلمات, بل أكثر من ذلك..فقد أضاءت بشكل صحيح!
فعند سماع المتطوع النائم لكلمات من الفئة الأولى, أضاءت المنطقة المسؤولة عن تحريك اليد اليسرى في حين تسبّبت الكلمات المنتمية إلى الفئة الثانية حدوث ومضة في المنطقة المسؤولة عن تحريك اليد اليمنى.
عزى الطبيب Sid ذلك إلى الذاكرة الإجرائية 'Procedural Memory' التي تسمح لنا بتكرار القيام بمهمة ما خلال تركيزنا على أمور أخرى, فيمكننا أن نقول أننا نستعمل هذه الذاكرة دون الحاجة إلى التفكير بها وبدون وعي أحياناً.
المؤسف في الأمر هو أن المتطوعين لم يستطيعوا تذكر الكلمات التي قاموا بمعالجتها وتصنيفها أثناء نومهم, ومن غير المفاجئ اكتشاف أنّ التحضير للإستجابة كان أبطأ في حالة النوم منها في حالة اليقظة, لذلك قد تتطلب فكرة الكتاب الصوتي سابقة الذكر شيئاً إضافيّاً حتى تتكلل بالنجاح.
دراسات كهذه قدمت لنا بعض الأجوبة البسيطة، إلا أنها طرحت أسئلةً أكثر تنوعاً وإثارة، فإن كنّا نستطيع الاستعداد لنشاطات معينة أثناء نومنا, فلماذا لا نستطيع تنفيذها؟ وماهو نوع المعالجة التي يستطيع أو لا يستطيع دماغ الشخص النائم أن يقوم بها؟ هل يمكن معالجة جملة أو مجموعة من الجمل عند النوم؟ وهل يمكن أن تندمج هذه الأصوات التي نسمعها لتصبح جزءاً من سيناريو الحلم؟
هذا ما يطمح العلم إلى الإجابة عنه في مزيد من الدراسات المستقبليّة، ونأمل أن تشاركونا آراءكم حول الموضوع :)..
المصادر: