الفيزياء والفلك > فيزياء
هل يلعب بوزون هيغز دوراً في عدم التوازن بين المادة والمادة المضادة؟
لقد ساعدت العديد من التجارب – بما فيها تجربة بابار BaBar Experiment في مختبرات مسرع ستانفورد الخطي الوطني التابعة لوزارة الطاقة - على تفسير جزء كبير من عدم التوازن بين كميتي المادة و المادة المضادة. وقد أوجد نظريو SLAC الآن طريقة جديدة يحتمل أنها قد تحدد فيما إذا كان لبوزون هيغز علاقة بالموضوع. فقد اقترحوا أن يقوم العلماء في مصادم الهادرونات الكبير LHC – حيث تم الكشف عن بوزون هيغز – بالبحث عن عملية تفكك معينة من بين جميع عمليات تفكك هذا البوزون عندما يعود المصادم للعمل في 2015، و قد تخبرهم تفاصيل هذا التفكك فيما إذا كان لبوزون هيغز علاقة بعدم التوازن بين كميتي المادة والمادة المضادة. " لقد حان الوقت لوضع استراتيجية جديدة للبحث " يقول مات دولان، الباحث المساعد في مجموعة العمل النظري في فيزياء الجسيمات بمختبر SLAC والكاتب المساعد للورقة البحثية. " بهذه الطريقة، سنكون جاهزين عندما يبدأ المصادم بالعمل بكامل طاقته ".
من أهم الأسئلة الموجودة حاليا في الفيزياء: لماذا يحوي كوننا جسيمات مادية أكثر بكتير من جسيمات المادة المضادة؟ فهذا الموضوع يتعلق في صلب وجودنا في هذا الكون. ففي الوقت اللاحق للانفجار الكبير، عندما بدأت حرارة الكون الفتي بالانخفاض بشكلٍ كافٍ لتشكل المادة، معظم الأزواج مادة - مادة مضادة، أفنت بعضها بعضا، إلا أن شيئا ما كسر التوازن بين كميتي المادة والمادة المضادة لصالح المادة، مما أدى إلى وجودنا و وجود النجوم والمجرات، والحياة بحد ذاتها.
يرتبط بوزون هيغز المكتشف حديثا بشكل مباشر بوجود الكتلة والمادة. لذلك فالتساؤل حول ما إذا كان لبوزون هيغز دور في رجحان كفة المادة على المادة المضادة يبدو تساؤلا منطقيا. تستند الورقة المنشورة مؤخرا إلى ظاهرة تسمى : كسر تناظر CP أو Charge Parity violation، وهي الظاهرة ذاتها التي درستها مجموعة BaBar. يفترض تناظر CP أن الطبيعة لا يجب أن تميز بين حركة الجسيمات من جهة وحركة جسيماتها المضادة التي تتحرك بصورة معاكسة من جهة أخرى. ولكن البحث عن كسر تناظر CP في مصادم الهادرونات الكبير LHC هو عملية صعبة. يقول دولان " لقد بدأنا للتو بالبحث في خصائص بوزون هيغز، ويجب أن تصمم التجارب بعناية إذا أردنا أن نتحقق من فهمنا حول تصرف بوزون هيغز في شروط مختلفة ".
بداية يجب على الباحثين أن يؤكدوا أن خواص بوزون هيغز هي نفسها المتوقعة استناداً للنموذج المعياري، والذي يعتبر أفضل نموذج يفسر لنا المادة والطاقة والعمليات التي أوصلتهما إلى ما نحن عليه الآن. بوزون هيغز الذي يخضع للنموذج المعياري- حيث تؤخذ ظاهرة كسر تكافؤ الشحنة بعين الاعتبار – ندعوه في هذه الحالة زوجيّ التناظر (even)، أما بوزون هيغز الذي لا يخضع للنموذج المعياري فنقول عنه فرديّ التناظر (odd). من الدلائل الواضحة على ضلوع بوزون هيغز في ظاهرة كسر تناظر CP، إذا كانت خواصه هي مزيج من النوعين الزوجيّ التناظر والفردي التناظر.
عند تشكل بوزون هيغز نتيجة لتصادم البروتونات في مصادم الهادرونات الكبير يتحلل بسرعة وفقا لعدة سيناريوهات محتملة. اقترح النظريون أن يبحث التجريبيون عن عملية محددة، وهي تفكك بوزون هيغز إلى جسيمي تاو tau particles، وهما من جسيمات من نوع الليبتونات التي تحوي جسيمات أخرى كالإلكترونات مثلا إلا أنهما أضخم بكثير(مقالتنا السابقة عن الليبتونات هنا ) ، بينما تنطلق الطاقة المتبقية (الناتجة أساساً عن تصادم البروتونين) في مسارين منفصلين، ويمكن من خلال الزاوية مابين هاتين الحزمتين المنطلقتين من الطاقة الكشف عما إذا كانت خواص بوزون هيغز هي تراكب أو تمازج بين الحالات الفردية والزوجية التي تحدثنا عنها.
وبحسب ما يقول فيليب هاريس، من فريق فيزيائيي CERN وكاتب مساعد للورقة البحثية أن ذلك يتطلب عملاً دقيقا. يركز هاريس على تفكك بوزون هيغز إلى جسيمي تاو، وهو ما تم أخذه مؤخرا في الحسبان. "لقد رغبت أن تتضمن تحليلاتنا عملية قياس لكسر تناظر CP، وما اقترحه مات و مارتن و مايكل، هو السبيل الوحيد للحصول على نتيجة " يقول هاريس، مضيفا إلى أنه يتطلع إلى جميع البيانات التي سينتجها المصادم عندما يبدأ بالعمل في السنة القادمة بكامل طاقته.
المصدر: هنا