الفيزياء والفلك > فيزياء
8 طرق تؤثر بها نظرية النسبية على حياتك
تعد النظرية النسبية العامة ومبدأ النسبية الخاصة من أشهر النظريات العلمية في القرن العشرين (مقالنا عن النسبية الخاصة هنا وعن النسبية العامة هنا ) ، ولكن كيف لها أن تتدخل في تفسير أشياء نراها في حياتنا اليومية ؟
لن تحتاج بالضرورة الى مركبة فضائية - تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء - لترى نتائج النسبية ، فالعديد منها نراها ونعايشها في حياتنا اليومية .. كما أن بعض التقنيات التي نستخدمها الآن تؤكد صحة ما قاله اينشتاين.
1 – الـ GPS (نظام تحديد المواقع العالمي) :
لم يكن من الممكن أن يكون نظام تحديد المواقع الموجود في سيارتك بهذه الدقة ، لو لم يأخذ الأثر النسبي بالحسبان ، فالأقمار الصناعية تتحرك بسرعة عالية جدا – لكن ليست قريبة من سرعة الضوء – واثناء هذه الحركة ترسل اشارات الى محطات أرضية تتسارع بمعدل أكبر من تسارع الأقمار بسبب الجاذبية.
لو لم يُحسب تأثير النسبية فإن محطة البنزين التي تبعد عنك نصف ميل اليوم بحسب الـGPS ، ستصبح 5 أميال بعد يوم واحد فقط.
2 – الكهرومغناطيسية :
المغناطيسية هي أثر نسبي ، وان كنت تستخدم الكهرباء فإن الفضل يعود للنظرية النسبية التي جعلت مولّدات الكهرباء تعمل . لو أخذت سلك على شكل حلقة وحرّكته داخل حقل مغناطيسي سيتولّد فيه تيار كهربائي ، فالشحنات داخل السلك تتأثر بتغير الحقل المغناطيسي ممّا يجعلها تتحرك مولّدةً تيار كهربائي.
والآن تخيل التجربة معكوسة ، حيث السلك ثابت لا يتحرك والمغناطيس يتحرك .. في هذه الحالة تكون الشحنات (الالكترونات والبروتونات) داخل السلك ثابتة ، وبالتالي يجب على المغناطيس أن لا يؤثّر عليها.لكنه في الحقيقة يؤثر ،والتيار يمر في السلك كما في الحالة السابقة . هذه التجربة تظهر انّه لا يوجد جملة مقارنة مطلقة. أو بعبارة أخرى لا يمكن لمراقبين متحركين بالنسبة لبعضهما بسرعة ثابتة مستقيمة أن يميزا من منهما متحرك ومن الثابت.
يقول توماس مور ، بروفيسور الفيزياء في جامعة بومونا بكاليفورنيا : " بما أن هذا المبدأ النسبي هو جوهر طريقة عمل المحوّلات والمولّدات الكهربائية ، فإن كل شخص يستخدم الكهرباء هو يرصد فعليا آثار النسبية".
3 – اللون الأصفر للذهب :
نرى معظم المعادن لامعة لأنّ الالكترونات في ذراتها تتنقل بين مستويات الطاقة او "المدارات" ، وعندما تسقط بعض الفوتونات (الضوء) على المعدن ، يقوم المعدن بامتصاصها واعادة ارسالها ولكن ذلك يحدث عند مجال الطيف ذو الأطوال الموجية الأطول من الضوء المرئي. لذلك فمعظم الضوء المرئي ينعكس عن المعدن دون امتصاصه.
بما أنّ الذهب معدن ثقيل ، تتحرك الالكترونات الداخلية بسرعة كبيرة تجعل أثر النسبية في زيادة كتلتها واضحا ، اضافةً الى أثر التقلص الطولي. والنتيجة هي الكترونات داخلية تتحرك بمسارات أقصر وبكمية حركة أكبر . الالكترونات الداخلية تحمل طاقة أقرب الى طاقة الكترونات المدار التالي وأطوال الموجة التي تمتص ويُعاد اصدارها تقع ضمن نطاق مجال الضوء المرئي وتحديدا عند مجال اللون الازرق. بامتصاص اللون الأزرق تنعكس بقية الالوان التي يتركب منها الضوء الأبيض لذلك تعطي الألوان المتبقية (كالأحمر والأصفر والبرتقالي) للذهب لونه الأصفر.
4 – الذهب لا يصدأ بسهولة :
التاثيرات النسبوية على إلكترونات ذرة الذهب تجعل الذهب لا يصدأ او يتفاعل مع أي شيء آخر بسهولة. تمتلك ذرة الذهب الكتروناً واحداً فقط في المدار الخارجي ، ومع ذلك فهي لا تتفاعل مثل ذرات الكالسيوم او الليثيوم . بل على العكس فإن الكترونات الذهب " كتلتها أكبر " مما يجب لذلك تكون أقرب لنواة الذرة.وهذا يعني أنّه من غير المرجح للالكترون الخارجي ان يتفاعل مع أي شيء، بل يفضّل البقاء مع زملاءه قريبا من النواة.
5 – الزئبق سائل :
كما هو الحال بالنسبة للذهب ، تعتبر ذرات الزئبق ذرات ثقيلة ، والكتروناتها تفضّل البقاء قريبة من النواة ولكن الروابط بين ذرات الزئبق ضعيفة . لهذا السبب ينصهر الزئبق في درجات حرارة اقل ، مما يجعلنا نراه عادةَ على شكل سائل.
6 – تلفزيونك القديم :
منذ بضعة سنوات كانت معظم ادوات العرض و التلفزيونات تمتلك شاشات ذات انابيب أشعة مهبطية. تعمل هذا الأنابيب عن طريق قذف الكترونات على سطح مطلي بالفوسفور بوجود مغناطيس كبير ، وكل الكترون يضيء بيكسل عندما يصطدم بخلفية الشاشة . هذه الالكترونات تقذف بسرعة تصل الى 30 بالمئة من سرعة الضوء وبالتالي الآثار النسبية يجب أن تُأخذ بعين الاعتبار. عندما قام المصنعون بتشكيل المغانط ضمن الجهاز، أخذوا بعين الاعتبار هذه التأثيرات النسبية.
7 – الضوء :
لو كان اسحق نيوتن على حق في أنه يمكننا أن نميز الحركة النسبية وأنه يمكن أن نجد راصدا ساكنا تماما نستطيع بالمقارنة معه أن نعرف من يتحرك ومن لا يتحرك حقا فعندها يجب علينا أن نبحث عن تفسير آخر للضوء.
يقول بروفيسور مور : " في هذه الحالة ليست المغناطيسية فقط هي التي لم تكن لتوجد ، بل الضوء أيضا لن يكون موجودا لأنّ النسبيّة تقتضي أن تغيرات الحقل الكهرومغناطيسي تنتقل بسرعة محدودة ، وليس بشكل آني (لا يحتاج وقت) . لو أنّ النسبية لم تقتضي ذلك سيكون التغير في الحقل الكهربائي آني الوصول بدلاً من أن ينتقل بالأمواج الكهرومغناطيسية . وحينئذ كلا المغناطيسيّة والضوء لن يكونا مهمّين ". أي بعبارة أخرى لن يكون هناك موجة تتحرك بسرعة محدودة لنستطيع رؤية العالم حولنا.
8 – المحطات النووية والسوبرنوفا ( الانفجارات النجمية العظيمة ) :
النسبية هي أحد الأسباب التي تجعل الطاقة و الكتلة قابلين للتحويل فيما بينهما ، وعلى هذا الأساس تعمل محطات الطاقة النووية ، وهذا أيضا ما يجعل الشمس تضيء.أثر آخر مهم هو انفجارات الـسوبرنوفا التي تعلن موت النجم ، ويحصل لأن التأثيرات النسبية تصبح أكبر من التأثيرات الكمومية داخل نواة نجم هائل ، مما يجعله ينهار فجأة تحت تأثير جاذبيته الى أن يصبح نجماً نيوترونياً أصغر بكثير. عند حصول انفجار السوبرنوفا تنهار طبقات النجم الخارجية نحو النواة مسبّبة انفجاراً عملاقاً ، يتشكّل منه عناصر أثقل من الحديد . انّ جميع المعادن الثقيلة التي نعرفها تمّ تشكيلها داخل سوبرنوفا.
يقول مور : " انّنا مصنوعون من مواد تشكّلت وتناثرت من خلال انفجارات النجوم ، ولو لم تكن النسبية موجودة لكانت أكبر النجوم انهت حياتها على شكل أقزام بيضاء دون أن تنفجر . ولم نكن نحن موجودين هنا لنفكر في ذلك ".
المصدر: هنا
حقوق الصورة: agsandrew | Shutterstock.com