الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
أشجار الميلاد.. طبيعية ام اصطناعية
شجرة الميلاد: السمة المميزة لاحتفالات الميلاد ورأس السنة حول العالم ونكاد نراها في معظم "المولات" التجارية والبيوت وحتى أماكن العمل في هذا الوقت من السنة.
يعتبر الشوح Fir الخيار الأكثر شعبية يليه الصنوبر البري ولو أن هنالك أنواعاً عديدة لتناسب الأذواق المختلفة. وحال شجرة الميلاد كحال أي منتج استهلاكي آخر؛ منه الأصلي الطبيعي ومنه الزائف البلاستيكي.
تستخدم 83% من المنازل التي تقيم تقاليد عيد الميلاد أشجاراً اصطناعية في الولايات المتحدة. مع ذلك فقد اشترى الأمريكيون في العام الماضي ما يقارب الـ 22 مليون شجرة عيد ميلاد حقيقية مقابل 12 مليون اصطناعية (النسبة الكبيرة 83% للصناعية تعني أن المحتفلين بتقاليد رأس السنة استخدموا أشجاراً صناعية من أعوام سابقة). تجدر الإشارة إلى أن بعض الأسر استخدمت كلا النوعين أيضاً. ووفقا لإحدى الدراسات فقد كان متوسط تكلفة الشجرة الحقيقية 45 دولاراً مقابل 80 دولاراً للاصطناعية.
لكن بعيداً عن تفضيلاتنا وأهوائنا وميزانيتنا .... إذا أردنا أن نكون أصدقاء للبيئة في احتفالنا برأس السنة فأي الخيارين هو الأفضل حقاً؟
تختلف الآثار البيئية لاستخدام شجرة ميلاد طبيعية مقابل الصناعية إذ يعتمد ذلك على العديد من العوامل ومن ضمنها السلوك الشخصي.
في علم البيئة توجد مجموعة بروتوكولات تعنى بتقييم دورة حياة منتج ما "Life Cycle Assessment" والتي يمكن أن توضح وتقارن التأثيرات البيئية بقياس أو تقدير المدخلات والمخرجات المرتبطة بالمنتج بدءاً بمرحلة الاستخراج والتصنيع وانتهاءً بالاستهلاك والبقايا؛ بعبارةٍ أخرى "حياة المنتج من المهد إلى اللحد".
تخضع هذه البروتوكولات لمراجعة وتعديل منتظمين بهدف الوصول إلى أفضل استغلال للموارد مع تقدّم التكنولوجيا، وفيما يتعلق بالأشجار أو بالمنتجات الخشبية عموماً فإن هذه البروتوكولات تحتاج تعديلاً جذرياً. درس الباحثون موضوع أشجار الميلاد بتحويل الكربون والطاقة المستخدمة في إنتاج النوعين؛ الطبيعي والصناعي إلى قيم نقدية، كما جرى تقييم التأثيرات الأخرى أيضاً.
فيما يلي سنوضح المزايا الإيجابية والسلبية لاستخدام النوعين لنترك لكم الحكم في النهاية:
أولاً: الفوائد التي يمكن أن نجنيها من استخدام الأشجار الطبيعية؟
1- إن شراء شجرة حقيقية من مزرعةٍ محلية للأشجار يساعد مزارعي منطقتك على البقاء في العمل، بقاؤهم في العمل الزراعي قد يبطئ بعض الشيء من الزحف العمراني. في الولايات المتحدة آلاف المزارع المتخصصة بأشجار الميلاد التي توظف 100 ألف شخص.
2- في دراسات دورة حياة المنتجات لا يـُـفرّق غالباً بين الكربونين البيولوجي والأحفوري. زراعة شجرة طبيعية يمثل بناءً بيولوجياً للكربون بينما يصنع البلاستيك الداخل في الأشجار الاصطناعية اعتماداً على الكربون الأحفوري (البترول) وبالتأكيد فإن للطبيعية مزايا عديدة من تنقية للغلاف الجوي إلى تنقية المياه الجوفية واستقرار التربة وتوفير الموائل للطيور والثدييات والحشرات.
3- الأشجار الحقيقية قابلة لإعادة التدوير تماماً فهي جزء حي من المنظومة البيئية الطبيعية. بمجرد انتهاء العطلة، تقام العديد من البرامج التي تهدف إلى إعادة التدوير (مجانية غالباً ومثالها البرنامج الذي يعنى بتدوير 4000 شجرة في نيوورك وحدها).
للمشككين بقدرة الطبيعة على تلبية حاجة السوق نقول: يوجد مقابل كل شجرة حقيقية مباعة حوالي تسعة أخرى يتركها المنتجون حتى تنمو للارتفاعات المطلوبة. في الولايات المتحدة حوالي 12 ألف مزارع يعتنون بحوالي 400 مليون شجرة حالياً أي أن أشجار الميلاد تفوق عدد سكان الولايات عدداً.
هنالك أيضاً من يعارض فكرة استخدام الأشجار الطبيعية بسبب حاجتها للمياه في ظل شحها الذي يطال العديد من المناطق وهنا نقول؛ إن الأنواع المستخدمة في أعياد الميلاد لا تتطلب الكثير من المياه سيما في السنوات الأولى من حياتها (تستخدم الأشجار بأعمار صغيرة غالباً) كما أن معظم المزارع التي تنتجها غير مقامة في مناطق شح المياه ناهيك عن أن تصنيع الأشجار الصناعية يتطلب الكثير من المياه أثناء إنتاج واستخراج المواد الخام.
تنادي حركات عدة اليوم ليس فقط بتفضيل استخدام الأشجار الطبيعية بل بإنتاجها عضوياً أيضاً بما يضمن عدم استخدام المبيدات والأسمدة الكيميائية في إنتاجها. ورغم أن أشجار الميلاد العضوية تفوق العادية سعراً بـ 10% إلا أنها أكثر سلامة وأقلّ ضرراً على الصحة والسلامة العامة والبيئة.
ثانياً: ما المضار التي قد تترتب على إقبال الناس على الأشجار الصناعية؟
أشجار عيد الميلاد البلاستيكية قد تكون مريحة من حيث خدمتها وتركيبها وتزيينها كما قد تبدو للوهلة الأولى صديقة للبيئة من حيث أنها تغني عن قطع الأشجار الطبيعية، ولكن في الواقع فإن تكاليفها إذا ما قيست على أساس بيئي من حيث مساهمتها في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والحيز المكاني الذي تشغله منشآتها يتجاوز فوائد استخدامها. لذلك ينصح حماة البيئة المستهلكين بالبقاء طبيعيين أثناء اختيارهم لأشجار الميلاد في عطلة هذا الموسم. يؤكدون أيضاً بأن المشكك الوحيد في جدوى استخدام الأشجار الطبيعية هم فقط أولئك الذين يرغبون ببيع أشجارهم الاصطناعية.
من المضار المترتبة على استخدام أشجار اصطناعية:
1- تصنع معظم الأشجار الاصطناعية في الصين والتأثيرات السلبية للسفن وغيرها من وسائل النقل المستخدمة في إيصالها إليك كبيرةٌ جداً.
2- الأشجار الاصطناعية مصنوعة من البولي فينيل كلورايد، وهو مشتق بترولي يمكن أن يحتوي على الرصاص أو السموم الضارة الأخرى، علاوة على ذلك، تولـّـد الكهرباء المستخدمة في التصنيع عن طريق حرق الفحم؛ أقذر مصادر الطاقة.
3- على الرغم من إمكانية إعادة استعمال الأشجار الاصطناعية، لا يزال متوسط العمر المتوقع لها قصيراً. تبقي الأسر وسطياً الأشجار الاصطناعية لمدة خمس إلى ست سنوات، وبعد ذلك ترمى في مكب النفايات، حيث لا يمكن أن تتحلل عضوياً.
خلاصة القول يمكن أن نجدها في الدراسة التي أجرتها جمعية أشجار عيد الميلاد الأمريكية (ACTA) أحد مصنعي الأشجار الصناعية والتي تخلص إلى ما يلي:
1- إذا اخترت أن تحتفل باستخدام شجرة طبيعية، اختر ما هو مزروع محلياً.
2- قلل عدد الكيلومترات المصروفة للحصول على الشجرة وجلبها للبيت. تشير التقارير إلى أن القيادة للحصول على شجرة يسبب آثاراً بيئية أكبر من الشجرة نفسها.
3- إذا فضلت الشجرة الاصطناعية فعليك استخدامها لمدة 8-9 سنوات حتى تحصل على فائدةٍ تتجاوز الفائدة السنوية للأشجار الطبيعية.
4- عندما تقوم باستبدال شجرتك الاصطناعية، حاول التبرع بالشجرة القديمة.
5- تخلص من الأشجار الطبيعية باستخدام أحد طرق إعادة التدوير الهادفة حيثما كان ذلك ممكناً (مثل تحويلها لنشارة والتي لها استعمالات عدة بدورها).
إذا اخترت الشجرة الصناعية فاعلم أن استخدامها لفترة طويلة من الزمن سوف يؤدي إلى تقليل بصمة الكربون إلى ما يقل عن البصمة الكربونية الناتجة عن شراء شجرة طبيعية كل عام أي أن اختيار الشجرة الطبيعية قد لا يكون -بالمطلق- الخيار الأفضل دائماً. وفي النهاية، نوصيكم بأن تختاروا ما يناسب عائلتكم واحتياجاتكم ويدخل بهجة العيد إلى قلوبكم في المقام الأول، وكل عام وأنتم بخير.
المصادر:
مصدر الصورة: