الموسيقا > موسيقا
الموسيقى في حضارة مملكة ماري
ملاحظة: صورة المقال تظهر تمثالاً لأورنينا مغنية المعبد في الزاوية اليسرى العليا، وتمثالاً لربة الينبوع في الزاوية اليمنى السفلية ، وتمثالاً للحاكم إيبيه إيل في الزاوية اليمنى العلوية، وصورة لمنطقة تل الحريري في الزاوية اليسرى السفلى.
تدل اللقى الاثرية والمعطيات العلمية على أن سورية هي محطة بارزة في التطور الموسيقي وانتشاره عالميا فعلى الارض السورية اكتشف أقدم مشهد لفرقة موسيقية جماعية في ماري مؤلفة من 26 عازفا يتم توزيع الموسيقي بين الآلات وعلى تطور مفهوم الدوزنة .
لمحة عن قصة الاكتشاف :
بقيت مملكة "ماري" لغزاً حضارياً بالنسبة للباحثين الآثاريين في "سورية" و"بلاد الرافدين" وإن الرقم الأثرية التي عثروا عليها في الممالك الأخرى، كانت تتحدث عن مدينة غاية بالروعة والجمال والإبداع المعماري في المنطقة دون أن تحدد موقعها.
وأتت المفاجأة الكبرى للآثاريين عام 1932 لدى اكتشاف بعض البدو عن طريق المصادفة لتمثال متعبد لدى قيامهم بحفر قبر لأحد موتاهم في "تل الحريري" الواقع على بعد 11 كيلو متراً شمال غربي مدينة "البوكمال" على الحدود "السورية- العراقية"، وسمي التمثال تمثال "كوبان" نسبة إلى الضابط "الفرنسي" الذي أشرف على إخراجه، لتكون بذلك بداية كشف لغز مملكة "ماري"، الذي حمل لواءه الخبير الفرنسي "أندريه بار" بين عامي 1933حتى عام 1979 لتتوجه أنظار العالم إلى "ماري" كاكتشاف هام في عالم الآثار، حيث توالى توافد البعثات الأثرية إلى الموقع و لم ينته التنقيب لكنه توقف بسبب الظروف الراهنة في سورية .
الموسيقى ومراحل تطورها من خلال أرشيف ماري :
يعتبر أغنى مصدر كتابي مؤرخ في عصر البرونز يتحدث عن الموسيقى والموسيقيين وأوضاعهم المعيشية ومدارس التدريب التي كانت تابعة للقصر وكيفية اختيار العازفين والهيكل التنظيمي للموسيقين في القصر الملكي، فالعازفات الإناث مخصصات لقسم الحريم في القصر.
كما يشير الأرشيف إلى رئيس الموسيقين ويوضح كيفية التفاهم بينه وبين كادره من الموسيقين .
الآلات الموسيقية :
عرفت ماري الآلات الموسيقية الوترية والإيقاعية والهوائية، وأهم الآلات الموسيقية المستخدمة في ماري هي آلة القيثارة ذات الأوتار التسعة وآلة القيثارة المصنوعة من خشب الصندل المغطى بالذهب، وصندوقها الصوتي المصنوع من الجلد وآلة الهارب مع الإشارة إلى أنه اكتشف في ماري تمثال يجسد مهرجين يعزفان على قيثارة .
ذكر الآرشيف الملكي أنواع آللات الموسيقية ومواد صناعتها وتأثير نوع كل مادة على صوت النغم الموسيقي، كما هو الحال في صناعة الناي من خشب الأبنوس المفضل على خشب التنوب، وفي صناعة آلة القيثارة من الجلد بعد نقعه في اللبن والحليب والقطران، ثم تلوينها، وكيفية معالجة جلد البقر لصنع الطبول.
اختيار المغنين للغناء في المعبد:
وثقت النصوص في مملكة ماري أنه يتم اختيار الصبايا والبنات للغناء في المعبد وعند البلوغ يتم إخصاء بعض المطربين بغرض منع تأثير البلوغ على صوتهم ويبقى عذبا لأرضاء الآلهة . كما هو الحال مع أقدم تمثال لمعنية في التاريخ تمثال أورنينا مغنية المعبد التي لاتزال الدراسات قائمة حول جنسها و البعض يعتقد انه يحمل دلالات جنسية ذكورية و أنثوية .
مفاجآت ماري المتنوعة :
و قد حملت ماري مفاجآت أخرى للباحثين و المؤرخين ، ففيها كانت أول غرفة تجارة في التاريخ وتحمل اسم "كاروم" من الجذر "كار" ويعني المهنة، وفيها أول مؤسسات اجتماعية لرعاية الفقراء وتدعى "موشكينوم" أي المساكين. وكانت مملكة "ماري" تنتج عشرة أنواع من العطور تصنعها ورشات بمقدار /600/ ليتر شهرياً، وتنتج /11/ نوعاً من الزيوت التي تقوم بتصديرها إلى أنحاء المعمورة المعروفة آنذاك.
لمحة عن أهم المساهمات السورية في الموسيقى في التاريخ :
أهم ابتكار موسيقي قدمه السوريون للحضارة الإنسانية يتمثل في أقدم نوطة موسيقية كاملة منقوشة على رقيم فخاري يحتوي أربعة أبيات شعر مدونة بالكتابة المسمارية الحورية يليها ستة أسطر مدونة بالكتابة المسمارية الأكادية فيها أسماء الأبعاد الموسيقية البابلية عثر عليها أثناء حملات التنقيب في خرائب مملكة أوغاريت في محافظة اللاذقية في الفترة الواقعة ما بين 1950 و1955 وتؤرخ بعصر البرونز الحديث بالقرن الرابع عشر قبل الميلاد.
لقراءة مقالنا عن أنشودة العبادة الأوغاريتية من هنا
ولقراءة مقالنا عن الموسيقار والباحث السوري راؤول فيتالي الذي ترجم الرقم الحاوي لأول تدوين موسيقي في التاريخ من هنا
إن التماثيل الأثرية والنصوص المسمارية المكتشفة في موقع رأس شمرا الأثري تشير إلى استخدام الناي والقيثارة والطبل والكنارة أو الرباب والصنج والمصافق من العاج أو الخشب وهي قطع صغيرة مجوفة أسطوانية الشكل تربط في الأصابع وتقرع الواحدة بالأخرى.
لقد عرفت سورية قديماً نوعين من آلة العود الأول العود طويل العنق والثاني العود قصير العنق مبيناً أنه تم اكتشاف منحوت في موقع جرابلس الأثري شمال سورية على الحدود السورية والتركية يصور عازف عود وعازف مجوز وراقصا يؤكد أن السوريين قد صنعوا عوداً بثلاثة أوتار ما يوضح أن صناعة الآلات الموسيقية في سورية في مطلع الألف الأول الميلادي ازداد انتشارها .
المراجع :
محمود السيد جامعة دمشق
علي أبو عساف/ فنون المماليك القديمة في سورية
اضاءات على كنوز المتحف الموطني
"مملكة ماري وفق أحدث المكتشفات الأثرية2900 -1760ق.م" للدكتور:بشار خليف
د. سلطان محيسن 1994