البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي
نظام غذائي مثالي لمورثاتك
نظامك الغذائي ليس مجرد طعام، يمكن لما تأكله أن يعطي معلومات قيّمة عنك وعن مورثاتك والعلاقة بينهما. و إتباع نظام غذائي على أساس نمطك الوراثي، أو ما يسمى بالمورثات الغذائية، يمكن أن يكون له تأثير كبير على الحد من الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي كالسمنة وأمراض القلب و السكري من النمط الثاني، ولكن ؟؟!
أظهرت دراسة جديدة أنّ الأنظمة الغذائية المصممة بالاعتماد على مورثاتنا لن تكون مقبولة للعامة إلّا بإعداد تشريعات صارمة تضمن حماية معلومات الحمض النووي DNA الخاص بنا.
كما قدّم رسم الخارطة الوراثية للجينوم البشري عام 2000 إمكانية مايسمى الطب الشخصي، بما في ذلك التغذية الشخصية والمورثات الغذائية nutrigenomics (دراسة العلاقة بين الغذاء والتعبير
المورثي). بقيادة جامعة نيوكاسل، بدأ مشروع Food4Me الممول من الاتحاد الأوروبي ب 9 مليون يورو التحقيق في ما يمكن تحقيقه عبر المورثات الغذائية nutrigenomics، وهو فرع جديد نسبياً من علوم التغذية الذي يتناول تأثير الطعام المتناول على سلوك مورثتانا.
يستطيع الخبراء أخذ فكرة عن عمرك وجنسك ومؤشر كتلة جسمك BMI، ونشاطك البدني . ولكن وباستخدام الحمض النووي DNA الخاص بك، يستطيعون أيضاً معرفة الطريقة التي تتفاعل بها مورثاتك مع الطعام الذي تأكله. وهذا بدوره يمكّنهم من وضع خطة غذائية مفصّلة لك وأكثر ملائمة لاحتياجاتك .
الأبحاث مستمرة، وتقترح المؤشرات أنّ التكنولوجيا الجديدة توفر أداة حيوية لمكافحة الأمراض المرتبطة بأسلوب الحياة كأمراض القلب والسمنة والسكري من النمط الثاني.
مع ذلك، أشار فريق الدراسة في جامعة نيوكاسل التي نشرت في مجلة PLOS ONE إلى أنّ تردد الناس بتسليم بياناتهم الوراثية الشخصية يحول دون تطبيق النظام الغذائي الشخصي، رغم الفوائد الصحية لهذا المجال.
استجوب فريق الدراسة 9,381 مشارك من تسع دول أوروبية (ألمانيا، اليونان، ايرلندا، بولندا، البرتغال، اسبانيا، هولندا، النرويج، والمملكة المتحدة) للتحقق من العوامل النفسية التي تؤثر على رغبة الناس بإتباع خطة النظام الغذائي الشخصي. فوجدوا أنّ حماية المعلومات الوراثية للمشاركين كانت عاملاً محدداً رئيسياً. خاصة حيث توجد شركات قليلة تقدم هذه الخدمة، وغالباً ما تعمل هذه الشركات على أسس تجارية. شرحت البروفسورة لين فريوير Lynn Frewer قائدة الدراسة وأستاذة التغذية والمجتمع في كلية الزراعة والغذاء وتنمية المناطق الريفية في جامعة نيوكاسل ما يلي: "هناك افتراض سائد لدى كثير من المجتمعات أنّ الناس لا تحب المجازفة بالتكنولوجيا الغذائية الحديثة كالأغذية المعدلة وراثياً وعلم المورثات الغذائية مثلاً، لكن وجدنا عكس ذلك. حيث وجدنا أنّ الأشخاص الذين سألناهم كانوا مدركين حقاً لفوائد هذا النهج، لكنهم لم يقتنعوا بعد أنّ ذلك يستحق مخاطرة تسليم بيانات عن حمضهم النووي." لعلم المورثات الغذائية القدرة على أن يلعب دوراً مهماً في حربنا ضد الأمراض المتعلقة بنمط الحياة، خصوصا إذا أصبح ضمن الخدمات الصحية المتوافرة للجميع.
يساهم عادة سوء التغذية بحدوث العديد من الأمراض، حيث تشير التقديرات إلى أنّ 80% من أسباب أمراض القلب، والسكتة الدماغية، ومرض السكري من النمط الثاني تعود لنمط غذائي سيء. كما يمكن تجنّب 40% من السرطانات بتحسين نمط الحياة بشكل عام، ومنه تلك العوامل المتعلقة بالنظام الغذائي. أضف أنّ الاستعداد الفردي لأمراض معينة متفاوت حسب المورثات سيلعب دوراً رئيسياً وبالتالي يؤثر على ما يشكل النظام الغذائي المثالي للفرد.
التوصيات الغذائية الحالية لمعدلات الدسم والسكر والكحول وغيرها مبنية على أرقام وسطية وتعمل بشكل جيد، لكنها تبقى مؤشرات فقط. وضّحت البروفسورة لين فريوير المشكلة بأنّ كل فرد متميز عن الآخر، فمثلاً قدرة امرأة على استقلاب السكر مختلفة بشكل كبير عن امرأة أخرى بنفس العمر والطول والوزن والنشاط البدني. يكمن الفرق هنا في مورثاتهم، حيث يمكننا -باستعمال المورثات الغذائية- الغوص عميقاً في هذخ الاختلافات وتفصيل خطط غذائية لكل فرد . ذلك مثير حقاً ويحتاج في المقام الأول لتشريعات واضحة ليكون له تأثير على الصحة العامة.
ماذا عنك، هل يمكنك التبرع بخريطتك الوراثية لصالح نظام غذائي فريد خاص بك؟!
المصدر: هنا
الصورة: هنا