الفيزياء والفلك > فيزياء
اسحق نيوتن (1643- 1727): فيسلوف وعالم رياضيات وأحد أعظم الفيزيائيين على الاطلاق
ولد اسحق نيوتن في 4 كانون الثاني 1643 حسب التقويم الجديد في ريف لينكولنشاير بانكلترا بعد وفاة والده بثلاث أشهر. وعندما كان في الثالثة تزوجت والدته مرة ثانية وبقي نيوتن برعاية جدته.
تعلم في مدرسة الملك في غرانثام مابين الثانية عشرة والسابعة عشرة ولكن والدته اخرجته من المدرسة بعد وفاة زوجها الثاني على أمل أن يعمل اسحق الشاب كوالده في مجال الزراعة وهو الأمر الذي كرهه اسحق. ولكن هنري ستوكس احد المدرسين اقنع الأم بالسماح لولدها باكمال تعليمه حيث أصبح أكثر التلاميذ تفوقا.
عام 1661 قبل نيوتن في جامعة ترينتي بكامبريدج بمنحة مقابل عمله في الجامعة نفسها حيث كان منهاج الجامعة مستندا إلى تعاليم أرسطو والتي دعمها نيوتن بأعمال الفلاسفة المعاصرين مثل ديكارت والفلكيين أمثال كوبرنيكوس وكبلر وغاليلو. كما اكتشف وعمم نظريته عن ثنائيات الحد في الرياضيات وبدأ بتطوير الأفكار الرياضيات التي أصبحت لاحقا تعرف لاحقا بالحساب التفاضلي والتي تنسب عادة لنيوتن من جهة وغوتفريد لايبنيتز من جهة ثانية برغم الجدل التاريخي المتداول بمن فيهما أحق بنسب وضع علم التفاضل إليه.
بعد أن حصل نيوتن على شهادته أغلقت الجامعة مؤقتا عام 1665 احتياطيا بسبب الطاعون الكبير الذي انتشر حينها. واستغل نيوتن فترة اغلاق الجامعة لعامين في تطوير نظرياته عن التفاضل وعلم البصريات وقانون الجاذبية. ففي مجال البصريات درس نيوتن تحلل الضوء الأبيض بواسطة الموشور والعدسات إلى الوان الطيف وبين أن ذلك يسبب مشكلة في عمل التلسكوبات التي تستخدم العدسات فقط ولذلك صمم وصنع أول تلسكوب عاكس يستخدم المرآة لاستقبال الضوء.وقد اعتقد نيوتن في السنوات اللاحقة أن الضوء يتكون من جسيمات صغيرة دقيقة تنتشر في الوسط المحيط ولكن نجاح فرضية أن الضوء يتألف من امواج في تفسير ظواهر الانعراج وتداخل الضوء أدت لصرف النظر عن ما افترضه نيوتن.
في عام 1667 عاد نيوتن لكامبريدج بمنصب زمالة حيث كان يستلزم ذلك وسمه ككاهن وهو ما شكل معضلة لدى نيوتن بسبب ارائه المختلفة وشكوكه الخاصة حول جوهر الأفكار الدينية فهو لما يكن يؤمن تماما بحسب عدة مؤرخين بقدسية الثالوث او باعتبار المسيح إلهاً ولكنه أخفى معتقداته لدرجة أن المؤرخين والأكاديميين حتى اليوم لازالو يكتشفون امورا جديدة في تفاصيل معتقداته. وبرغم أن توسيمه ككاهن كان من الممكن تأجيله برزت تلك المشكلة بشكل أكبر عندما اختير نيوتن لمنصب أكاديمي مرموق وهو الكرسي اللوكاسي في الرياضيات ( نسبة إلى هنري لوكاس، والذي شغله من بعده عدة فيزيائيين ورياضيين بارزين ايضا مثل بول ديراك وستيفن هوكينغ) وبما أن وصية هنري لوكاس اشترطت أن لا يكون شاغل الكرسي عضوا فاعلا في الكنيسة فقد اعفي نيوتن من مراسم تنصيبه ككاهن بأمر من الملك تشارلز الثاني.
عام 1679 استكمل نيوتن عمله في الميكانيك السماوي حيث كان يعتقد قبل ذلك ان القوانين التي تصف الطبيعة على الأرض غير القوانين التي تصف حركة الأجسام في السماء. فبين أن ما افترضه كبلر سابقا من أن مدارات الكواكب هي اهليلجية يمكن تفسيره بأن الكواكب تتأثر بقوة تتجه نحو الشمس وتتعلق بمربع المسافة بين الكواكب والشمس معززا أيضا بذلك فكرة كوبرنيكوس وكبلر من أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية. وفي الخامس من تموز 1687 نشر نيوتن تحفته العلمية الأشهر على الاطلاق: المبادئ الرياضية لفلسفة الطبيعة، والذي طرح فيه قانونه في الجاذبية بين الاجسام على الأرض وكذلك مابين الأجسام في السماء موحدا مابين علم حركة الاجسام الأرضية والسماوية. كذلك طرح قوانينه الثلاثة في الحركة والتي كانت اساسا لفهم اسس الحركة وبالتالي تصميم الالات التي أدت لاحقا لانطلاق حقيقي للثورة الصناعية.
في ايامه الاخيرة استقر نيوتن في منزله في كرانبيري بارك بونتشستر حتى وفاته عام 1727 أثناء نومه. ودفن في كاتدرائية ويستمنستر ذات المكان الذي ينصب فيه ملوك وملكات انكلترا منذ الف عام. ولم يتزوج نيوتن أو يرتبط اطلاقا.
برغم توليه العديد من المناصب لاحقا سواء كعضو في البرلمان عن جامعة كامبريدج أو تعيينه كمأمور دار سكّ العملة الملكية ورئيس للجمعية الملكية عام 1703 ولاحقا منحه لقب فارس من قبل الملكة آن عام 1705 فإن ذلك لايعد شيئا مقارنة بما قدمه نيوتن للعلم والفكر. حيث أرست اعماله ما بدأه غاليليو قبله في امكانية وصف الطبيعة بقوانين محددة يمكن دراستها واستنتاجها والاعتماد عليه في تفسير وحساب الظواهر بدقة متناهية. وقد استمرت أفكاره و مبادئه الفيزيائية كحجر الأساس في فهمنا للطبيعة لأكثر من 200 عام دون أي تعديل جوهري عليها. فاعتبره جوزف لاغرانج اعظم عبقري على الاطلاق كما احتفظ البرت اينشتاين بصورة نيوتن في مكتبه بجانب صورة فارادي وماكسويل دون غيرهم لاعتقاده بأثرهم العظيم على تقدم الأفكار الفيزيائية.
وبرغم الاسهامات العميقة لنيوتن في فهمنا للطبيعة فذلك لم يغيرمن تواضعه شيئا، ففي احدى الرسائل الشهيرة التي ارسلها لزميله روبرت هوك قال نيوتن "إن استطعت أن أرى أبعد فذلك لأنني وقفت على اكتاف العمالقة".
بعض المصادر:
لشرح أوسع عن افكار نيوتن وقوانين الحركة مقالنا السابق: هنا