الفيزياء والفلك > فيزياء
كيف يوزع سانتا كلوز هدايا عيد الميلاد في ليلة واحدة فقط؟
ليلة واحدة فقط ليست بالوقت الكافي لإيصال الهدايا إلى قرابة ملياري طفل حول العالم؛ لكن يمكن أن يمتد ذلك الوقت إلى 48 ساعة باستغلال الوقت المكتسب في الانتقال بين المناطق الزمنية للكرة الأرضية ببدء توزيع الهدايا تمامًا عند خط التاريخ الدولي* والاتجاه غرباً. بوجود قرابة 7 مليارات شخص تعدادًا عالميًّا، فإذا عددنا أن عدد أفراد العائلة وسطيًّا هو 4 أفراد سيحتاج سانتا كلوز إلى إيصال الهدايا إلى 10،000 منزل في الثانية لكي يضمن إنجاز العمل خلال 48 ساعة.
فعلى سبيل المقارنة، خدمة البريد الأمريكية توصل قرابة 170 مليار طرد بريدي في السنة؛ أي أكثر بقليل من 5000 طرد في الثانية،على مدى الإثني عشر شهرًا، وذلك بفضل جهود 600،000 موظف وامتلاكهم لأكبر أسطول من الآليات في العالم. في حين يتكون طاقم توزيع سانتا منه هو فقط وعدة غزلان رنّة، لذا إن كان عليه أن يوزع كل هذه الهدايا فإنه سيحتاج إلى أن يسافر بسرعات ستسبب باحتراق مجموعة الرنات بسبب الاحتكاك كما لو أنهم شهب تخترق الغلاف الجوي. لكن هل سيستطيع إنجاز المَهمة باستخدام أحد أعظم نظريات الفيزياء في القرن العشرين: النسبية وميكانيك الكم؟
-النسبية:
في نظريته النسبية الخاصة أوضح ألبرت أينشتاين أن الزمن يمر بمعدلات مختلفة نسبيًّا لكل متحرك بالنسبة إلى الآخر، ولكن هذه ليست بفكرة جيدة لأن مزلقة سانتا لا تزال سوف تحترق إذا تحركت بهذه السرعة -هذا إن بقيت في المدار الارضي أصلًا- ولكن حقول الجاذبية تحني الزمكان ؛ أي إن الساعات تمر أبطأ كلما اقتربنا إلى مركز كتلة أكبر، فهل ستستطيع جاذبية الأرض أن تساعد؟ على الأغلب حتى لو أردنا مضاعفة وقت التوصيل الحالي سنحتاج إلى أن تكون كتلة الأرض أكبر بـ 1000 مرة من الشمس وإذا كانت الأرض بهذا الثقل ولكن بحجمها الحالي فإن ذلك سيؤدي إلى انهيارها إلى ثقب أسود؛ لكن إن لم يكن هناك طرائق طبيعية لاستغلال خواص الزمكان سيكون باستطاعة سانتا أن يصمم واحدة خصيصًا له؛ إذ إنه في عام 1994 اكتشف فيزيائي اسمه "ميغيل الكابييرا" من جامعة "كارديف" حلًّا عن طريق النسبية العامة وكان مشابهًا تقريبًا لطريقة الانتقال في فيلم "ستار تريك"، وذلك عن طريق تضييق حقل الزمكان أمام العربة وتوسيعه خلفها، عندها سيستطيع سانتا وغزلان الرنة الخاصة به السفر بسرعات عالية جدًّا بالنسبة إلى الأرض، في حين لا يزالون ثابتين في "فقاعتهم المكانية"، لكن المشكلة هنا أن تحقيق ذلك سيتطلب استهلاك كميات هائلة من الطاقة، أكثر من الطاقة الموجودة في الكون المرصود بأكمله مليارات المرات.
-ميكانيك الكم:
يوفّر ميكانيك الكم أيضًا إمكانية نقل الأشياء إلى مسافات بعيدة في زمن قليل جدًّا، مما قد يوفر على سانتا عناء الطيران أصلًا.
ولأن موقعهم لا يكون في نقطة معينة بل هي موجة منتشرة في الفضاء، تستطيع الجسيمات أحيانًا الانتقال "نفقيًّا" عن طريق حواجز-تبعًا للميكانيك التقليدي- لا يجب أن تكون قادرة على اجتيازها أصلًا.
ومجددًا، على افتراض أن سانتا يعرف كيفية فعل ذلك (فهو في النهاية يعرف متى تكون نائمًا ومتى تكون مستيقظًا ، وإن كنت ولدًا صالحًا أو مشاغبًا)، فإن استخدام هذه الخاصية سيحتاج كميات طاقة أكبر مما يمكننا أن تخيل، ولا نقصد بذلك أنه لا يملك كميات طاقة كافية تحت تصرفه لكنها كذلك ليست وسيلة الحل الأنجع لمشكلة التوصيل.
-مسابر فون نيومان:
لربما مشكلة التوصيل تستطيع أن تتبنى حلًّا كان في الأساس موضوعًا خطةَ استكشاف للفضاء.
الفيزيائي "فون نيومان" اقترح صنع مركبة فضائية وإرسالها إلى نظام شمسي آخر بحيث تكون مبرمجة على صنع نسخ أخرى من نفسها من المواد الخام التي تجدها هناك، ومن ثم ستسافر المركبات الأخرى إلى مسافات أبعد في الفضاء وإلى مجموعات شمسية أخرى مما سيزيد بنحو كبير حجم الفضاء الذي سنستطيع استكشافه.
كذلك وبنحو مماثل نستطيع أن نُرسل عربة سانتا إلى كل قارة؛ إذ تستنسخ نفسها هناك وتنطلق النسخ مستنسخة نفسها حتى تُغطَّى كل بلد وكل مدينة وكل حي في العالم. لكن، هناك كمية محدودة من المصادر الطبيعية التي يمكن استخدامها لتحويلها إلى مواد أخرى، وستستهلك الكثير من الوقت أصلًا، سيضطر سانتا إلى تحويل العناصر من شكل إلى آخر ثم يعيد تجميعها بالنحو المناسب لتصبح اللُعب والهدايا المطلوبة -لربما باستخدام النانوتيكنولوجي-.
أيًّا كانت الطريقة المُستخدمة لتوصيل الهدايا إلى مليارات البيوت، فإنه بات واضحًا أن الأب الروحي لعيد الميلاد متطور تيكنولوجيًّا أكثر منا بكثير، أو لربما هو فقط يستخدم البريد.
*خط التاريخ الدولي هو خط وهمي ومنه يبدأ اليوم من الجهة الغربية وينتهي من الجهة الشرقية للخط، يُنصّف الخط المحيط الهادئ إلى نصفين شرقي وغربي ، وعلى كل مسافر يعبر هذا الخط شرقًا أو غربًا تعديل التاريخ واليوم.
المصدر: