الفيزياء والفلك > علم الفلك
قصة النجوم (1)
النجوم هي كرات عملاقة مضيئة من البلازما (غاز مؤين ). يوجد المليارات منها في مجرة درب التبانة. كما يوجد المليارات من المجرات في الكون. وحتى الآن نعلم أن المئات من هذه النجوم لها كواكب تدور حولها. لكن كيف تشكلت النجوم وماهي طرق تطورها هذا ماسنتحدث عنه في هذا المقال.
لعبت النجوم دوراً مهماً في الأديان المختلفة، منذ بداية نشوء الحضارات. كما كان لها دوراً بارز في الملاحة.و مع اختراع التلسكوب واكتشاف قوانين الحركة والجاذبية في القرن السابع عشر اكتشف البشر أن كل النجوم تشبه شمسنا، وتخضع لنفس القوانين الفيزيائية.في القرن التاسع العاشر، مع تطور تقنيات التصوير والرصد الطيفي(دراسة الأطوال الموجية للضوء الصادر عن الأجرام)، أصبح من الممكن دراسة تركيب النجوم وحركتها من مسافات بعيدة، وبناء على هذه الأفكار تطور العلم المسمى اليوم بالفيزياء الفلكية. في عام 1937 تم بناء أول تلسكوب راديوي ماسمح لعلماء الفلك من دراسة الاشعاع غير المرئي من النجوم. وفي عام 1990 تم اطلاق أول تلسكوب فضائي بصري وهو تلسكوب هابل الفضائي، موفراً أكثر المشاهد عمقاً وتفصيلاً للكون في مجال الضوء المرئي.
تشكل النجوم:
يتطور النجم من سحابة دوارة عملاقة، تتألف في معظمها من الهيدروجين والهيليوم. تنهار السحابة على نفسها تحت تأثير جاذبيتها، وكلما تقلص حجمها تدور بسرعة أكبر، لتتخذ الأجزاء الخارجية هيئة القرص. بينما تأخذ الأجزاء الأعمق شكل كتلة كروية تقريباً. تصبح هذه المادة المنهارة أكثر حرارة وكثافة لتشكل ما يسمى بـ protostar نجم أولي كروي الشكل. عندما يزداد الضغط في داخل الـ protostar، وتصل درجة الحرارة فيه إلى قرابة الـ 1مليون درجة مئوية تندمج النوى الذرية التي عادةً ما تتنافر عن بعضها البعض ويشتعل النجم. يحول الإندماج النووي كتلة صغيرة من هذه الذرات إلى طاقة هائلة، فعلى سبيل المثال، غرام واحد من هذه الذرات يتحول إلى طاقة تماثل الطاقة الناتجة عن انفجار 22 ألف طن من مادة الـ TNT .
تطور النجوم:
إن دورة حياة النجم تتبع أنماطاً معينة تعتمد بشكل أساسيّ على كتلة النجم الداخلية. وتتضمن ،النجوم متوسطة الكتلة كشمسنا ،بكتلة تتراوح من نصف الى 8 مرات كتلة الشمس،نجوم كبيرة الكتلة أكثر بـ 8 مرات من كتلة شمسنا، ونجوم صغيرة الكتلة تتراوح كتلتها من عشر الى نصف كتلة شمسنا.وعموماً كلما زادت كتلة النجم، كلما قصرت دورة حياته. أما الأجسام التي تكون كتلتها أقل من عشر كتلة الشمس فهي لا تستطيع الوصول إلى مرحلة توليد الطاقة عن طريق تفاعلات الإندماج النووي، وتصبح فيما بعد أقزاماً بنية.
النجوم المتوسطة الكتلة تبدأ بسحابة تستغرق حوالي 100،000 سنة لتنهار وتشكل نجم بدائي مع درجة حرارة سطح تساوي تقريباً 3،750 درجة مئوية. بعد أن يبدأ الاندماج الهيدروجيني،سينتج نجم T-Tauri، وهو نجم متغير ذو سطوع متذبذب. يستمر هذا النجم في الانهيار لمدة 10 مليون سنة حتى يتوازن توسعه نتيجة الطاقة المتولدة عن الاندماج النووي مع انكماشه نتيجة الجاذبية، بعد هذه النقطة يصبح نجم النسق الرئيسي main-sequence وهي نجوم تأخذ طاقاتها من دمج ذرات الهيدروجين في نواته لتشكل ذرات الهيليوم . وكلما زادت كتلة النجم يستهلك طاقة نووية أكبر. وبعد أن يتم اندماج كل ذرات الهدروجين الموجودة في قلب النجم وتتحول إلى ذرات هيليوم، تطرأ تغيرات سريعة على بنية النجم، حيث تسحق الجاذبية مادة النجم، لينهار على نفسه، مما يؤدي إلى زيادة حرارة النجم. ينجم عن ذلك لاحقاً تضخم وتبرد الطبقات الخارجية من النجم ليتحول إلى ما يدعى بالعملاق الأحمر. تبدأ بعدها ذرات الهيليوم بالإندماج بالتالي ستزيدة حرارة باطن النجم مما يؤدي مجدداً إلى زيادة حجم النجم، ولكن يصبح النجم عندها يومض باللون الأزرق. تتبدد بعدها القشور الخارجية المتمددة والمكونة من الغاز، ليبقى باطن النجم المكون في الغالب من الكربون والأكسجين والذي يتمتع بحرارة ابتدائية تقارب المئة ألف درجة مئوية، وهذا ما يعرف بالقزم الأبيض. بما أن الأقزام البيضاء لا تحتوي على وقود كاف لتفاعلات الإندماج النووي، تزداد برودتها مع مرور الوقت لتصبح بعد فترة ما يدعى بالأقزام السوداء خافتة جداً لايمكن كشفها.
تولد النجوم ذات الكتل الكبيرة وتموت بسرعة. تتشكل هذه النجوم من ال protostar في فترات تتراوح بين 10،000 و100،000 سنة فقط. وعندما تصل الى مرحلة النسق الرئيسي تكون حارة جداً وتعطي ضوءاً أزرق يكون سطوعه أكبر بـ 1000 إلى مليون مرة من سطوع شمسنا. وعندما يستنفذ وقودها النووي تتحول إلى عملاق أحمر حار بما فيه الكفاية لدمج ذرات الكربون وتحويله لعناصر أثقل. بعد حوالي 10 آلاف سنة من هذا الإندماج يتحول باطن النجم إلى قلب حديديّ يبلغ اتساعة حوالي 6 آلاف كيلومتر. والنجم سيموت لأن أي اندماج اضافي سيستهلك طاقة بدلاً من أن يحررها،بما أن أي اشعاع نووي لن يستطيع مقاومة قوة الجاذبية. عندما تكون كتل النجوم ضخمة جداً، أكثر من كتلة شمسنا بـ1.4 مرة لا يستطيع ضغط الالكترونات أن يحمي نواة النجم من الإنهيار، وهذا ما يؤدي لحدوث السوبرنوفا. تسبب الجاذبية انهيار النواة فترتفع درجة حرارتها إلى حوالي 100 مليار درجة مئوية، محولة الحديد إلى نترونات ونترينوات. خلال ثانية واحدة تتقلص النواة إلى عرض أقل من 10 كيلومترات وترتد النواة مثل كرة من المطاط تم عصرها فينتج عن ذلك موجة صدم هائلة تؤدي إلى حدوث اندماج نووي في الطبقات الخارجية من النواة. ينفجر بعدها النجم ليشكل ما يدعى سوبرنوفا(مستعر أعظم) من النوع الثاني.يتطور النجم بعدها وفق حالتين:
- إذا كانت كتلة النواة المتبقية أقل من 3 أضعاف كتلة الشمس: يتحول النجم إلى نجم نيتروني، مصنوع بالمعظم من النترونات لتفاصيل أكثر هنا .
- إذا كانت كتلة النواة المتبقية أكبر من 3 أضعاف كتلة الشمس: لا يوجد عندها أي قوة تستطيع مقاومة الجاذبية الهائلة، فينهار النجم ليشكل ثقباً أسوداً.
أما النجوم صغيرة الكتلة فهي تستهلك الطاقة الهيدروجينية ببطء شديد، فتستطيع المحافظة على حياتها لفترات تتراوح بين 100 مليار وترليون(ألف مليار) سنة. وبما أن عمر الكون 13.7 مليار سنة فإنه لم يمت حتى الآن أي نجم صغير الكتلة. يتوقع الفلكيون بأنه داخل هذه النجوم والمعروفة بإسم القزم الأحمر لا يحصل اندماج سوى لنوى الهيدروجين فقط ، هذا يعني لن تصبح عملاقاً أحمر أبداً، وإنما سوف تبرد لتنتهي كأقزام بيضاء ومن ثم أقزام سوداء.
النجوم الثنائية والمتعددة:
على الرغم من أن نظامنا الشمسي يحتوي على نجم وحيد، تحتوي الكثير من الأنظمة الأخرى على نجمين أو أكثر تدور حول بعضهما.في الحقيقة، فقط ثلث عدد النجوم الكلي هي نجوم فردية كشمسنا، فيما يكون ثلثا عدد النجوم الكلي على شكل ثنائيات أو أكثر .تتشكل النجوم الثنائية عندما يتطور نجمان في مرحلة الـ نجم البدائي protostar بقرب بعضهما. فيؤثر أحد هذين النجمين على الآخر إذا كانا قريبين بما فيه الكفاية، ويحدث تجريد للكتلة في عملية تسمى بتناقل الكتلة. إذا كان أحد هذين النجمين نجم عملاق سيخلف في نهاية الأمر نجم نتروني أو ثقب أسود حيث تزداد حرارة المادة المنتقلة من بقايا النجم المرافق لتصل إلى قرابة 555 ألف درجة مئوية لتطلق عندها أشعة سينية، ويسمى الثنائي النجمي عندها يثنائي الأشعة السينية. اذا احتوى الثنائي على قزم أبيض، فإن الغاز المسحوب الى سطح القزم الأبيض ويكون من الهيدروجين يندمج بشكل عنيف في ومضة تدعى نوفا ممكن في بعض الأحيان اذا ما تراكم غاز كاف أن ينهار القزم، مسبباً اندماج الكربون على الفور وينفجر القزم في سوبرنوفا من النوع الأول والتي من الممكن أن تضيء المجرة لعدة أشهر.
يظهر في الصورة ثنائي أشعة سينية (NASA/CXC/M)
مصدر الصورة: هنا