الفنون البصرية > فن وتراث
سلفادور دالي، الجنون المُقترن بالعبقرية
اشتُهر سالفادور دالي بمهارتِه كرسّامٍ وخيالِه الواسع، وجمَعَ في شخصِهِ احترامَ التقاليد، ثباتَ الإرادةِ والمثابرة،مما شكل دافعاً لروحِه المبدعةِ كي تستمرَّ في العطاء.كما تميّز بشاربه الكبير والذي كان بمثابة علامة تجارية خاصّة به.
لقد أبدع سلفادور خلال مسيرته المهنية الطويلة أعمالاً استثنائيةً مذهلةً، وكانت حياتُه خيرُ مثالٍ على قدرةِ الإنسان ليكون مُبدِعاً في جميعِ جوانب حياتِهِ.
كما كانت بلدتُه الأم بمناظرها المختلفة حاضرةً باستمرارٍ في رسوماتِه، حتى أصبحت جزءاً من مخيّلتهِ وأحلامه.
ولِد دالي في الحادي عشر من أيار/مايو عام 1904 في بلدة فيغيرس بأسبانيا.
ووفقاً لما كتبَه دالي في سيرتِه الذاتية فقد كانت طفولته مليئةً بنوبات الغضب تجاه والديه وزملاء دراسته، ونتيجةً لذلك فقد تلقّى معاملةً قاسيةً منهم.
كما أنّه كان يصدّق ما سمعه من والديه بأنَه تقمّص روحَ شقيقِه الذي توفيَ رضيعاً قبل تسعة أشهرٍ من ولادة دالي.
كان دالي طفلاً متّقد الذهن، يرسم لوحاتٍ تنمّ عن نضج فكريّ سابق لعمرِه .وقد درس في معهد الأخوة المريميين في فيغيريس.
في عام 1921 أقنع والده بقدرتِهِ على استثمار فنّه وموهبته ليصبحان مصدر دخلٍ له، فسمَح له بالذهاب إلى مدريد ليدرس الرسم هناك.
تأثر دالي بشدة بأعمال الفنان الإيطالي جيورجيو دي تشيريكو الحالِمة، كما كانت له تجربته الخاصّة بالرسم التكعيبي.
وبعد سنوات تمَّ سجنه لفترة قصيرة بسبب نشاطاتٍ سياسيةٍ معارضةٍ للحكومة وانتهى به المطاف أن طُرد من مدرسة الفنون عام 1925.
أمّا أسلوبه الشخصي في الرسم فقد رأى النور حين أخذَ دالي بترجمة مواضيعَ غريبةٍ من عالم أحلامه إلى لوحاتٍ بأسلوبٍ دقيقٍ للغاية.
حيث كان يعتني كثيراً بكل تفصيلٍ في لوحاته التي تضمنّت مواضيعَ شديدةَ التمايزِ والاختلاف عن بعضها، وغالباً ما كان يرسم كلاً منها في مساحة تبدو مائلةً للأعلى.
وبينما استخدم الألوان الباهتةَ لتغطي الأجزاء الكبيرة من اللوحة فقد عمدَ إلى رسمِ الأشياء الصغيرةَ بألوانٍ مشرقةٍ زاهية.
كما أن أسلوبه الشخصي في الرسم يكشف الستارَ عن عددٍ من الأمور التي كانت ذات تأثيرٍ وسطوةٍ عليهِ، لعلّ أقواها وأكثرها وضوحاً كانَ ارتباطُه بالسريالية.
آمنَ الفنانون السرياليون بالحريّةِ الفنيةِ والسياسيةِ من أجل تحرير المخيّلة وإطلاق العنان لها.
وقد تجلّى اتصالُ دالي الأول بالحركة السريالية عبر مشاهدتِه للوحاتٍ تنتمي لهذه الحركة، ثم من خلالِ لقاءاته مع فنانين سرياليين مثل بابلو بيكاسو وخوان ميرو حين زار باريس عام 1928.
كان عام 1929م محطة ذات أهميّة بالغةٍ في حياة دالي حيث انضم للحركة السريالية ليصبح أبرز عضو فيها وأكثرهم إثارة للجدل، كما قابلَ غالا إلوارد Gala Eluard ، والتي أصبحت لاحقاً زوجتَه، مصدر إلهامه، نموذجه الدائمَ للرسم وهوسه مدى الحياة.
إضافةً لما سبق فقد أبدع دالي بعض أروع لوحاته في ذلك العام.
في بداية الثلاثينات بدأ الكثير من السرياليين ينفصلون عن الحركة السريالية لإحساسهم بأن الفعلَ السياسي المباشر يجب أن يسبقَ أية ثورةٍ فنيةٍ.
وقد روّج دالي أسلوبَ النقد الارتيابي كطريقة لتجنب وجوب اخضاعِ العالم سياسياً.
حيث كانَ يشعر بأنّ استخدام رؤيته الخاصة في تلوينِ الواقع تبعاً لميولِهِ الشخصية يجعلُ من التغيير الفعلي للعالم أمراً غير ضروريّ.
يعني "أسلوب النقد الارتيابي" أن دالي درّب نفسه على امتلاك القوة للنظر إلى شيءٍ ما ورؤية شيء آخر في بصيرته.
وذلك لم ينطبق فقط على الرسم، بل شملَ نواحٍ عدّة حيث كان باستطاعةِ دالي أن عنى أن يأخذ أسطورةً مفسَّرةً بطريقةٍ معيّنةٍ ويفرض عليها أفكاره الشخصية.
انفصل دالي عن الحركة السريالية عام 1939. وهاجر من أوروبا مع زوجته غالا عام 1940 ليقضيا أعوام الحرب في الولايات المتحدة حيث عدل استراتجيّته تجاه الفن، موثّقاً صلته بالفنِّ التقليدي بعد أن نبذ الفن الحديث.
استمرّ دالي بتحقيق النجاحاتِ الباهرةِ في الرسم كما في الكتابة وتصميم المسارح والأفلام، لكن جديّته كفنان كانت موضع تساؤلٍ دائم.إذ اتخذ موقفاً قوياً وثابتاً ضد الفن التجريدي (غير الواقعي) وبدأ برسم مواضيع كاثوليكيّة بنفس الأسلوب الدقيق الذي سبق وأن كرّسَهُ في رسمِ أحلامه وكوابيسه.
ثم عاد دالي مع غالا إلى أسبانيا عام 1947، وبعد ذلك قضيَا وقتهما بين أوروبا والولايات المتحدة.
عرض دالي الكثير من أعماله عام 1983 في متحفِ الفن المعاصر في مدريد، مما زادَ من شهرته في إسبانيا حتى نالَ استحسان وثناءَ الأسرة الحاكمة الإسبانية وكبار جامعي الأعمال الفنية حول العالم.
قضى دالي سنواته الأخيرة مُنعزلاً في متحفه بعد أن سلبَ الموتُ منه زوجتَه وسلبَ معها رغبته في الحياة حتى كاد يموت جفافاً، وبعد عام 1984 قيّد إلى كرسيّ متحرك إثر إصابته جرّاء حريق نشبَ في منزلهِ.
توفي سالفادور دالي في الثالث والعشرين من كانون الثاني/يناير عام 1989 في فيغيريس. تاركاً إرثاً فنياً نال الكثير من الإعجاب و كانَ محطَ الكثير من النقد والجدل.
من أقواله:
"أولئك الذين يرفضون تقليد أي شيء عادةً ما ينتجون لا شيء"
" إن كل رسام جيد يريد أن يكون مبدعاً وينجز لوحات رائعة ، عليه أولاً أن يتزوج زوجتي "
=======================================
من لوحاته:
Figure at a Window، 1925
شخص عند النافذة
Still Life by Moonlight، 1926
حياة ساكنة مع ضوء القمر
The Persistence of Memory، 1931
إصرار الذاكرة
The Disintegration of the Persistence of Memory
تحطم إصرار الذاكرة
Self-Portrait (Photomontage with the famous 'Mao-Marilyn' that Philippe Halsman created at Dali's wish)، 1972
بورتريه ذاتي (عدلها فيليب هالسمان بإضافة صورة شهيرة لـ "وجه مارلين مونرو مع رأس ماو تستونغ" بناء على رغبة دالي)
فيديو:
Walt Disney's & Salvador Dali –Destino
القدر - فيلم قصير لوالت ديزني وسالفادور دالي
المصدر: