الطب > موسوعة الأمراض الشائعة
السكري من النمط الثاني ... كيف تقي نفسك منه؟
يعاني مرضى السكري من مشكلة في تنظيم مستوى السكر في دمهم، إذ يصل السكر أحياناً إلى مستويات عالية جدًا، وهذا المستوى العالي من السكر أو الغلوكوز في الدم قد يتسبب بالكثير من الاختلاطات (المضاعفات)، فمثلاً يرفع داء السكري احتمال الإصابة بأمراض القلب، وفقدان البصر (بسبب اعتلال الشبكية السكري) وبتر الأعضاء (خاصة الأطراف السفلية) واضطرابات أخرى كثيرة.
لداء السكري أنماط أشهرها السكري من النمط الثاني، ولحسن الحظ يمكن منع حدوثه (أو تأخيره) على الأقل بمجرد اتخاذ بضع خطوات.
يعتبر السكري من الأمراض الشائعة جداً ، فهو يصيب شخصاً واحداً من بين كل عشرة أشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية (يقارب عددهم الـ 29 مليون أمريكي)، أما في عالمنا العربي فنفتقر لإحصائيات دقيقة عن مدى انتشار هذا المرض ولكن يمكننا أخذ فكرة عن ذلك بسؤال كل منا نفسه عن عدد معارفه الذين يعانون منه.
وفي الحقيقة لا يهمنا عدد المصابين كثيراً بقدر ما يهمنا معرفة الأشخاص الذين يعانون من الأعراض التي تسبق الإصابة بالسكري ، وهي ما نسميه "مقدمات السكري" Prediabetes ، فهؤلاء الأشخاص (غير العرَضيين عادة) على خطورة عالية للإصابة بالسكري من النمط الثاني أو الأمراض القلبية أو السكتات الدماغية Stroke، لذلك يتم التركيز على مقدمات السكري للوقاية من الإصابة بهذا المرض. فبإمكان الفرد تجنب الإصابة بالسكري أو بمقدمات السكري من خلال تناول وجبات صحية مع ممارسة التمارين الرياضية وخسارة الوزن الزائد.
ولكن أين تكمن المشكلة الأساسية عند مرضى السكري ؟ ولماذا يرتفع عندهم سكر الدم إلى مستويات عالية؟
تكمن المشكلة في هرمون الإنسولين Insulin ، فعند هضم الطعام يتم تحويله واستقلابه إلى سكر الغلوكوز وجزيئات أخرى تصل إلى مجرى الدم ، وعند ارتفاع مستويات السكر في الدم يتم إفراز الإنسولين من البنكرياس، حيث يقوم بتنبيه الخلايا فيسمح لها بإدخال السكر واستخدامه كأحد مصادر الطاقة، وهذا ما يحدث عند الشخص الطبيعي.
أما عند مرضى السكري فالمشكلة تكمن في تنبيه الإنسولين للخلايا (حيث تصبح الخلايا أقل حساسية تجاه الإنسولين وأكثر مقاومة له، وهذا يؤدي إلى عدم دخول السكر إلى الخلايا وبالتالي سيبقى في الدم وترتفع مستوياته أكثر)، أو أن إنتاج الإنسولين عند هؤلاء المرضى ليس بالقدر الكافي لخفض مستويات السكر ، وفي كلتا الحالتين سيرتفع مستوى السكر في الدم ويسبب الاختلاطات الخطيرة.
يتحكم بالسكري العديد من العوامل ، منها ما لا يمكننا تغييره أو التأثير عليه (كالعوامل الجينية والوراثية ، القصة العائلية للإصابة بالسكري ، بعض السلالات أو الأعراق أو الإثنيات) ومنها ما يمكننا التأثير عليه (كالوزن الزائد والبدانة والنشاط الفيزيائي والحمية الغذائية). ومن هنا يمكن أن نقلل من خطر الإصابة بالسكري من خلال السيطرة على هذه العوامل.
لقد كان الأطباء على معرفة بأن البدانة تزيد من خطر الإصابة بالسكري، ولكن لم يكونوا على علم ما إذا كان لخفض الوزن دور في الوقاية أم لا، ولذلك قاموا بدراسة شملت أكثر من 3000 مشارك ممن لديهم فرط في الوزن و مقدمات السكري، تم توزيعهم عشوائيًّا لـ 3 مجموعات:
• المجموعة الأولى كانت تركز على تعديل نمط الحياة، كخفض كمية السعرات الحرارية المتناولة وزيادة التمارين الرياضية، إذ كان يهدف أعضاؤها لخفض أوزانهم بمقدار 7% على الأقل والقيام بتمارين رياضية لمدة لا تقل عن 150 دقيقة أسبوعياً.
• أما المجموعة الثانية فأُعطيَت عقار الميتفورمين Metformin (أحد أشهر الأدوية المستخدمة في علاج السكري، والمعروف باسم الغلوكوفاج) بالإضافة إلى تقديم نصائح في خفض الوزن و ممارسة الرياضة.
(وهاتان المجموعتان تمثلان مجموعة الحالات Cases، المصطلح الإحصائي المعروف).
• أما المجموعة الثالثة (المجموعة الضابطة أو مجموعة الشواهد Controls) فقد أعطيت عقاراً خالياً من المادة الفعالة (غُفل أو Placebo) إضافة إلى تقديم نصائح في خفض الوزن وممارسة الرياضة.
بعد 3 سنوات وجد الباحثون انخفاضاً في معدل الإصابة بالسكري لدى المجموعة الأولى بمقدار 58% (بعد أن نجح 38% منهم تقريباً في الوصول والمحافظة على الوزن المطلوب والتزام 58% منهم بـ 150 دقيقة من التمارين الأسبوعية).
كما انخفض معدل الإصابة لدى المجموعة الثانية (مجموعة الميتفورين) بمقدار 31% مقارنة بالمجموعة الضابطة.
في متابعة الدراسة وبعد عشر سنوات، استمرت كلتا المجموعتين في خفض نسب إصابتهم بالسكري: حيث تأخرت إصابة المجموعة الأولى 4 سنوات، والمجموعة الثانية سنتين مقارنة بالمجموعة الثالثة.
وكما توضح الدراسة، فإن تعديل نمط النظام الغذائي مع قليل من التمارين الرياضية يمكن أن يكون ذا تأثير واقٍ من السكري من النمط الثاني.
لذا يوصي الخبراء بتقليل كميات السعرات الحرارية التي نتناولها. ولخفض الوزن يلزمنا أن نخفض كميات السعرات المتناولة إلى مستوى معين بحيث يكون معدل ما تحرقه أجسامنا من السعرات أكثر مما نتناوله منها، كما يوصون بـ 150 دقيقة من التمارين أسبوعياً، ما يعني 30 دقيقة يومياً لـ 5 أيام في الأسبوع.
كما يوصي الدكتور ديفيد ناثان (مدير الدراسة) بأن يتم فحص من هم فوق الـ 45 سنة بانتظام لكشف ما إذا كان لديهم أي مشاكل في انتظام السكر في دمهم، وكذا كل من يعانون من أمراض قلبية أو من ارتفاع في الضغط أو نسبة عالية من الكوليسترول في دمهم، كذلك النساء ممن عانين من السكر الحملي (ارتفاع سكر الحامل فوق معدله الطبيعي خصوصًا في الأشهر الستة الأخيرة) .
ولمزيد من الاطلاع عن مرض السكري يمكنكم مراجعة مقالنا السابق:
المصدر:
مصدر الصورة: