التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
البلوغ لدى الإناث والذكور ... مراحله والتغيرات المرافقة
البلوغ:
هو تلك المرحلة التي تُشير إلى حدوث مجموعة من التغيّرات النفسيّة والفيزيولوجيّة التي تطرأ على جسم الطفل ليصبح بالغاً راشداً قادراً على التكاثر. وتترافق هذه المرحلة مع العديد من الأسئلة التي تلح على الإناث والذكور حين ملاحظة التغيرات، وهنا على الأهل أن يقوموا بتجهيز أبنائهم جيداً لهذه المرحلة والإجابة على أسئلتهم وعدم تركهم عرضة للمعلومات الخاطئة التي قد يتلقونها في أوساطهم الاجتماعية كالزملاء في المدرسة مثلاً. لقراءة مقالنا عن بعض الأسئلة التي قد يطرحها الأطفال والاجابات المقترحة لها من هنا وللموبايل من هنا
غالباً ما تبلغ الإناث في عمر الـ 8-14 سنة ووسطياً بعمر 11 سنة وبذلك يبلغن قبل الذكور الذين يبلغون بين الـ 9-14 من عمرهم ووسطياً بعمر 12 سنة.
التغيرات الهرمونية العصبية:
إن عملية البلوغ هي عملية ناجمة عن التناغم في عمل عدة أعضاء هامة في الجسم والاتساق ما بين عمل هرمونات الوطاء والغدة النخامية والغدد الجنسية (الخصيتين عند الذكور والمبيضين عند الإناث) كما وتلعب الغدة الكظرية دوراً هاماً في إنتاج الهرمونات الجنسية.
بالنسبة للذكور فإن الهرمون الجنسي الأساسي هو الأندروجين أو ما يُدعى بالتستسترون، ويتم إنتاج كميات ضئيلة لاحقاً من هرمون الاستراديول (الهرمون الأنثوي) في نسج الجسم (خاصة النسيج الشحمي).
على الرغم من أن (شبّة البلوغ) عند الذكور تظهر بعد الإناث (بحوالي سنة غالباً) والتغييرات تكون أبطأ عندهم وتأخذ فترة أطول بالإضافة إلى أن الهرمونات الأنثوية تُساهم بشكل مباشر في غلق مشاش العظم فإنّ كل هذه العوامل تساعد على جعل مشاشات العظام تغلق بشكل متأخر وتمنح الذكر طولاً أكثر من الأنثى.
تُعد هرمونات النضج الجنسي لدى الإناث أكثر تعقيداً من الذكور، الهرمونات الستيروئيديّة (المنشّطة) الأساسيّة لدى الإناث هي التستوسترون، الاستراديول (الاستروجين)، والبروجسترون، وكذلك البرولاكتين الذي يلعب دوراً فيزيولوجيّاً هامّاً في مرحلة البلوغ.
يبدأ توليد الستروئيدات التناسلية لدى الإناث بإنتاج هرمون التستوسترون ولكنّه سرعان ما يتحوّل إلى استراديول داخل المبايض. حيث يبدأ تحوّل التستوسترون إلى استراديول (بقيادة هرمونات الغدة النخاميّةFSH و LH) خلال الفترة المبكرة من البلوغ ، الأمر الّذي يؤدي بدوره إلى تباين بين أنماط نمو العلامات الجنسية الثانوية.
إنّ إنتاج البروجسترون في المبيضين يبدأ مع تطوّر الدورة المبيضيّة (الدورة الشهرية) لدى الإناث (في طور الجسم الأصفر)، قبل البلوغ يتم إنتاج مستويات منخفصة من البروجسترون في الغدّة الكظريّة لدى الإناث والذكور.
مراحل البلوغ:
مرحلة البلوغ لدى الأنثى:
عادةً ما تبدأ مرحلة البلوغ لدى الأنثى بين سن 8 - 14 عاماً، تبلغ بعض الفتيات اللواتي يعانين من السمنة في وقتٍ مبكّر، بينما يتأخّر البلوغ لدى الفتيات النحيفات واللواتي يمارسن التمرينات الرياضية بشكلٍ مستمر.
في هذه المرحلة يتحوّل جسم الفتاة إلى جسم إمرأة بشكلٍ تدريجي، حيث يصبح قادراً على إطلاق الهرمونات لتحفيز المبيضين على بدء إنتاج هرمون الاستروجين.
في حال بلغت الأنثى 15 عاماً من عمرها وكان نموّ الثديّين واضحاً ولم يحدث لديها طمث وكذلك إذا لم تظهر أي علامة من علامات البلوغ في عمر ال 14؛ فإنّ عليها مراجعة الطبيب للتأكّد من أنّ كل شيءٍ على ما يرام .
التغيّرات التي تطرأ على الأنثى في مرحلة البلوغ:
العلامات الأساسية:
تسلسل العلامات الدالة على البلوغ هي كالتالي: تبرعم الثديين> ظهور شعر العانة >ظهور شعر الإبط > حدوث النزيف وأول دورة شهرية.
• حدوث الطمث لأول مرة: يحدث الطمث لأوّل مرة لدى معظم الفتيات في سن 12- 13، بعد نمو الثديين، يحدث في الأيام الثلاثة الأولى نزفٌ غزير وبعد يومين أو أربعة أيام يصبح النزف أقل (حسب طبيعة كلّ فتاة).
تحدث آلام الطمث نتيجة انقباض عضلات الرحم عند الانتاج المتزايد للهرمونات أثناءها.
سنتكلّم بشكلٍ تفصيلي عن الطمث من الناحية النفسية والفيزيولوجيّة لاحقاً.
شكل الجسم:
• ازدياد الطول والوزن: يبدأ ذلك في سن التاسعة، يحدث ذلك قبل 6 أشهر من البلوغ؛ حيث تبدأ الأطراف بالنمو أوّلاً ثمّ ينمو بعدها الجذع. تكتسب بعض الفتيات الوزن، حيث تزداد دهون الجسم أعلى الذراعين والفخذين والجزء العلوي من الظهر، تكبرمنطقة الورك وتصبح أكثر استدارة، بينما تصبح منطقة الخصر أضيق.
• نمو الثديين: يعدّ نمو الثديين مؤشٌّراً مبكّراً لبلوغ الأنثى، من الممكن أن يحدث قبل سن التاسعة لبعض الفتيات بينما يتأخّر لدى الأخريات. ويستمر الثديان بالنمو حتى سن 17 - 18 أو ربما حتى سن ال 20.
تبدلات الأشعار:
• ظهور الشعر في عدّة مناطق من الجسم: ضمن هذه المرحلة أيضاً يبدأ نمو الشعر في عدّة مناطق من الجسم كالإبط والعانة وقد يظهر بشكل كثيف وقاتم على الذراعين والفخذين، من الممكن أن يظهر القليل من الشعر فوق الشفة العليا.
أما في حال ظهور الشعر في الذقن أو الصدر؛ فيجب عليكِ مراجعة الطبيب، فقد يكون هناك خللٌ هرموني ما.
مفرزات الجسم:
• الإفرازات المهبلية: في هذه المرحلة تُلاحظ الأنثى وجود سائل أبيض لزج، يحافظ هذا السائل على رطوبة المهبل ونظافته، تصبح هذه المفرزات أكثر سماكة ولزوجة خلال فترة الطمث.
• تحتوي هذه المفرزات على رائحة طفيفة؛ ولكن في حال كانت الرائحة قويّة، أو لوحظ تغيّر في لونها لأصفر قاتم أو أصبح مخضرّاً، أو سبّب وجودها حكّة وتهيّجاً؛ ففي هذه الحالة يجب مراجعة الطبيب فربما يكون لديكِ إلتهابات مهبليّة.
رائحة الجسم وحب الشباب:
إنّ ارتفاع مستويات الاندروجين تُغيّر من نسبة الأحماض الدهنيّة التي تدخل في تركيب العرق، مما يؤدّي إلى ظهور رائحة جسم قويّة. أما بالنسبة للفتيات، فإن للاندروجين تأثيراً آخر ألا وهو حدوث إفراز متزايد لمادة الزهم (وهي مادة شحمية تُفرز من الجلد) الناتجة عن كميّات متغيّرة من حب الشباب.
لا يمكن الحد من ظهوره أو القضاء عليه بسهولة، ولكنّه عادةً ما يقل بشكل كامل عند انتهاء البلوغ. بطبيعة الحال، إن ظهور حب الشباب لدى البالغين هو نوبة عرضيّة لجسمٍ قد اكتمل نموّه، تكون هذه النوبة للبالغين أقلّ حدّةً من المراهقين.
يرغب بعض الشباب باستخدام المراهم والوصفات الطبيّة للحد من انتشاره، يعود ذلك في حقيقة الأمر إلى الصعوبات النفسية والعاطفية إضافة إلى ما قد يسّببه من ندبات شكلية.
التغييرات الجسمانية عند الذكور
العلامات الأساسية:
إن أول علامة للبلوغ عند الذكور هي زيادة حجم الخصيتين حوالي سنة قبل البلوغ ويستمر الحجم بالزيادة حتى يصل إلى ما يقارب أكبر حجم له حوالي السنة السادسة بعد البلوغ.
العلامة الثانية هي زيادة طول القضيب ومن ثم زيادة عرضه.
وظيفة الخصية الأساسية هي إنتاج هرمونات الذكورة (التستسرون) وإنتاج النطاف.
خلال مرحلة البلوغ فإن كيس الصفن عند الذكور سوف يصبح أكبر في الحجم وسيهبط إلى الأسفل مبتعداً عن الجسم لأن الوظيفة الأساسية له هي إبقاء الخصيتين أبرد من حرارة الجسم من أجل إنتاج النطاف.
تبدلات الأشعار:
شعر العانة:
يبدأ شعر العانة بالظهور بعد فترة قليلة من بدء كبر حجم الأعضاء التناسلية. يبدأ الشعر بالظهور بشكل قليل ويستمر بالانتشار حتى يملأ منطقة المثلث العاني ويصل إلى الشكل البالغ حيث يصل إلى الفخذين وباتجاه السرة.
شعر الجسم وشعر الوجه:
خلال الفترة ما بعد ظهور شعر العانة من عدة شهور وحتى سنوات لاحقاً يبدأ ظهور الشعر في أماكن الجلد التي تستجيب إلى هرمونات الذكورة وتشمل عادة:
شعر الإبط - شعر الشارب - شعر السالفين - شعر الذقن - الشعر حول هالة الثدي - الشعر حول فتحة الشرج.
أما بالنسبة لشعر الجسم واليدين والقدمين والظهر فتصبح أكثر كثافة بالتدريج.
هناك تفاوت كبير في درجات الشعرانية عند الذكور ويختلف ما بين الأعراق.
تغيرات الصوت وتفاحة آدم:
تسبب الأندروجينات نمو الحنجرة والحبال الصوتية لدى الجنسين ويكون هذا النمو واضحاً بشكل أكبر لدى الذكور مسبباً زيادة ثخانة وعمق الصوت لديهم، وتسبق هذه العلامة ظهور شعر الوجه بعدة شهور إلى سنوات.
شكل الجسم والعضلات:
عند نهاية البلوغ لدى الذكور؛ تكون العظام أثقل إضافةً لنمو الهيكل العضلي إلى الضعف، بعض العظام تنمو بشكل غير متناسق (مثل عظام الفك والكتف)، بالنتيجة يُلاحظ وجود اختلاف كبير في الشكل بين الذكور والإناث.
يبلغ معدّل كتلة الجسم النحيل لدى الرجال 150% مقارنةً بالنساء، بينما تبلغ نسبة دهون الجسم لديهم نحو 50%.
تتطور العضلات بشكل أساسي خلال الأطوار النهائية من البلوغ، كما يستمر نمو العضلة حتى بعد اكتمال البلوغ البيولوجي.
هذا النمو يبلغ القمة أو ما يدعى بشبة القوة (معدل نمو العضلات) حوالي سنة واحدة بعد مرور الذكر بذروة النمو الطبيعي لديه.
يتطوّر نمو العضلات بشكل رئيسي ضمن مراحل لاحقة من البلوغ، ويمكن أن يستمرّ نمو العضلات حتى بعد اكتمال نمو الجسم بيولوجيّا.
التثدّي عند الذكور:
يحدث عند نسبة من الذكور وغالباً حوالي سن الثالثة عشر من العمر ظهور كتلة في الثدي أو ما يدعى بالتثدي قد يكون في جانب وحيد أو في الجانبين وهذا أمر طبيعي ويتراجع بشكل عفوي.
غالباً ما تتوضّع طبقات الدهون ضمن نسيج الثدي والحلمتين لدى الرجال خلال مرحلة البلوغ، وأحياناً؛ يحدث ذلك في ثدي واحد بشكل خاص، عندما يصبح أكثر وضوحاً يُسمّى بظاهرة التثدّي، وهي عبارة عن ظاهرة مؤقّتة.
رائحة الجسم وحب الشباب:
• حب الشباب: الرؤوس البيضاء، الرؤوس السوداء، البثور؛ جميعها تنتج عن ارتفاع في الهرمونات….
متى يحدث البلوغ؟
تعريف بدء البلوغ يعتمد على عدة عوامل منها الفيزيائية ومنها العصبية والهرمونية وخاصة تغيرات وظائف الأعضاء التناسلية.
يتغير سن بدء البلوغ بين الأشخاص ويتراوح عادة ما بين سن 9-14 سنة ووسطياً 12 سنة، ويتأثر هذا العمر بعوامل جينية وبيئية كحالة التغذية والظروف الاجتماعية والعِرق.
بعد سن الرابعة عشر عند الإناث وسن الخامسة عشر عند الذكور فإن عدم ظهور آثار البلوغ حالة تستحق المراجعة الطبية وتتراوح أسباب تأخر البلوغ بين عدة حالات طبية أهمها نقص الحاثات الجنسية المفرزة من النخامى والاضطرابات الصبغية والوراثية.
صورة لمقياس Tanner الذي يعتمد لتحديد مرحلة البلوغ عن الإناث والذكور.
العوامل المؤثرة على البلوغ:
الانزياح التاريخي:
إن السن المتوسط للبلوغ هبط بشكل ملحوظ منذ القرن الثامن عشر وأطلق الدكتور تانر على هذه الظاهرة اسمthe secular trend حيث لوحظ وجود هبوط السن الوسطي للبلوغ لدى الإناث.
يعتقد العلماء أن هذه الظاهرة مرتبطة بالبدانة والتعرض للمواد الكيماوية في الأغذية وهذا ما يعرض الفتيات ذوات البلوغ المبكر إلى خطر أعلى من حدوث سرطان الثدي.
تأثير التغذية:
إن العوامل الغذائية هي العوامل البيئية الأكثر تأثيراً على وقت البلوغ، وتكون الحساسية للتداخل الغذائي أعلى عند الفتيات (حيث يجب أن يحصلن على جميع العوامل الغذائية الكافية عند الحمل من أجل الجنين).
الحريرات الزائدة عن حاجة الجسم للنمو والنشاطات يتم تخزينها في شحوم الجسم وهذا ما سيبعث برسالة إلى الدماغ أن الجسم يملك الموارد الكافية لبدء عملية البلوغ والإخصاب.
معظم الدلائل تشير إلى أنه وفي القرون الأخيرة فإن اختلاف المواد الغذائية كان مسؤولاً عن التغير في توقيت بدء البلوغ عند التعدادات السكانية المختلفة وحتى بين الطبقات الاجتماعية في التعداد السكاني نفسه.
زيادة البدانة عند الأطفال أدت إلى هبوط سن بدء البلوغ وعلى الرغم من أن زيادة الحريرات تلعب الدورالأساسي في التأثير على البلوغ فإن نوع الطعام الذي يتناوله الأطفال يؤثر أيضاً حيث أن الحمية الغنية بالألياف (لدى النباتيين) ترتبط ببطء عملية البلوغ وتأخرها عند الإناث.
تأثير البدانة والتمارين:
ربط العلماء بين البلوغ المبكر والبدانة عند الإناث حيث كانت السبب في ظهور برعم الثدي قبل سن التاسعة من العمر وحدوث الدورة الطمثية قبل السنة الثانية عشرة من العمر، الأمر الذي قد يؤهب إلى مشاكل صحية لاحقة عندهن.
النسيج الشحمي يقوم بانتاج بروتين يدعى الليبتين Leptin حيث يستهدف هذا الهرمون الوطاء Hypothalamus ويقوم بإخبار الدماغ بكمية الشحم في الجسم للتحكم بالشهية واستقلاب الطاقة. وهو الهرمون الذي يلعب دوراً تعزيزياً هاماً في البلوغ لدى الأنثى ويسبب لنا حدوث البلوغ المبكر.
معدل التمارين اليومي قد يحدث أيضاً تأثيره على سن البلوغ وخاصة عند الإناث حيث ترتبط الدرجة العالية من التمارين (عند الرياضيات أو عند الفتيات اللواتي لديهن أهداف تتعلق بشكل الجسم) سوف يقوم بإبطاء عملية البلوغ حيث يلاحظ تأثير التمارين في انخفاض كتلة شحوم الجسم وانخفاض معدل الكولسترول.
وفي الأسبوع القادم سنتابع الحديث عن البلوغ وسنتناول مشاكله وخصوصاً البلوغ المبكر والبلوغ المتأخر.
المصادر:
Oxford Handbook of Clinical Specialties. 9th Edition. 2013. Oxford University Press. p.248-250
Gordon، Catharine M.; Laufer، MR (2005). "Chapter 4: Physiology of puberty"
Clayton PE، Trueman JA; Trueman (2000). "Leptin and puberty". Archives of Disease in Childhood 83
Rosenfield، Robert L. (2002). "Chapter 16: Female puberty and its disorders"
Plant TM، Lee PA، eds. The Neurobiology of Puberty. Bristol: Society for Endocrinology
Tanner JM، Davies PS (1985). "Clinical longitudinal standards for height and height velocity for North American children